المشهد اليمني الأول/
صعدت واشنطن من حدة تصريحاتها المعادية للحشد الشعبي بعد فشل جميع الأوراق التي لعبتها في تمرير مخططاتها التقسيمية منذ عام 2014 عندما أدخلت عصابات داعش الاجرامية الى المحافظات الغربية، وصولاً الى اليوم في محاولتها حرف مسار التظاهرات من مطلبية جماهيرية داعية الى الإصلاح الى اسقاط النظام وخلق الفوضى والاقتتال الداخلي، الا ان تلك الأوراق جميعها سقطت نتيجة للوعي العراقي، الذي تنامى بدعم من المرجعية الدينية، ومساندة من قبل فصائل الحشد الشعبي.
الا ان تلك المواقف لم تغب عن عقلية أصحاب القرار الأمريكي الذين يعيدون تدوير العداء ضد الحشد بين الحين والأخر، كلما أحسوا بحجم الخطر المحدق على بقاء قواتهم في العراق التي اعادت انتشار قواتها على وفق خارطة ما قبل 2011.
واستغلت واشنطن انشغال العراق بأزمة التظاهرات لتزيد من اعداد قواتها القتالية التي وصلت الى ما يعادل الـ”12″ الف مقاتل، في انتشار يثير المخاوف من نوايا مبيتة تسعى واشنطن لتنفيذها في العراق.
وهدد وزير الخارجية الامريكية مايك بومبيو يوم أمس الجمعة من اسماها بـ”المليشيات العراقية” – الحشد الشعبي- برد حاسم على خلفية الصواريخ التي استهدفت القواعد الامريكية في العراق، ويعد ذلك التهديد بمثابة الخرق للسيادة كونه سيستخدم الأراضي العراقية ساحة لتصفية الخصوم، ناهيك على انه تصريح مباشر باستهداف قطعات تابعة لأمرة القائد العام للقوات المسلحة المتمثلة بالحشد.
وبهذا الجانب يرى مدير شبكة افق للتحليل السياسي جمعة العطواني ان ما صرح به وزير الخارجية الامريكية هو بمثابة الحرب، عندما وصفهم بجماعة إيران وهو أسلوب دأبت عليه واشنطن لضرب الخصوم.
وقال العطواني في تصريح خص به “المراقب العراقي” ان “المستهدف الأول والأخير بتلك التصريحات هو الحشد وقياداته”، متسائلاً “ما الذي ابقته أمريكا من سيادة وكرامة للعراق عبر تلك التصريحات”؟.
وأضاف ان “القوات الامريكية تصول وتجول في المناطق الغربية، ولم تكتف بذلك وانما أملت على الحكومة العراقية ما تريد ان تمليه عليها، ولم تجابه من قبل الجانب الرسمي الحكومي”.
ولفت الى ان “واشنطن عملت على ارسال جماعات الجوكر الى التظاهرات لتعكير صفو التظاهرات وسلميتها، وتارة أخرى تلقي ببعض الصواريخ الصوتية بالقرب من قواعدها للتهم الحشد بذلك”.
وأشار الى ان “أمريكا كانت تمتلك 170 الف مقاتل قبل عام 2011 بمعاداتهم وطائراتهم، الا انهم عجزوا عن مواجهة المقاومة، لكنها تريد ان تجرهم الى المواجهة حتى تقنع الراي العام، بان فصائل المقاومة لا تحترم السيادة ولا الاتفاقية الحكومية مع الامريكان”.
من جانبه يرى المحلل السياسي عباس حسين، ان واشنطن لاتحترم سيادة العراق ولا الاتفاقية الأمنية التي ابرمتها مع الجانب العراقي وزادت عدد قواتها تحت مبررات غير واقعية، تمهيداً لحرب تسعى لإشعالها في العراق.
وقال حسين في حديث خص به “المراقب العراقي” ان ” الاتفاقية الامنية المبرمة بين الجانبين لا تنص على اعادة نشر ما يقارب العشرة آلاف جندي عسكري، لكن الإدارة الامريكية تجاوزت تلك الاتفاقات، لدواعي مبيتة”.
وأضاف ان “هنالك إرادة تسعى لتحويل العراق الى منطلق للحرب على دول الجوار، مع الحفاظ عل المصالح الامريكية في المنطقة وخلق صراعاً داخلياً “.
ولفت الى ان “تلك التحركات تواجه بصمت مطبق من قبل الحكومة العراقية، التي لم يصدر منها أي رد حيال تلك التجاوزات على السيادة التي تكررت مراراً من قبل وزارة الخارجية الامريكية”.
يشار الى ان القوات الامريكية كانت قد انسحبت من العراق عام (2011) ووقعت اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الحكومة آنذاك ، بعد ان تكبدت خسائر مادية وبشرية كبيرة على مدار ثمان سنوات.