المشهد اليمني الأول/
تحاول السعودية وما تبقى من حلفاء لها تصوير اتفاق الرياض بين ما تسمى “الحكومة اليمنية” وبين ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” على انه انجاز ضخم يعكس قوة سعودية وامتلاك لزمام الأمور في اطار تحالفها من جهة، وانه امتلاك لدفة الوضع باليمن وقدرة على ادارة مفاوضات او صراع مع المقاومة اليمنية من جهة اخرى.
وواقع الامر ولتسمية الامور بسمياتها فإننا يمكن ان نرصد الوضع بحقيقته على الارض وبوجهه الفعلي على هذا النحو:
1/ الاتفاق هو تعديل لوضع كاشف لفضيحة التحالف الداخلية التي لم تكن قائمة على توجه او استراتيجية ولا حتى اتفاق، بل وضع ناتج عن تفاوت في اغراض الحلفاء وخططهم ومصالحهم وتحديدا السعودية والامارات، وهو ما انتج رعاية اطراف مختلفة وتدهور فضائحي، وهذا الاتفاق هو لملمة لفضيحة داخلية بالتحالف، ولا يمكن اعتباره انجازا الا لو كان ترك التحالف خالصا للسعودية وانسحاب الاطراف الاخرى بمثابة انجاز!
2/ الحكومة التابعة لرئيس هارب ومؤيد لقصف بلاده، والحكومة التي تكتسب شرعيتها من العمالة لدول تعتدي على مقدرات وارواح بلدها، هي حكومة فاقدة لاي شرعية، ولا يمكن ان تعقد اتفاقات ملزمة لليمنيين، كما ان المجلس الانفصالي والهادف لتقسيم اليمن،هو الاخر لا يمكن ان يعقد اتفاقا يمثل اليمنيين اصحاب اليمن الموحدة، بل لا يمثل الا الانفصاليين، وبالتالي فهو اتفاق لايمكن ان ينال حدا ادنى من اي شرعية تجبر يمنيا حرا على الالتزام به.
3/ تستغل السعودية الهجمة الامريكية الملونة والمتمثلة في اختراق الحراكات الشعبية في لبنان والعراق، والتي توجهها بعيدا عن البوصلة المطلبية للشعوب، لبوصلة اخرى ضد ايران والمقاومة، وربما تعتقد المملكة ان هذه الهجمة ستفت في عضد المقاومة اليمنية بسبب اعتقاد عميق لدى السعودية وامريكا، ان المقاومة تابعة لايران وانها تتحرك باشارة ايرانية، وان حصار ايران واستهدافها سيجبرها على توجيه الاوامر للمقاومة بالتفريط.
وفي واقع الامر فان المقاومة لا تتلقى اوامر، وهي قائمة بذاتها وقراراتها، ناهيك ان لغة الضغط والتهديد والحصار اثبتت انها فاشلة مع دولة قوية مثل ايران، تزداد صلابة واصرارا مع الضغط.
وهنا ينبغي رصد الوضع باختصار شديد، وهو ان السعودية وحلفائها يبدو وانهم ماضين نحو المكابرة وعدم الاعتراف بالفشل، وان لغة السياسة واشارات التسامح التي ابدتها المقاومة اليمنية بمد يد السلام عند توقف العدوان، قد وصلت بشكل خاطئ للسعودية، حيث تصر السعودية على الصلف والكبر واستمرار العدوان نهجا وعنوانا حتى لو خفتت حدة ممارسته على الارض خوفا من الانتقام.
وهنا فإن السيناريو المتوقع هو تطوير ردود المقاومة بشكل اكثر ايلاما واكثر حرجا واضيق نطاقا من حيث فرص التسوية بأي شكل سلمي، وربما تتطور الامور لدى المقاومة لتصبح المعركة صفرية، وهو قرار يبدو انه لم يتخذ حتى اللحظة، وهذه المعركة الصفرية ستعني فيما تعني انهاء نظام ال سعود وتوسيع دائرة الحرب وانتشار جبهاتها، وسيكون الخاسر الاكبر هو النظام السعودي في بلد ليس لديها ما تخشاه بعد هذه التضحيات الكبرى، وفي بلد ليس لديها ما تفرط فيه بعد اعتماد خيار المقاومة والكرامة خيارا استراتيجيا.
ان هذا الاتفاق المسمى بـ”اتفاق الرياض”، هو مجرد مكابرة وعبث برعاية من لايملك لمن لا يستحق ولا يحظى بأي شرعية، وهو اتفاق داخلي في تحالف عدواني، لا يمثل الا معسكر العدوان والعمالة، ولا يلزم اي يمني حر.
(إيهاب شوقي – كاتب مصري)