المشهد اليمني الأول/
يعيش المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة حالة حرج شديد، لا سيما بعد مرور عام من اتفاق السويد الذي لم يخرج بأي نتيجة ايجابية لمصلحة الشعب اليمني، حيث لا تزال الاعتداءات مستمرة والمطارات والموانئ مغلقة، والرواتب مقطوعة، ولا يزال الحصار على مديرية الدريهمي مفروضاً حتى اللحظة.
الاتفاق الموقع في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018م، والذي اعتبرته الأمم المتحدة حينها خطوة جوهرية نحو طريق السلام في اليمن، حظي بدعم أممي ودولي وتم تعيين ثلاثة رؤساء للجنة المراقبة الأممية بداية (ًبالهولندي رباتريك كاميرت وتلاه الدنماركي لويسعاردو وبعده الهندي ابهجبت ).
وقد جرى التوقيع على الاتفاق بحضور أمين عام الأمم المتحدة ووزيرة خارجية السويد، وعززه قرار لمجلس الأمن الدولي صدر عنه في 22 ديسمبر 2018 وتم الاتفاق على إطلاق وتبادل جميع الأسرى من الجانبين ،وفتح الطرقات لمرور المساعدات الإنسانية، ووقف الحرب والعدوان في الحديدة، وإعادة الانتشار للقوات من الطرفين خارج المدنية، ولكن وللأسف الشديد فإن هذا الاتفاق لم يتم تنفيذ بنوده رغم أنها مزمنة ومحدد تنفيذ كل بند على حدة.
ومع مرور عام على الاتفاق ما يزال بحسب معطيات الواقع في محافظة الحديدة التي تم الاتفاق بشأنها، يراوح التعثر أمام عجز وفشل المجتمع الدولي.
خروقات قوى العدوان
وحيال ما تم الاتفاق عليه يؤكد رئيس الفريق الوطني في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار اللواء علي الموشكي أن دول العدوان لم تقدم أي شيء لاتفاق السويد منذ التوقيع عليه.
وقال الموشكي في تصريح له اليوم الثلاثاء “قدمنا تنازلات وخطوات أحادية الجانب في اتفاق السويد من موقع القوة سعيا لتجنيب أبناء الحديدة المعاناة ورفع الظلم والحصار عنهم”.
ولفت الى أن اتفاق السويد لم يستطع أن يقدم أي شيء لمدينة الدريهمي المحاصرة منذ عام ونصف برغم أن الاتفاق كان إنسانيا بالضرورة.
من جانبه كشف المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، عن حصيلة الخروقات في الحديدة، مبيناً إن إحصائية القتلى تصل إلى “656 شهيدا وجريحا منهم 175 شهيداً بينهم 63 طفلا و27 امرأةً و85 رجلاً فيما بلغ عدد الجرحى 481 جريحاً بينهم 169 طفلاً و97 امرأةً و215 رجلاً”.
وقال العميد يحيى سريع، إنه في الوقت الذي تلتزم به قوات الجيش واللجان بتنفيذ اتفاق ستوكهولم، ما تزال قوى العدوان ومرتزقتهم يماطلون في تنفيذ الاتفاق.
وأكد العميد سريع، إن قوات التحالف ترتكب مزيداً من “الخروقات بشكل يومي والتي تجاوزت 30903 خروقات منذ بداية وقف إطلاق النار”.
وأشار العميد سريع، إلى مدينة الدريهمي المحاصرة لأكثر من عام بقوله: لايزال العدوان ومرتزقته يواصلون الحصار على مدينة الدريهمي ويمنعون وصول الغذاء والدواء للمواطنين المحاصرين لما يقارب العام وهو ما يؤكد عدم جديتهم في تنفيذ الاتفاق.
وحمل، الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولية إقدام قوى التحالف على أية حماقة أو خطوات تصعيدية في الساحل الغربي لأن نتائجها ستكون وخيمة عليهم.
وبحسب تقرير حديث لمنظمة انقذوا الطفولة فإن هناك 33 طفلاً بين قتيل وجريح كل شهر في الحديدة في الفترة بين يناير وأكتوبر 2019م.
تنفيذ الاتفاق من طرف
واعتبر الكاتب والسياسي محمد صالح حاتم ان ما تم تنفيذه من هذا الاتفاق كان عبارة عن مبادرة أحادية الجانب من قبل وفد حكومة صنعاء حيث اعلنت في مايو 2019م عن عملية إعادة الانتشار لقوات الجيش اليمني ولجانه الشعبية التابعة لحكومة الانقاذ الوطني في صنعاء واستبدال هذه القوات بشرطة خفر السواحل اليمنية حسبما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم، والتي أصبحت تتوالى حماية موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف.
واشار الى ان اعادة الانتشار من طرف واحد اعطت فريق الأمم المتحدة حق الإشراف على هذه الموانئ، وأمام هذه الخطوة التي قام بها الوفد، فقد ظل طرف حكومة المرتزقة وتحالف العدوان يماطل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بل واستمر في الزحوفات واختراق الهدنة المعلنة .
وفي أكتوبر 2019م قام وفد حكومة الانقاذ في صنعاء بإطلاق سراح 500 اسير بينهم 3سعوديين كبادرة حسن نية، والذي قوبل بالنكران والتعنت من قبل طرف التحالف، بل ظل يعرقل أي عملية تبادل للأسرى بوساطات محلية، ويستثنى من ذلك قيام السعودية بإطلاق 129اسيراً وإعادتهم الى صنعاء في نهاية شهر نوفمبر الماضي.
