المشهد اليمني الأول/

تزج الولايات المتحدة الأمريكية حلفاءها في المشهد، ومن وراء الستار تعمل على تطويعهم وتوظيفهم بما يحقق أهدافها، فالوساطات التي تدار حالياً على الساحة الإقليمية لتهيئة الأرضية لحوار بين السعودية وإيران، قد تكون وساطات للتهدئة بين إيران وأمريكا أكثر منها بين إيران والسعودية، الغرض منها راهناً وضع حد للانتكاسات التي تعرضت لها واشنطن مؤخراً خصوصاً منذ إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة وما تلاها، وبالتالي كسب أكبر وقت ممكن لإعادة التموضع الأمريكي كما السابق.

زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى طهران للتوسط في تهدئة بين إيران والسعودية والدفع بلغة الحوار قدماً ربما تأتي بدفع أمريكي بينما السعودية هي الواجهة، تماماً كما كان في الرسائل السعودية لطهران منذ أسبوعين، يشير إلى ذلك،

أولاً: إشارة خان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن إنهاء حرب اليمن مفتاح لحل المشكلة، وفي الواقع فإن أمريكا هي من يملك هذا المفتاح وليس السعودية، لذلك فإن حديثاً كهذا قد يكون متفقاً عليه مع الجانب الأمريكي ويأتي من باب التلاعب إدراكاً من واشنطن لحقائق الأمور، أي إن قضية إنهاء الحرب على اليمن هي ورقة أمريكية الآن، والحقيقة أن الحرب لن تتوقف راهناً بل سيتم التخفيف من حدتها وبأوامر أمريكية ريثما تجد أمريكا خططاً بديلة.

وثانياً: ما أكده عمران خان عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب منه تمهيد الأجواء لإجراء حوار بين إيران والولايات المتحدة دون أن يأتي على ذكر السعودية، أي إن أمريكا ترغب بصيغة يطرحها طرف ثالث للإيحاء بالرغبة بالتفاوض دون أن تكون الغاية التوصل إلى نتائج ملموسة، وتكون واشنطن في هذه الأثناء كسبت وقتاً إضافياً للتهيئة لجولة تصعيد جديدة.

بينما تؤكد طهران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف استعدادها للحوار مع السعودية مباشرة أو عبر وسطاء وتكرارها الرغبة بذلك ومد يدها دائماً، لكن كل ما يصدر عن الأطراف الأخرى كافية للدلالة على طبيعة النوايا السعودية- الأمريكية المبيتة التي لا ترغب بالحوار مطلقاً، يفضحها في ذلك إرسال واشنطن 3000 جندي أمريكي للسعودية لتعزيز قواتها هناك والأكيد أنها ليس لـ«حماية» السعودية كما يتم الزعم!.

الثابت الوحيد لحد الآن، أن السعودية تتحرك كما تريد أمريكا والأخيرة لن تبدي أي تنازلات في الملفات الشائكة بينها وبين إيران كالملف النووي وبرنامج إيران الصاروخي، والأكيد أن إيران باتت تملك من القوة ما يمكنها من المضي قدماً في مواجهة أمريكا، ومن هنا فكل الخطوات تجاه إيران هي أمريكية الصنع مقصودة ومحسوبة بحيث يمكن ضبط الانكسارات الأمريكية وفرملة عوامل القوة المتراكمة لدى إيران, لكن هيهات.

(هبا علي أحمد – كاتبة من سوريا)