المشهد اليمني الأول/
خلال مشاركة السلطات السعودية في العدوان على اليمن ، أنفقت مليارات الدولارات في هذه الحرب، وتجد حاليا مدنها ومطاراتها مستهدفة من جانب طائرات اليمن بدون طيار.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تعرضت منشأتين حيويتين لشركة “أرامكو” النفطية لهجوم بطائرات مسيرة أعلنت أنصار الله اليمنية مسؤوليتها عن تنفيذه، وبلغت تقديرات الخسائر ملياري ريال (533 مليون دولار).
وفي هذا الصدد، يعتقد “مايكل ستيفنز”، خبير شؤون الخليج في مركز الخدمات المتحدة الملكي في لندن، أن الحرب كانت مضرة للسعوديين ولليمن أيضا.
وقال: “الحرب لم تحقق فائدة تذكر للسعودية ومن الناحية الاستراتيجية يمكنك القول إن الرياض في وضع أضعف مما كانت عليه في عام 2015“.
وبجانب ذلك ورطت السعودية حكومات حلفائها مثل بريطانيا والولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى في مشاكل داخلية؛ بسبب تزويدهم الرياض بالأسلحة التي تستخدمها في تلك الحرب وبعضها وقع في أيدي الميليشيات.
ووفق تقارير سابقة، تضطر المملكة لتجديد ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية أو تغييرها بمبالغ طائلة، وقد اتفقت مؤخرا على شراء صواريخ “إس-400” من روسيا ومنظومة “ثاد” من الولايات المتحدة.
كما أن صواريخ الباتريوت المنشورة على نطاق واسع بمواقع عديدة من المملكة تكلف عمليات صيانتها مئات الملايين من الدولارات.
وتشير تقارير سعودية إلى أن تكلفة الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهريا، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة؛ أي أكثر من 8 مليارات دولار في 3 سنوات.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية أن عدد الطلعات الجوية التي نفذها طيرانه في اليمن بلغت أكثر من 90 ألفا، وبالتالي تكون تكاليف الضربات الجوية قد بلغت خلال عامين ما بين 7 و9 مليارات دولار؛ إذ تتراوح تكلفة الطلعة بين 84 ألفا و104 آلاف، وهي تكلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأمريكية.
ووفق مجلة “فورين بوليسي” فإن نفقات قمرين اصطناعيين للأغراض العسكرية بلغت 1.8 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى للحرب، بينما تبلغ تكلفة طائرة الإنذار المبكر “أواكس” 250 ألف دولار في الساعة، أي 1.08 مليار دولار سنويا.
وقدرت مجلة “تايمز” البريطانية تكلفة الحرب بنحو 200 مليون دولار يوميا، أي 72 مليار دولار سنويا و216 مليار دولار في 3 سنوات، بينما تشير مصادر أخرى إلى أن المبلغ أكبر بكثير.
فيما تقدر “فورين بوليسي” تكلفة الحرب بنحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط منها الصفقات العسكرية للمملكة.
وبناءً على الواقع الميداني وتعرض معظم الشركات الصناعية والتجارية في المنطقة الجنوبية لهجمات اليمنيين توقفت هذه الشركات عن العمل.
كما دفعت المواجهات إلى إخلاء نحو 10 قرى ونقل أكثر من 7000 شخص من مناطق حدودية وإغلاق أكثر من 500 مدرسة، بما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة.
كانت صحيفة “واشنطن بوست” قدرت الخسائر البشرية للمملكة في المناطق الجنوبية بنحو 2500 جندي، و60 ضابط.
وأشارت إلى أنه تم تدمير نحو 650 دبابة سعودية بمناطق نجران وجازان وعسير، ومئات العربات الأخرى.
وتمثل المعارك في هذه المحافظات الحدودية نزيفا حقيقيا للجيش السعودي، وترفع تكلفة الحرب على اليمن بمئات ملايين الدولارات، إضافة إلى أن الخسائر البشرية الكبيرة فيها تحرج بشكل كبير ولي العهد “محمد بن سلمان”، باعتبار اليمن “حربه الخاصة” التي بدأها عندما تسلم منصبه وزيرا للدفاع.
وهذا الاستنزاف المستمر في الحد الجنوبي للسعودية أو في اليمن نفسه رفع بشكل كبير من موازنة التسلح السعودية وجعلها الزبون الأول عالميا؛ حيث أبرمت العام الماضي صفقة شراء أسلحة مع واشنطن بقيمة 100 مليار دولار وقد تصل إلى 350 مليار دولار خلال 10 سنوات، وصفقات أخرى مع فرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
وتستنزف الخسائر العسكرية في اليمن احتياطي الدولة من النقد الأجنبي بشكل غير مسبوق؛ إذ انخفض إلى 487 مليارا في يوليو/تموز 2017 بعد أن كان 737 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2014، وزاد الإنفاق العسكري بنحو 22.6 مليار دولار في العام الأول من حرب اليمن، مقارنة بعام 2013.
واعتمدت المملكة على الاقتراض في خطوة نادرة، وعلى رفع الضرائب والأداءات والأسعار والرسوم على العمالة الوافدة؛ ما أدى إلى متغيرات غير مسبوقة في الحالة الاجتماعية التي ارتبطت أيضا بتحولات دينية وسياسية قادها ولي العهد.