المشهد اليمني الأول/
أعلن ترامب عن بنود صفقة القرن، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، قائلاً أن “إسرائيل تتخذ اليوم خطوة كبيرة نحو السلام”، متوجهاً بالشكر لكل من الإمارات وعُمان والبحرين على مشاركتهم في هذا الإعلان.
ودعا ترامب جميع سفراء الدول العربية للحضور إلى البيت الأبيض، لمناقشة” صفقة القرن” معه. من جهتها دعت الرئاسة الفلسطينية جميع السفراء العرب والمسلمين إلى مقاطعة مراسم إعلان”صفقة القرن” الأمريكية للسلام مع إسرائيل.
ونشر ترامب خريطة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وفق خطة السلام لتسوية الصراع في الشرق الأوسط والتي أعلنها أمس الثلاثاء، وأوضحت الخريطة قضم أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية وإضافتها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م.
ومنعت السفارة الأمريكية في الكيان الإسرائيلي، موظفيها من زيارة البلدة القديمة في القدس خاصة منطقة المسجد الأقصى والضفة الغربية، بعد الكشف عن تفاصيل “صفقة القرن”. كما دعت رعاياها إلى تجنب الأماكن المكتظة وأماكن تواجد مجموعات كبيرة من قوات الأمن والشرطة الإسرائيلية، وحثتهم على مراعاة توصياتها هذه.
السفير الأمريكي في فلسطين المحتلة “دايفيد فريدمان” قال إن صفقة القرن ستمنح نحو 30 % من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل، وإنه لا يفترض بإسرائيل الانتظار للبدء في ضم الأراضي، فيما يقول وزير أمن الكيان الإسرائيلي “نفتالي بينت” إنه لن يسمح بأن تعترف حكومة إسرائيل بدولة فلسطينية أياً تكن الظروف، ووزير إسرائيلي آخر يعتبر أن حق العودة سيُلغى إلى الأبد.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال في الكيان الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، أن “صفقة القرن” التي وضعها ترامب، مسار واقعي لسلام مستدام. وقال: “حسب صفقة القرن الفلسطينيون سيعترفون بإسرائيل كدولة يهودية وسنسيطر على غور الأردن وسيتم نزع سلاح حماس في غزة واللاجئين ستحل قضيتهم خارج حدود “إسرائيل” وستبقى القدس عاصمتنا الموحدة.
وعلّق رئيس الكيان الإسرائيلي على حضور سفراء البحرين وعُمان والإمارات لمراسم الإعلان عن “صفقة القرن” بالقول إنه “مؤشر إيجابي لخطة السلام في الشرق الأوسط”.
– مواقف الأعراب الإنبطاحية ومواقف مؤيدة
السعودية شجعت “البدء في مفاوضات مباشرة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت رعاية أمريكية ومعالجة أي خلافات حول أي من جوانب الخطة من خلال المفاوضات، وذلك من أجل الدفع بعملية السلام قدما للوصول إلى اتفاق”.
بدورها أشادت الإمارات بالجهود الأمريكية المتواصلة الرامية إلى التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
فيما قدرت مصر “الجهود المتواصلة التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي”.
بدورها أكدت الأردن أن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب إسرائيل، وفق حل الدولتين.
فيما أعربت قطر عن تقديرها لمساعي الإدارة الأمريكية الحالية لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، طالما كان ذلك في إطار الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وانتقدت الجامعة العربية “الأسلوب الأحادي” الذي يتم من خلاله فرض خطة السلام الأمريكية، مشددةً على أن الإعلان عن صفقة حقيقية تتسم بالجدية والتوازن، لا يمكن أن يتحقق سوى بالتفاوض بين الطرفين المعنيين، وبـ”وساطة نزيهة”، وأكدت أن محاولة فرض أية حلول بالطريقة الحالية التي يتم فيها فرض “صفقة القرن” على الفلسطينيين والعرب، “لن يُكتب لها النجاح”.
وأعلنت الجامعة العربية عقد اجتماعا طارئا لمناقشة خطة السلام في الشرق الأوسط المعدة من قبل ترامب، والمعروفة باسم “صفقة القرن”.
وأعلن متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط “قد تكون خطوة إيجابية للأمام”.
فيما رحبت فرنسا بخطة ترامب بشأن الشرق الأوسط وقالت أنها ستواصل العمل مع الشركاء الأوروبيين، لافتة أنها ستدرس بعناية خطة ترامب.
– الداخل الأمريكي متوجس
كشف السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، أن كبير مستشاري ترامب جاريد كوشنير قال إن “خطة السلام تعتبر تخلياً كاملاً عن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
وأضاف ميرفي قائلاً إن “هذه الخطة تلحق الضرر على المدى الطويل بأمن الولايات المتحدة وإسرائيل معاً، وهذه الخطة تم التفاوض عليها مع الاسرائيليين فقط وبالتالي ليست خطة سلام على الإطلاق”، موضحاً بأن “السلام يمكن أن يتحقق فقط عبر اتفاق بين إسرائيل والشعب الفلسطيني”.
