المشهد اليمني الأول/
يرى المراقبون للمشهد اليمني ان هناك ارادة امريكية واضحة لافشال اتفاق السويد الذي مضى عام كامل على توقيعه من قبل الاطراف اليمنية، والذي رعته منظمة الامم المتحدة، في مقابل تمسك كامل بالاتفاق من جانب صنعاء، التي نفذت من جانب واحد عددا من بنوده، رغم كل مراوغة وتهرب حكومة عبدربه منصور هادي عن تنفيذ اي بند من بنوده.
من الخطوات التي اتخذتها صنعاء خلال العام الماضي والذي اكد تمسكها بالاتفاق وعملت على انجاحه ، هي الانسحاب من موانئ الحديدة الثلاثة وتسليمها لقوات خفر السواحل، والتزامها بايداع إيرادات الموانئ إلى البنك المركزي بالحديدة، الى جانب مبادراتها بالإفراج عن الأسرى السعوديين والاجانب لديها.
في المقابل لم تقدم دول العدوان وحكومة المرتزقة على أي خطوة في اطار تنفيذ اتفاق السويد فحسب ، بل كشفت مصادر في الحديدة أن هناك تحشيدا ملحوظا لقوى العدوان وآلياتهم في عدد من مناطق المحافظة، بالتزامن ما تصاعد وتيرة الخروقات من قبل مرتزِقة العدوان واستهدافهم للأحياء السكنية في أكثر من منطقة من مناطق الحديدة.
يربط المراقبون للمشهد اليمني بين تحشيد قوى العدوان في الحديدة وبين زيارة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو للمنطقة والتصريحات التي أطلقها من العاصمة السعودية الرياض حول اليمن واتهامه للقوات المسلحة اليمنية بخرق اتفاق السويد الخاص بالحديدة، ما يشير إلى وجود ضوء أخضر أمريكي لقوى العدوان لإفشال اتفاق الحديدة، بعد ان استبدل بومبيو “دعوات وقف إنهاء الحرب” التي كانت تطلقها الادارة الامريكية سابقا، بـ”خفض التصعيد” في اليمن.
يبدو ان انقلاب الموقف الامريكي من اتفاق السويد، جاء بعد تحرر ادارة الرئيس الامريكي من الضغوط التي مورست ضدها من قبل الكونغرس والمجتمع الدولي بعد جريمة قتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده في اسطنبول، حيث دعا الجميع الرئيس ترامب الى معاقبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي اتهمته وكالة الاستخبارات الامريكية بالتورط في مقتل خاشقجي، الامر الذي اضطر الادارة الامريكية للضغط على السعودية للقبول بالانخراط في مفاوضات السويد تكتيكيا على الاقل حتى زوال تلك الضغوط.
دخول حكومة المرتزقة للمفاوضات على مضض ، وكذلك العراقيل التي وضعتها دول العدوان امام سفر الوفد الوطني الى السويد قبل عام ، كشف وبشكل واضح عدم ايمان هذه الاطراف بالحوار او التوصل الى حلول وسط للازمة اليمنية، حتى ان السعودية وافقت مضطرة على اتفاق الحديدة في الساعات الأخيرة من مشاورات السويد في ديسمبر من العام الماضي.
لهذه الاسباب وغيرها مازالت الحديدة مسرحا مفتوحا للعمليات العسكرية، مع استمرار الخروقات من جانب قوى العدوان، وهو ما حال دون تطبيق اتفاق السويد الذي كان المفترض أن يكون على مرحلتين ، بينما مازال المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث يواصل غض الطرف عن ذكر الجانب المعرقل للاتفاق، في خضوع كامل للدور الامريكي والسعودي والاماراتي على حساب الشعب اليمني، وكأنه ينتظر لحظة فصل أمريكا لاجهزة الإعاشة عن أتفاق السويد الذي دخل في حالة موت سريري منذ ولادته قبل عام.