إعلام العدو .. من نشوة الغرور إلى واقع الصدمة و الذهول
المشهد اليمني الأول| الشيخ عبدالمنان السنبلي
بدأت العاصفة كما يعلم الجميع بعاصفةٍ إعلاميةٍ مماثلةٍ و مواكبةٍ لها أو أشد قليلاً حتى أنها لم تدع بوقاً من الأبواق المحسوبة على قوى البغي و العدوان إلا و نفخت فيه ليبدأ كلما إرتقى منبراً من منابر العهر الإعلامي بإطلاق ما كنزت مخيلته من عبارات و مصطلحات السحق و الإقتحام و السيطرة و كذلك الإستهزاء و الإستخفاف بقدرات الشعب اليمني على المواجهة و الصمود لدرجة أن أكثر المتشائمين منهم كان يرى في إسبوعٍ واحدٍ حياةً طويلةً، ليرى فيها جنود التحالف و هم يجوبون شوارع صنعاء جيئةً و ذهابا، فالمسألة بالنسبة لهم لم تكن سوى نزهةٍ ليس إلا و ينتهي بعدها الأمر و كأن شيئاً لم يحدث .
الجيش اليمني و اللجان الشعبية في ذاكرتهم إما حرسٌ عائليٌ لا يملك لنفسه نفعاً و لا يدفع عنها ضرا و إما مجموعة قبائل جاءوا من جبال و كهوف مران و صعدة، و جميعهم لن يقوى على الصمود لساعاتٍ أمام طائرات ال F15 ‘ F16 أو مواجهة دبابات البرامز و البرادلي و طائرات الأباتشي ناهيك عن قواتٍ تم إستجلابها من عدة دولٍ متفرقات .
أما الشعب اليمني فقد كانوا يعتقدون أنه بمقدورهم أن يشتروا بالمال من يشآءون و متى يشآءون !! هكذا كانت وسائل إعلامهم تقول في بداية العاصفة، و هكذا كان الشليمي و رفاقه يُسوّقون للناس بكل ثقةٍ و إطمئنانيةٍ لا أدري من أين جاءوا بها !!
و مرت الأيام و تحولت العاصفة من عاصفة حزمٍ إلى إعادة أملٍ إلى أن وصلت اليوم إلى معركة الدفاع عن المواطن السعودي و هشتاق (صامدون) و غيره من التبريرات و الأعذار المختلقة !!
فمالذي جرى يا ترى ؟!! و مالذي أجبر متصدري الخطاب الإعلامي لدول العدوان على تغيير لهجتهم و حدتها في قراءة المعادلة من جديد، فلم يعودوا يزمجرون ويرعدون كما إعتدنا منهم ذلك ؟!!
في الواقع لقد أجبر المقاتل اليمني أولئك الحالمين ورداً أن يعترفوا به و بشجاعته و قدرته على الصمود لتتكشف بذلك أحلامهم الوردية تلك عن كوابيسٍ ما انفكت تلاحقهم و هم ينظرون إلى الواقع المرير و الأليم لهم و الذي هو في حقيقته بعيداً بعيداً جداً عن ما كان يدور في مخيلتهم من قبل.
حتى أن كبير صناديدهم في هذا المجال المدعو أحمد عسيري لم يتردد من أن يعترف في معرض إجابته على أحد الأسئلة قبل عامٍ من الآن مبرراً تأخرهم في عملية الحسم المزعوم من أنهم يواجهون عدواً شرساً و مقاتلاً متمرساً و جاء مشهد الفرار الأخير لجنود الجيش السعودي في جبهة ما وراء الحدود ليوجه ضربةً قاضيةً و صفعةً مدويةً على وجه كل إعلامي و محللي الدفع المسبق بما لم يكن يخطر لهم على بالٍ في ظل حالة النشوة و الغرور تلك التي عاشوا أجمل لحظاتها عند بدء العدوان و التي مافتئت تتلاشى تدريجياً و تتناقص حتى صحوا على واقع مشهد الفرار هذا و الذي كان أكبر من قدراتهم الذهنية و النفسية لدرجة أنه أصابهم بشئٍ من الإحباط و الذهول ألزمهم الصمت يومها و أقعدهم البيوت.
ليخرج بعدها عسيري من قمقمه و علامات الصدمة و الذهول بارزةً على محياه مهدداً كعادته و متوعداً بعاصفةٍ جديدةٍ، ليس لإعادة شرعية هادي و إنما للدفاع عن المواطن السعودي بحسبه .
هكذا إنحسر منسوب الغطرسة الإعلامية الموالية للعدوان و تلاشى شيئاً فشيئا بفعل صدق و إرادة و عزيمة المقاتل اليمني البطل الذي بصموده الإسطوري إستطاع أن يجدع انوف أولئك النفر من أشباه النساء لا الرجال، فلم نعد نرى الشليمي يطل بتنبأته و تهديداته المستهلكة.
و لا عائد المناع و لا حتى قباطي أو أيٍّ ممن يُصنفون بالصقور من ضيوف إبنة قاسم (نجوى) إلا و قد غدوا حُملانٍ وديعة باحثةً في غمرة الذهول عن الهدنة و التهدئة !!