وتابع السيناتور الديمقراطي قائلاً إن “الضم الأحادي الجانب لغور الأردن والمستوطنات القائمة التي تعتبر غير قانونية بموجب القوانين الأمريكية والدولية، تعطّل أي عملية سلام ممكنة لعقود قادمة”.
– ردود فعل متباينة
قالت الأمم المتحدة أنها تتعهد بمساعدة إسرائيل وفلسطين على التوصل إلى سلام قائم على قرارات المنظمة الدولية والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية ورؤية الدولتين بناء على حدود ما قبل 1967.
أما الاتحاد الأوروبي فاعتبر أن المبادرة الأمريكية للسلام توفر فرصة لإعادة إطلاق الجهود نحو حل تفاوضي قابل للتطبيق.
وفي أوسلو، أعربت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندا، عن دعم بلادها لموقف الأمم المتحدة الخاص بحل القضية الفلسطينية على أساس دولتين، مؤكدة أن هذا هو الضامن لسلام عادل ومستدام.
وفي موسكو قالت الخارجية الروسية أن اقتراحات الولايات المتحدة بشأن الشرق الأوسط هي واحدة من المبادرات وليست واشنطن من يتخذ قرار التسوية، وقالت إن واشنطن لم تطلع موسكو على تفاصيل “صفقة القرن”، مقترحا أن تنضم اللجنة الرباعية الدولية إلى مناقشة وتحليل “صفقة القرن” الأمريكية.
الخارجية الألمانية إعتبرت أن المقترح الأمريكي للسلام يثير أسئلة سيتم مناقشتها مع شركائها في الاتحاد الأوروبي
– ردود فعل منددة
إعتبر “حزب الله” اللبناني أن الإعلان يؤكد أن المقاومة،تعتبر الخيار الوحيد لتحرير الأرض واستعادة المقدسات، كما اعتبر أن الصفقة “خطوة خطيرة للغاية سيكون لها انعكاسات بالغة السوء على مستقبل المنطقة وشعوبها” و”محاولة القضاء على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والشرعية”.
بدورها إعتبرت إيران الخطة الأمريكية ستكون “كابوسا ليس فقط للمنطقة بل وللعالم”، مشددةً أن “فلسطين حق للشعب الفلسطيني، والكيان الصهيوني كيان غاصب ومحتل”. ووصفت الخطة بـ”المؤامرة الكبيرة المعادية للأمة الإسلامية”، داعية “الدول والشعوب الحرة في المنطقة والعالم للتصدي لهذه الصفقة المشؤومة”.
وفي العراق، قال عضو هيئة رئاسة مجلس النواب حسين كريم الكعبي، إن “ترامب استغل ضعف العرب وتفرّقهم ليعلن صفقته المشبوهة”، معرباً عن أسفه لحضور سفراء دول عربية في “يوم الإعلان المشؤوم”. فيما إعتبر المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني أن “القرار اساء الى مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين، ولكنه لن يغير من حقيقة ان القدس ارض محتلة يجب ان تعود الى سيادة اصحابها الفلسطينيين”.
وفي اليمن، إعتبر المتحدث باسم “أنصار الله” محمد عبد السلام، أن “صفقة ترامب عدوان أمريكي سافر على فلسطين والأمة”، لافتاً إلى أن “الصفقة ممولة سعودياً وإماراتياً لتكريس الاحتلال الإسرائيلي واجتثاث القضية الفلسطينية”. مشدداً أنه “على شعوب المنطقة أن تتحمل مسؤولية التصدي لهذا الخطر ومواجهته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة والمشروعة”.
بدورها، اعتبرت حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء أن “ما يُسمى بصفقة القرن الفاشلة اسماً ومضموناً لن تنهي القضية الفلسطينية العربية والقومية”، مؤكدة أن الصفقة ستقود إلى المزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة وخارجها وستكون لها أبعاد إقليمية ليست في مصلحة من يخطط لتصفية قضية فلسطين العادلة.
العفو الدولية قالت أن خطة ترامب تتضمن مقترحات تخرق القانون الدولي وتعزز انتزاع “إسرائيل” للحقوق الفلسطينية.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إن الخطة الأمريكية للسلام ولدت “ميتة”، مضيفة أنه “لا يمكن شراء الشعب الفلسطيني وأراضيه بالمال”، مؤكدةً أنها لن تسمح “بالخطوات الرامية لشرعنة الاحتلال والظلم الذي تمارسه إسرائيل”.
– إصطفاف الداخل الفلسطيني
لأول مرة منذ سنوات، تَجمع «فتح»، ورئيسها، محمود عباس، الفصائل كافة في اجتماع قيادي في رام الله. شاركت كل من «الجهاد الإسلامي»، و«حماس» التي دعيت إلى الجلسة بصورة علنية في خطوة ثمّنتها، مؤكدة حضور ممثليها على رغم أن الدعوة لم تأتِ بمخاطبة رسمية، بل جرى الاتصال بأشخاص محددين.
وأعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رفضه لـ”صفقة القرن”، واصفا إياها بـ “مؤامرة لن تمر”. مشدداً على أن “القدس ليست للبيع، وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة.
