المشهد اليمني الأول/
يحتفل بيوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر من كل عام. ويرمز هذا اليوم لليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي هذا العام، ينظم يوم حقوق الإنسان حملة تستمر عاما كاملا للاحتفال بالذكرى السنوية السبعين المقبلة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي وثيقة تاريخية أعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان – بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.
ومع مرور ما يقارب من سبعون عاما على الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم تقف الأمم المتحدة على مفترق طرق بين حقيقة ما تتبناه عن حقوق الانسان وما ترتكبه من تواطئ مع مجرمي الحرب.. وفي اليمن خير دليل وشاهد على تناقض الاقوال مع الافعال لا سيما وأن حقوق الإنسان في اليمن لا تحتاج إلى مناسبة للتذكير، خاصة مع معرفة حجم الانتهاكات الوحشية التي ترتكب ضد اليمنيين منذ خمس سنوات..
موقع انصار الله وبهذه المناسبة العالمية استطلع آراء العديد من المسؤولين والحقوقيين حول جدية التزام الأمم المتحدة في تثبيت داعم حقوق الانسان ومناصرتها على مستوى اليمن خاصة والعالم بشكل عام واليكم الحصيلة:
رصيد مثخن بالدم
حصيلة وضع حقوق الإنسان في اليمن منذ اعلان السعودية والامارات في مارس 2015 الحرب على اليمن، مأساوي جدا وقد وصفته الامم المتحدة بالكارثي وأسوء كارثة على مر التاريخ.
ويرى مراقبون ومنظمات حقوقية أن المنظمات الحقوقية الأممية والدولية لا تعطي اليمن الاهتمام المستحق بالنظر لحجم ونوع الانتهاكات التي تحدث منذ خمس سنوات، غارات يومية على المدنيين طالت النساء والأطفال في اليمن، وانتهاكات حولت اليمنيين إلى ضحايا إما بالاعتداء المباشر، أو بالحصار الجائر.. ولفتوا إلى أن “العالم يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان وشعبنا تسفك دماء ابنائه بشكل شبه يومي بفعل طائرات العدوان الأمريكي السعودي.
وأكدت تقارير صادرة عن المنظمات أن “ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان وشعاراتها لا تعدو كونها ظاهرة إعلامية للإستهلاك الإعلامي وأكبر ما يثبت ذلك اعداد الشهداء والجرحى الذين قضوا بقصف طائرات وصواريخ العدوان الغاشم، مشيرين الى ان “كثير من دول العالم تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهي تنتهك بحق شعوبها وشعوب أخرى جرائم وحشية ترقى لجرائم الحرب”.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات، إنّ آلاف اليمنيين يعيشون آلامًا وأوجاعًا متجددة؛ جراء الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام، والتي خلفت أكثر من 100 ألف قتيل، ومئات الآلاف من المصابين ومبتوري الأطراف، وآلاف المعتقلين والمخفيين قسرًا، وعشرات الآلاف من البيوت والمدارس المدمرة.
وأضافت المنظمة -في بيان صحفي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان- أنّ اليمن أصبح دولة غير آمنة لا تتوفر فيه متطلبات الحياة الأساسية.
وأكدت أنّ اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يضع المجتمع المحلي والإقليمي والدولي أخلاقيًا وإنسانيًا أمام مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، لما يتعرض له المدنيين في اليمن من انتهاكات بشكل عام والأطفال والنساء بوجه خاص، وهو ما يستوجب تحرك فاعل وجاد، مجرد من الحسابات السياسية لكشف المتسببين والمشاركين فيما وصلت إليه الأوضاع.
منظمة “رايتس رادار” لحقوق الإنسان( مقرها هولندا)، شددت هي الاخرى على ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والانتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن.
وقالت في بيان لها” يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان واليمن يتعرض للخطر المحدق، ويمر بأسوأ ظروف وأسوأ كارثة بحق الإنسانية”.
ولفت البيان إلى أن” جرائم الحرب والانتهاكات في اليمن خلال السنوات الماضية من الحرب شملت الاغتيالات السياسية بشكل واسع، التي عادت من جديد خلال الأسبوع الماضي في محافظة عدن وفي مناطق أخرى تقع تحت سيطرة تحالف العدوان، حيث شهدت عدن 12 حالة اغتيال لكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين منذ توقيع اتفاق الرياض بين حكومة الخائن عبدربه منصور هادي وما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا.
الوضع الصحي الكارثي في اليمن
وزير الصحة والسكان الدكتور طه المتوكل شن هجوماً حاداً، على المنظمات الدولية والأممية العاملة في اليمن، متهمة إياها بالإخلال بالاتفاقيات الموقعة معها.
وقال أن “المساعدات الدولية لم تتجاوز 9% في نظام الإحالة والإسعاف الحيوي لإنقاذ الحياة ، مبيناً أن المنظمات الدولية قامت بتحويل 60% من قيمة المساعدات إلى نفقات تشغيلية.
وأشار إلى أن نسبة استجابة المنظمات لاحتياج القطاع الصحي من المعدات بلغت 4 % .. مضيفاً أن هناك أجهزة طبية وفرتها المنظمات ناقصة لا تعمل أو غير مطابقة للمواصفات الفنية أو مستهلكة.
واتهم وزير الصحة الأمم المتحدة بالتلكؤ عن توفير جهاز واحد للقسطرة القلبية، كما اتهم التحالف بقيادة السعودية بمنع التجار من استيراده، وقال إن “المرضى محكومون بالوفاة”.
