المشهد اليمني الأول/
بعدما فقدت مكاسبها العسكرية في نهم، شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، ومناطق واسعة في محافظتي مأرب والجوف، في خلال الأيام الماضية، استعانت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أمس، بتنظيم «داعش»، للتصعيد في جبهة قيفة الواقعة في محافظة البيضاء، تزامناً مع مواجهات عسكرية بين قوات صنعاء وقوات هادي في منطقة ذي ناعم منذ أيام.
مصدر عسكري في محافظة البيضاء أكّد تمكّن قوات الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من التصدي لزحف عسكري نفذه عناصر التنظيم، الموجودون إلى جانب قوات التحالف السعودي الإماراتي وميليشياته في منطقة قيفة. وأشار المصدر إلى أن قوات صنعاء صدّت هجوماً شنّه عناصر «داعش» في منطقة الظهرة بقيفه خلال الساعات الأولى من فجر الإثنين، واستهدفت المشاركين فيه من عناصر التنظيم بعمليات مطاردة وقتلت وجرحت عدداً منهم.
ورداً على الهجوم، نفّذت القوات اليمنية المشتركة عملية هجومية على مواقع القوات الموالية للتحالف السعودي في جبهة قانية. وأوضح مصدر عسكري في صنعاء، أن قوات الجيش و«اللجان» نفّذت عملية هجومية من مسارين، استهدفت مواقع الموالين للتحالف في جبهة قانية، وخلّفت خسائر مادية وبشرية في صفوفهم. وأشار المصدر إلى أن قوة المدفعية قصفت تجمعات تلك القوات، وهو ما ضاعف من الخسائر البشرية والمادية.
وكانت قوات الجيش و«اللجان» قد شنت هجوماً واسعاً مطلع نيسان/ أبريل من العام الماضي على مواقع تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة هادي، المتهمة من قبل حركة «أنصار الله» وحلفائها بأنها توفّر الغطاء لوجود التنظيمات التكفيرية والإرهابية في مديرية ذي ناعم الواقعة بين محافظتي مأرب والبيضاء.
وكان «داعش» أعلن الأربعاء تبنيه عملية هجومية على مواقع تابعة لقوات صنعاء، وتمكّنه من قتل عدد منهم وتدمير مدرّعة. وقالت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن عناصر الأخير هاجموا موقعاً عسكرياً تابعاً لـ«الحوثيين» في منطقة حمة البقر في قيفه بالبيضاء. وذكرت الوكالة على «تويتر» أن التنظيم في البيضاء تبنّى تفجير عبوات ناسفة، قبل يومين، بالقرب من موقع القرو العسكري التابع لقوات صنعاء في المنطقة ذاتها.
هذه التطورات ترى فيها صنعاء أدلة على محاولة جديدة من قبل حكومة هادي وحزب «التجمع اليمني للإصلاح» («الإخوان المسلمون» في اليمن) للاستعانة بالتنظيمات الإرهابية للدفاع عن مأرب خشية سقوطها، بعدما تقدّمت قوات الجيش و«اللجان» إلى مشارف المدينة في اليومين الماضيين.
في الأثناء، هاجمت طائرة أميركية من دون طيار، أمس، تحرّكات لعناصر تنظيم «القاعدة» غربي مدينة مأرب. وقالت مصادر قبلية إن طائرة أميركية من دون طيار شنّت عدداً من الغارات، استهدفت إحداها منزلاً في منطقة الحزمة كان يستخدمه قيادي في «القاعدة» يعرف بـ«قصيله»، وأدّت إلى مقتله. وقال المصدر إن القيادي المستهدف من الطائرات الأميركية سبق أن تعرّض للطرد من قبل أهالي المنطقة، مشيراً إلى أن غارة أخرى استهدفت سيارة بالقرب من محطة محروقات خارج مدينة مأرب كان يستقلها ستة من عناصر التنظيم من مرافقي القيادي المستهدف.
الغارات الأميركية الجديدة، التي كشفت هي الأخرى عن تحريك أوراق «القاعدة» و«داعش» في هذا التوقيت، جاءت بعدما رفضت قبائل مأرب مطالب «الإصلاح» ودعوات نائب الرئيس هادي، الجنرال علي محسن الأحمر، الذي وصل مدينة مأرب أمس قادماً من العاصمة السعودية الرياض، القتال في صفوفها ضد قوات صنعاء. ولطالما وجّهت «أنصار الله» وحلفاؤها في صنعاء، وكذلك «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، اتهامات يقولون إنها موثقة بالأدلة، لـ«الإصلاح» وقوات هادي، بالاستعانة بـ«القاعدة».
بين هذه الاتهامات قتال التنظيم في محافظتي أبين وشبوة ضد ميليشيات «الانتقالي». ووفقاً للمعلومات، فإن تحريك «القاعدة» و«داعش» في مأرب – البيضاء من قبل التحالف والموالين له تزامن، بحسب مصادر محلية في محافظة أبين، مع هجوم لـ«القاعدة» في المنطقة الوسطى من المحافظة، أول من أمس، على قرى ريفية في مديرية الوضيع.
في غضون ذلك، وفي الوقت الذي تراجعت فيه المواجهات في مأرب والجوف نسبياً، تصاعدت أمس غارات طائرات التحالف السعودي على نهم ومأرب والجوف، وبلغت قرابة 20 غارة. ووفق وسائل إعلام تابعة لحكومة هادي، فإن الأخيرة أصدرت أوامر لمحور بيحان العسكري التابع لها في محافظة شبوة بالتصعيد نحو البيضاء لتخفيف الضغط على قواتها في مأرب والجوف.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اليوم جلسة مغلقة، ستناقش، بحسب السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون: وقف التصعيد في نهم، وتطبيق «اتفاق الرياض» بين ميليشيات السعودية والإمارات في الجنوب، وإعادة التهدئة بين صنعاء والرياض.
(تقرير – رشيد الحداد)