المشهد اليمني الأول| فلسطين المحتلة
اعتبر مركز أبحاث الأمن القوميّ التابع لجامعة تل أبيب ان التهديد العسكريّ الأساسيّ الذي تُواجهه «إسرائيل» خلال السنوات الخمس القادمة هو “حزب الله” ورأي ان إسقاط الرئيس بشار الأسد ، مصلحة واضحة لها لإضعاف الـ”محور الراديكاليّ” ، وذلك في دراسة جديدة جاء في مُقدّمتها إنّه يُمكننا الآن مع انقضاء العام 2015 وبعد خمس سنوات من اندلاع أحداث “الربيع العربي” ، تشخيص وتحديد عدد من التطورات الأمنية والسياسية التي تؤثر على أمن «إسرائيل» القومي وتستلزم بلورة إستراتيجية عليا .
و قال مدیر المرکز الجنرال فی الاحتیاط عاموس یدلین ، الرئیس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسکریّة الذی عکف على إعداد الدراسة إنّه ینبغی على «إسرائیل» أنْ تحرص على إضعاف أطراف المحور الرادیکالیّ فی سوریا المستقبلیة قدر الإمکان ، وعلى إبعادها عن هضبة الجولان قدر المستطاع. وإذا ما تمّ تقسیم سوریا ، تابع یدلین، فالعناصر التی یُمکن لـ«إسرائیل» التعاون معها هی المنظمات السنیّة المعتدلة والدول الداعمة لها، مثل العربیة السعودیة ودول خلیجیة أخرى، والأردن وترکیا.
علاوة على ذلک ، تابع التقریر أنّه ینبغی على «إسرائیل» أنْ تتفحص باستمرار ما إذا السعودیون والأتراک یدعمون العناصر السنیة المعتدلة حقًا، أمْ أنّهم یُکررون أخطاء الماضی فی دعم عناصر متطرفة یمکن أنْ تندمج لاحقاً بتنظیم “داعش” أو بتنظیم”القاعدة” .
وینبغی ، ساق الجنرال یدلین قائلاً، ینبغی فی کلّ الأحوال، تفحص الوضع فی هضبة الجولان ومحاولة وضع صیغة أمنیة محدثة، سواء کاستمرار لاتفاقیة فصل القوات القائمة، أوْ وفقاً لقواعد عملیانیة وردعیة جدیدة ومختلفة، مقابل العناصر التی ستتموضع فی الجانب السوریّ من هضبة الجولان.
بالإضافة إلى ذلک، رأى أنّه على «إسرائیل» الاستعداد لمواجهة عسکریة شاملة مع “حزب الله “ ، فقد تمّ تجمید المشروع النووی الإیرانی لبضع سنوات، والجیوش النظامیة المتواجدة حول حدودنا هی جیوش دول تربطنا بها معاهدات سلام، أوْ جیوش انسحقت جراء حروب أهلیة طویلة. ولذا، فإنّ التهدید العسکری الأساسیّ الذی تواجهه «إسرائیل» حالیًا هو “حزب الله”، الذی یواصل تعزیز قوته من خلال التزود بأسلحة هجومیة ودفاعیة من إنتاج روسی، إیرانی وسوری. ویغطی مدى القذائف والصواریخ التی یمتلکها هذا التنظیم مساحة إسرائیل بالکامل، علاوة على ارتفاع مستوى دقتها وقدرتها على التدمیر، ناهیک عن أن “حزب الله” یطور قدرات هجومیة یخطط، فی إطارها، للسیطرة على مناطق فی داخل «إسرائیل» .
وحیال هذه التطورات، یتوجب على «إسرائیل» التأکد من امتلاکها ردودًا کافیة، هجومیة ودفاعیة، ردعیة وحاسمة، مقابل “حزب الله”. وعلى تل أبیب، شدّدّ النظر إلى “حزب الله” ولبنان باعتبارهما کیانًا سیاسیًا واحدًا فی حال مهاجمة «إسرائیل»، وأنْ تضرب مقومات البنى التحتیة الوطنیة فی لبنان کجزء من المعرکة الشاملة.