وأشار إلى أن المنظمات لم تغطِ سوى 19 % من احتياجات القطاع الصحي الذي وصفه بأنه “كارثي”، لافتاً إلى أن وزارته “لاتملك القدرة على تأكيد صحة الأرقام الواردة في فواتير المساعدات المشتراه من الخارج من قبل المنظمات”.
وذكر الدكتور المتوكل أن “93%من التجهيزات والمعدات الطبية خرجت عن الخدمة أو تجاوزت عمرها الافتراضي”.
وأفاد أن هناك ستة آلاف امرأة تتوفى نتيجة مضاعفات الحمل والولادة ويموت ما لايقل عن ألف طفل يومياً، مستطرداً “هناك إبادة لجيل كامل” من قبل التحالف.
جرائم حرب مشهودة
من جانبه اوضح وزير الإعلام في حكومة الانقاذ الوطني، ضيف الله الشامي إن منظمات الأمم المتحدة بالنسبة لما يخص الشأن اليمني، فضلت اختيار المال السعودي على المبادئ الإنسانية، مبيناً أن جرائم العدوان السعودي على اليمن، جرائم حرب مشهودة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية.
وقال في تغريدات رصدها الموقع أن صمت المنظمات الأممية على ما ترتكبه السعودية وأميركا في اليمن، ينفي ما تروج له من ادعاءات بالدفاع عن أبسط حقوق للإنسان، لافتاً إلى أن أكثر من 7 مليون طالب يمني حرموا من التعليم بسبب غارات وإجرام التحالف السعودي الأميركي.
وذكّر الشامي بأن الكارثة الإنسانية والانتهاكات، أثرت على المرافق الصحية والتغذية والإسكان الآمن ومختلف المرافق الحيوية، من بين 24.1 مليون الذين يحتاجون للحماية أو المساعدة الإنسانية، 18.2 مليون من النساء والأطفال، منوهاً إلى أنه في جميع حالات الهجمات التي استهدفت المدنيين كان الأطفال والنساء من بين الضحايا، وقد أدت إلى قتلهم وتشويههم بشكل أساسي نتيجة الغارات الجوية لتحالف العدوان.
وشدد على أن الحصار وسيلة حرب يستخدمها العدوان لتجويع المدنيين، وسط صمت وتواطؤ من منظمات الأمم المتحدة، معتبراً أن مجلس الأمن الدولي يمثل غطاء وأداة دولية لحماية إجرام تحالف العدوان.
تجاهل دولي
وزيرة حقوق الإنسان في اليمن علياء فيصل عبد اللطيف دعت هي الاخرى، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية إلى تسجيل موقف مشرف ينتصر للإنسانية والإنسان بما يتناسب مع الأوضاع الإنسانية التي يعيشها اليمنيون في ظل استمرار العدوان والحصار وانتشار الأمراض الوبائية التي تفتك بهم.
واعربت الوزيرة عن خيبة املها من تجاهل القوانين والقرارات الدولية المتعلقة بحماية الإنسان والإحصائيات المهولة لهذه الانتهاكات .
وقالت: “نعاتب بألم صمت العالم والمنظمات الدولية المعنية عن كل الجرائم في حق الإنسانية والتي وراءها دول العدوان بقيادة السعودية والإمارات”.. مبينة أن اليمنيين يموتون بسبب انعدام الدواء وأكثر من 20 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية بعد أن أصبحوا دون مستوى خط الفقر.
دعوة للخروج عن الصمت
من جانبه وجه نائب وزير الخارجية حسين العزي، دعوة للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للخروج عن الصمت وإدانة الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين والأعيان المدنية، والضغط من أجل إنهاء العدوان والحصار المفروض على اليمن للعام الخامس على التوالي.
وتطرق إلى الجرائم والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها دول تحالف العدوان ومرتزقتها بحق اليمن أرضاً وإنساناً في انتهاك صارخ لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.
وجدد نائب وزير الخارجية التزام حكومة الإنقاذ الوطني باحترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان .
كما جدد التأكيد على استعداد حكومة الإنقاذ لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لعمل المنظمات الحقوقية في صنعاء بغية الاضطلاع بدوره على النحو المطلوب.
وفي ظل العدوان الأمريكي السعودي الغاشم والصمت الأممي المطبق فإن واقع اليمن الحقوقي أصبح بائسا ومريرا بعد خذلان العالم وهيئاته الدولية ومئات المنظمات الحقوقية والإنسانية التي تقف اليوم موقف المتفرج على ما يحدث في اليمن من قتل وتدمير ممنهج ومتعمد، بل إن كثير منها تتاجر بأوجاع وآلام الشعب وتقبض ثمن كل ضحاياه”، وهذا سقوط مخزي ومعيب للأمم المتحدة التي تخلت عن مهامها في صيانة النفس والكرامة البشرية وحماية الأجيال من تبعات الكوارث والحروب وهي تقف بسكوت وصمت مخزي ومهين يصل إلى حد الشراكة في إرتكاب الجرائم في حق أبناء اليمن والتستر عليها بل إنها تتسلم مليارات الدولارات مقابل هذا الصمت.. وتحول حقوق البشر إلى أكوام من الأموال”.
الانتهاكات التي ترتكبها قوى العدوان يتحمل مسؤوليته دول العدوان أولا وحلفائها المشاركين معها بشكل مباشر أو غير مباشر، وتتحمل الأمم المتحدة المسؤولية لأنها تخلت عن مهامها ولم تقم بواجبها في اتخاذ قرارات عاجلة لوقف العدوان ورفع الحصار ووقف مسلسل القتل الإجرامي اليومي والتدمير الممنهج.