المشهد اليمني الأول/
كثير من متابعي مشاهد عملية نصر من الله لم ينتبهوا لبعض التفاصيل الهامة ومن هذه التفاصيل مشاركة الحرس الوطني السعودي وبشكل واضح وكبير بعكس معارك سابقة.
المشاهد أوضحت أن المدرعات والآليات التابعة للحرس الوطني مدمرة بشكل واضح على عكس المدرعات والآليات التابعة للقوات البرية الملكية السليمة ومن تلك المدرعات تلك التي صعد إليها وزير الدفاع اليمني اللواء العاطفي وتحرك بها.
ضمن الأسرى السعوديين أفراد من الحرس الوطني السعودي جنود وضباط وأحد الأسرى ولو لم يكن لابساً للزي العسكري قال ( نحن مجبورين أجبورنا على الحرب ).
ومشهد لفرد من الأسرى السعوديين لقبه العتيبي ومعروف أن كثير من أبناء قبيلة عتيبة يتبعون الحرس الوطني.
بدون شك أن هناك تخبط وعدم تنسيق بين الجيش السعودي والحرس الوطني وهناك نية واضحة لدى محمد بن سلمان في قصصة ريش الحرس الوطني .
الحرس الوطني ومحمد بن سليمان:
يتكون الحرس الوطني من مقاتلين يمثلون القبائل المركزية؛ التي كانت موالية لعائلة آل سعود الحاكمة منذ تأسيس البلاد؛ وتتمتع باستقلالية كبيرة عن أجهزة الأمن السعودية لسنوات. لكن بعد صعود الملك سلمان، صدرت أوامر باعتقال عدد من شيوخ القبائل، وإجبارهم على اتباع الخط الذي رسمه ولي العهد، وحرمانهم من الامتيازات التي اكتسبوها تحت ظلال الحرس الوطني.
بيد أن الحملة التي تهدف إلى السيطرة الكاملة على الحرس الوطني؛ حتى لا يصبح مرتعًا لمعارضي ولي العهد، أثارت غضب قبائل كثيرة، منها: مطير، وعتيبة، وعنزة، وبنو عوف، وغامد، وبني هلال ومن ضمن الحملة التغييرات الهيكلية التي أشرف عليها محمد بن سلمان داخل الهيئات الأمنية والعسكرية، بدءًا من إعفاء قائد القوات البرية، وإنشاء مركز الأمن الوطني في أبريل (نيسان) 2016، وليس انتهاءً بإعفاء قائد القوات البحرية، والإطاحة بالأمير متعب بن عبد الله من رئاسة الحرس الوطني، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.
الحرس الوطني هو أحد أهم أفرع القوات العسكرية السعودية وهي أحد الوزارات السيادية بالسعودية، والوزارة المساندة للجيش السعودي بل وفي بعض الأحيان يعمل الحرس الوطني جنبا إلى جنب مع القوات البرية، وأيضا ينفذ مهام حربية صعبة، وينتصر بها من دون مساندة من الجيش لاعتباره قوه ضاربة، فهو مجهز بتجهيزات متكاملة، ويعمل مع الجيش أثناء الحرب مع عدو خارجي، ويعمل على مساندة الحرس الملكي عند الضرورة ومساندة قوى الأمن الداخلي عند اختلال الأمن الداخلي والسلم الأهلي ومكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية .(المصدر ويكيبديا).
بشكل تدريجي أستطاع بن سلمان أن يقلص من مهام وصلاحيات الحرس الوطني فمثلاً كل حملات الإعتقالات ضد الأمراء شاركت فيها شركة أمنية متخصصة أجنبية وهذا يؤكد عدم ثقة محمد بن سلمان بالحرس رغم كل التغييرات الذي حدثت داخل الحرس.
في بداية العدوان والحرب على اليمن كان الحرس الوطني يكتفي بالمساندة وبشكل حذر ولطالما كانت قيادات كبيرة في الحرس الوطني تعارض هذه الحرب بإعتبارها إستنزاف وغطاء مناسب لمحمد بن سلمان للسيطرة على السلطة في البلاد .