وفي الجانب الاقتصادي وضرورة تحييده عن الخلافات السياسية والعسكرية وخاصة المرتبات والذي ظل وفد حكومة هادي يرفض أي تحاور أو تفاوض حول هذا الجانب، وظل يماطل ويتهرب، ويحاول أن يكون هو المعني بالاقتصاد وضرورة تسليم عائدات موانئ الحديدة الثلاثة الى بنك عدن، وأمام هذا فقد صدر قرار من حكومة الانقاذ بفتح حساب خاص في البنك المركزي في الحديدة تورد اليه عائدات الموانئ الثلاثة تخصص لدفع رواتب الموظفين على أن تلزم الأمم المتحدة حكومة هادي أن تخصص عائدات بيع النفط والغاز وعائدات الموانئ والمنافذ التي تخضع لسيطرة قوات التحالف لدفع المرتبات وأن يكون للأمم المتحدة حق الأشراف، وهو ما قوبل بالرفض من قبل حكومة هادي والتحالف السعودي الإماراتي، والذي لازال يعول على الورقة الاقتصادية واستخدامها كورقة ضغط على حكومة الانقاذ في صنعاء، وما احتجاز السفن المحملة بالمشتقات النفطية الا واحدة من أوراق الضغط، وكل هذا يحدث أمام صمت وسكوت ٍأممي، وهذا دليل تواطئ الأمم المتحدة مع التحالف بل ومشاركتها في معاناة اليمنيين.
الدور الاممي من تنفيذ الاتفاق
وحول الدور الاممي من تنفيذ الاتفاق يرى مراقبون أن تعاقب ثلاثة رؤساء على رئاسة لجنة إعادة الانتشار الدولية، خلال أقل من عام، مؤشراً على عدم تحقيق تقدم ملحوظ في مهام اللجنة، بدءاً بالجنرال باتريك كاميرت، مروراً بالدنماركي مايكل لوليسغارد، ووصولاً إلى الجنرال الهندي أباهجيت غوها، الذي نجح، بشق الأنفس، في وضع خمسة نقاط مراقبة لوقف إطلاق النار، (بموجب الاتفاق) والتي شهدت تراجع تأثيرها المطلوب بصورة كبيرة بالتزامن مع استمرار الغارات والقصف والاشتباكات المسلحة داخل قطاعات المراقبة خلال الأيام الماضية.
ويقول اللواء علي الموشكي أن فريق التفتيش الأممي رحل بين ليلة وضحاها أثناء المفاوضات وعند سؤالهم عن السبب برروا ذلك باعتراض الإمارات على هذه الخطوة.
وبين اللواء الموشكي أن الوفد الأممي ولجنة الصليب الأحمر لم يقدمان المساعدات لأبناء الدريهمي عندما تمكنوا من الدخول للمدينة مؤخرا، بل عرضوا عليهم النزوح من منازلهم وترك ممتلكاتهم.
اما محمد حاتم فلفت الى أن الأمم المتحدة اجبرت على إقامة نقاط مراقبة مشتركة لوقف إطلاق النار في الحديدة وذلك لكسر الجمود في تنفيذ الاتفاق خاصة من طرف المرتزقة، موضحاً ان نقاط المراقبة المشتركة، هي بديل لإعادة الانتشار التي نص عليها اتفاق السويد، والتي رفض طرف التحالف تنفيذ ما عليه من حيث سحب قواته وإعادة انتشار قوات الشرطة والأمن مكانها .
وعلى ذات السياق، أوضح تكتل الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم بالحديدة، أنه كان من المفترض أن يكون اتفاق السويد هو النقطة الأولى لخطوات إعادة الثقة والحد من المعاناة الإنسانية التي يعيشها أبناء الحديدة واليمن.
وأشار التكتل إلى أن الأمم المتحدة لعبت دورا هاما في إعطاء قوى العدوان المبررات الكافية والتغطية السياسية والتنصل وتعطيل اتفاق السويد.
وحمل التكتل قوى العدوان المسؤولية الكاملة لأي تصعيد قد يؤثر على سلامة وأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
حصار الدريهمي
ويحمل عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي الأمم المتحدة مسؤولية الفشل في إحلال السلام في اليمن، مبينا إن “حصار مدينة الدريهمي يبقى عنوانا لفشل السلام ودليلا على انعدام النوايا الحسنة”. مضيفا: “حصار الدريهمي جريمة حرب، واستمراره تأكيد للإصرار على الجريمة”.
وخاطب محمد الحوثي الأمم المتحدة، قائلا: “القافلة التي أرسلتموها قبل عدة أشهر لا تكفي المحاصرين في الدريهمي طوال الوقت”. وهي القافلة التي كان طالب الأمم المتحدة بتأمين إدخالها إلى مدينة الدريهمي.
وتابع الحوثي، مخاطبا الأمم المتحدة، قائلا: “إذا كنتم عاجزين عن إيصال الغذاء والدواء للمحاصرين في الدريهمي فأعلنوا ذلك للعالم”.
من جهتها، وزارة الصحة العامة في حكومة الإنقاذ سبق أن أعلنت عن حالات وفاة متتابعة لعدد من المرضى بأمراض مزمنة من أهالي مدينة الدريهمي، وحملت التحالف ومسلحيه “مسؤولية وفاتهم جراء منع وصول الدواء والرعاية الطبية اللازمة لهم”.
ويفرض التحالف بقيادة السعودية والإمارات، ومسلحوه حصارا مطبقا على مديرية الدريهمي منذ منتصف العام 2018م، يمنع دخول الغذاء والماء والدواء واحتياجات عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل المديرية، في ظل صمت الأمم المتحدة.