ودعت «حماس» عباس إلى «حمل الراية وتوحيد الشعب الفلسطيني ومقاتلة ومواجهة الاحتلال معاً»، مؤكدة أن «بنادقها وجماهيرها مقدمة لإسقاط الصفقة».
واعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة أن صفقة القرن لا تستهدف الشعب الفلسطيني فقط، وأن هذه الخطة المؤامرة تفرض أمامنا تحدياً كبيراً يستوجب منا تغيير منهجنا في التعامل مع كل شيء، داعياً الشعب الفلسطيني وقواه السياسية وفصائله المقاتلة لأخذ زمام المبادرة ومغادرة الخلافات والأوهام
فيما دعت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» إلى «تحويل قرارات الاجتماع الوطني إلى إجراءات عملية تتلاءم مع توقعات الشارع الفلسطيني والعربي، وليس مجرد قرارات كما حدث سابقاً».
وطالب نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد، الجامعة العربية بطرد من حضر إعلان ترامب. مشدداً على أن المطلوب من كل العرب دعم الموقف الموحد الفلسطيني ورفض صفقة القرن، مؤكداً أن لدى الشعب الفلسطيني الإمكانات لمواجهة الجرائم التي ترتكب بحقه.
من جهته، قال المسؤول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال، إن “إعلان ترامب لا علاقة له بالسلام بل هو إعلان حرب”، مضيفاً أن “حق العودة هو أصل الصراع مع إسرائيل، وصفقة القرن تريد طمس الرواية الفلسطينية”.
وأوضح عضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال نزال، أن “صفقة القرن حملة انتخابية مشتركة لرجلين مأزومين”، رافضاً إعلان ترامب عن جعل القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
ودعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الشعب الفلسطيني وفصائله “لاستثمار حالة الاجماع الحاصلة، من أجل الدفع بقوة لإنهاء حالة الانقسام وتنفيذ اتفاقات المصالحة من دون تلكؤ”.
وفي غزة ومناطق في الضفة، تظاهر آلاف الفلسطينين رفضا لإعلان ترامب مطالبين بتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام لمواجهة التحديات المقبلة.
– لمحة عن الأراضي المحتلة من البداية حتى صفقة القرن
بدأت الأراضي المحتلة من فلسطين بالظهور مع ضعف الدولة العثمانية وانتهاء الحرب العالمية الأولى وتقاسم بريطانيا وفرنسا بلاد الشام بموجب إتفاقية سايكس بيكو عام 1916م، وسيطرت بريطانيا على فلسطين بموجب إتفاقية سان ريمو عام 1920م، وبموجب “وعد بلفور” 1917م بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين زادت موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحتى عام 1923م لم تتجاوز الـ3% مقابل 97% أراضي عربية تحت سيطرة الإحتلال البريطاني، ومع تزايد موجات الهجرة بدعم بريطاني في مقابل حركات مقاومة الإستعمار البريطاني والعصابات اليهودية، أنشأت بريطانيا لجنة “بيل” في عام 1937م التي إقترحت إنشاء وطن لليهود على أراضي محتلة تقدر ب33% من أرض فلسطين مع بقاء القدس تحت الإنتداب البريطاني، ورفضت فلسطين ذلك الإقتراح، كما رفض الصهاينة المقترح مستمرين بعمليات النهب وارتكاب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين، وحتى عام 1947م مع الإنسحاب البريطاني من الأراضي المحتلة أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين لدولة يهودية بمساحة 56% ودولة فلسطينية على مساحة 44% والقدس الشرقية عاصمة للعرب، ورفض الفلسطينيين القرار، في ذلك الوقت لم يسيطر الصهاينة على أكثر من 9% من أراضي فلسطين، وبعد حرب 1948م إحتل الصهاينة 78% من أراضي فلسطين وتم الإعتراف بها من بعض الدول على رأسها أمريكا، في هزيمة أطلق عليها “النكبة”، وفي عام 1967م شن الكيان حرباً أسفرت عن إحتلال كامل فلسطين وأجزاء من سوريا والأردن ولبنان ومصر، في هزيمة أطلق عليها “النكسة”، وبموجب ذلك أصدر مجلس الأمن القرار 242 القاضي بإنسحاب الكيان من الأراضي المحتلة عام 1967م، أي على المساحة المحتلة المقدرة بـ 78% مقابل 22% أراضي فلسطينية، وبموجب إتفاقية كامب ديفيد عادت سيناء المصرية لمصر مقابل إعتراف الأخيرة بالكيان، وتحرر جنوب لبنان بالمقاومة وعادت أغوار الأردن بموجب إتفاقية وادي عربة، وظل الجولان السوري لرفض سوريا الإعتراف بالكيان، ومن ذلك اليوم وحتى اليوم يطالب الأعراب بأراضي 22% بموجب قمة بيروت 2002م، ومع صفقة القرن زادت الأراضي المحتلة لتشمل القدس الشرقية و30% من أراضي الضفة المحسوبة على حدود 67 بالإضافة إلى الجولان المحتل وأغوار الأردن التي تشكل شريطاً شرقياً للضفة.
المصدر: المشهد اليمني الأول + وكالات