ولفت أیضًا إلى أنّ «إسرائیل» لا تستطیع السماح لنفسها بخوض مواجهة إضافیة تستمر خمسین یومًا وتنتهی بتعادل استراتیجیّ فی مواجهة الأضعف بین أعدائها. فـ«إسرائیل»، التی لم تنه المواجهة الأخیرة بردّ یمنع تعاظم قوة “حماس″، ملزمة بامتلاک وسائل فعالة لإنهاء المواجهة مع هذا التنظیم بسرعة أکبر وبنتائج أفضل من السابق، وینبغی خاصة إیجاد ردّ «إسرائیلی» یمنع تعاظم قوة “حماس″ العسکریة بعد الجولة القتالیة، ویحول دون جولة إضافیة فی المستقبل القریب.
وفی المقابل، لفت یدلین، ثمة حاجة إلى خطوات وإجراءات غیر عسکریة لتلافی المواجهة والحیلولة دون وقوعها، أو تأجیلها على الأقل. وینبغی القیام بذلک من خلال مساهمة «إسرائیلیة» فی تشکیل واقع اقتصادی – سیاسی أفضل فی غزة، یجعل من الصعب على “حماس″ خرق وقف إطلاق النار. علاوة على ذلک، قال الجنرال یدلین : تُشکّل سوریا ممر إیران إلى العالم العربی، ومن خلالها تحافظ على علاقاتها مع “حزب الله” وتعزیز قوته، کما على علاقاتها مع مجموعات فلسطینیة متطرفة. وعلیه، فإنّ إضعاف نظام الأسد وإزالته هو مصلحة إسرائیلیة واضحة.
وهکذا فقط، أضاف، یُمکن إلحاق ضرر جسیم بإیران وحزب الله. ویتعین على «إسرائیل»، بحسب الدراسة، إیجاد السبل المناسبة لدعم کل ما من شأنه أنْ یؤدّی إلى إضعاف نظام الأسد لیتوقف عن کونه، فی نهایة المطاف، عاملاً مسیطرًا ومقررًا فی سوریة، إلى جانب الامتناع عن تقویة أطراف سنیّة متطرفة، فی مقدمتها “داعش” . ومن ناحیة «إسرائیل»، أوضحت الدراسة، بالإمکان معالجة هذه الأطراف بصورةٍ تدریجیّةٍ، مع مواصلة تفحص سلمًا لأولویات الصحیح.
ومن أجل تحقیق هذه الأهداف، قالت الدراسة، التی نقلتها إلى العربیّة مؤسسة الدراسات الفلسطینیّة فی بیروت، على «إسرائیل» تطویر واستحداث وسائل جدیدة، أکثر إبداعیة وفاعلیة، بالتعاون مع حلیفاتها الأقرب، مثل الولایات المتحدة ودول أوروبیة، وترکیا والسعودیة، التی هی أیضًا معنیة بإقصاء إیران من سوریة وتغییر نظام الأسد. ولئن کان الخطر العسکریّ یتمثل فی السابق، أوضح یدلین، فی معظمه ومصدره، فی جیش عدو تقلیدی، فقد أصبح التهدید الیوم هجینًا وفی مرکزه الدمج بین الإرهاب المتعدد الأبعاد وحرب العصابات التی تستخدم وسائل الجیوش النظامیة.
وبرأیه، ثمة أیضًا “تهدیدات ناعمة” فی مجال الشبکة العنکبوتیة، وحرب إعلام وحرب قانونیة، تستهدف نزع الشرعیة عن «دولة إسرائیل» وفرض المقاطعة علیها. وإلى جانب الأخطار الجدیدة هذه، من الضروری أنْ ندرک أنّ التهدیدات العسکریة الکلاسیکیة لم تختف، وأن التنظیمات الإرهابیة الهجینة، وإیران، یتزودان بأسلحة متقدمة دقیقة وطویلة المدى: أرضیة وجویة وبحریة، یُمکن استخدامها ضدّ «إسرائیل» فی سیناریوهات مختلفة. وحیال هذا، یتعین على الجیش «الإسرائیلیّ» الاستعداد للمواجهة ولتقدیم الردود على هذه المخاطر والتهدیدات المعقدة والمتضافرة، على حدّ تعبیره.