الدعم الإمريكي لمحمد بن سلمان ضد الحرس الوطني:
كانت صفقات السلاح سبب توتر بين قيادات كبيرة في الحرس ومحمد بن سلمان وضغطت هذه القيادات على محمد بن سلمان التنويع في مصادر شراء الأسلحة ، لتدخل السعودية في مشاورات شراء منظومة الدفاع الروسية S400 ، ليغضب الإمريكان بشدة ليقول لهم بن سلمان بإن قيادات كبيرة في الحرس الوطني تضغط عليه.
أعتبر الأمريكان أن الحرس الوطني يشكل خطراً على مصالحه فقدموا كل الدعم لبن سلمان في مواصلة حملته ضد القوى المتنفذة داخل الحرس الوطني .
في الشهر الماضي وافق ترامب على تزويد السعودية ببطاريات دفاع باترويوت نشر 200 فرد من القوات الإمريكية لتقتصر مهامهم على الجانب الفني، أن هذه القوات لها مهام غير ما يتم التصريح به فهي من ستساند بن سلمان في التخلص تماماً من معارضيه داخل الحرس الوطني وكذلك تدريب وتأهيل أتباع بن سلمان فقط.
حقيقة مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان:
تفاجأ الجميع بخبر مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان اللواء عبدالعزيز الفغم لتخرج الرواية الرسمية بإن خلاف شخصي بينه وبين صديق له تطور إلى إطلاق الرصاص وأن الشرطة قتلت الجاني بعد رفضه تسليم نفسه.
الرواية ضعيفة جداً فاللواء الفغم ليسوا من الأشخاص الذي ينخدعون في إختيار أصدقائه كما أنه شخص جاد وحازم وكل مشكلة تصادفه سريعاً مايجد الحل لها، أتفق الكثيرين أن محمد بن سلمان متورط في تصفيته لتنشر بعض المواقع أن سبب تصفيته تورطه في قتل الصحفي خاشقجي، الإستخبارات الإمريكية هي من نشرت هذا السبب عبر تسريبها للخبر لصحيفة مشهورة ليبتلع الكثيرين هذا الطعم.
أن اللواء الفغم ليسوا ممن أستطلفهم محمد بن سلمان بل على العكس أعتبر هذا الرجل خطراً على والده وعليه والسبب أن والد اللواء الفغم كان حارساً شخصياً للملك عبدالله لثلاثة عقود وبعد وفاته أصبح هو مرافقاً شخصياً للملك عبدالله ومن ثم مرافقاً للملك سلمان ولكن بدايات عمله العسكري بعد التخرج من الجامعة داخل الحرس الوطني.
كانت المعلومات الإستخباراتية الإمريكية واضحة بخصوص الفغم الذي رصدت عليه تواصلاً مع بعض قيادات الحرس الوطني المخلوعين وبعض قيادات حالية معارضة لبن سلمان.
أن الفغم صندوق أسود لديه الكثير من الأسرار ويعلم بخفايا الأمور فلا حل أمام بن محمد بن سلمان إلا إصدار الأمر بتصفيته .
الأخوة الأعداء:
صحيح أن محمد بن سلمان أستطاع أن يعزز من قوة ونفوذ السديريين ولكن يبقى الحرس الوطني والقبائل المركزية المنضوية في صفوفه أكبر مشاكله والعداء التاريخي بينهما كبير فالسديريين حاولوا عدة مرات إزاحة الملك عبد الله عن رئاسته، حتى وصل الصراع إلى ذروته في نهاية عهد الملك خالد، وبلغ حد وقوع اشتباكات بين الحرس الوطني والجيش السعودي في عام 1979.
عودة لعملية نصر من الله والمشاهد التي بثها الإعلام الحربي ومنها تصادم الآليات العسكرية وقطع مدرعة تابعة لقوات الجيش السعودي الطريق على الآليات ومدرعات الحرس الوطني.
في إعتقادي أن محمد بن سلمان فهم الرسالة وشعر بالقلق من مشاهد جديدة قد تخرج وتظهر حقائق صادمة تعيد للإذهان عام 1979 ومعركة الأخوة الأعداء الحرس الوطني والجيش السعودي.
لذا حان الوقت للنظام السعودي ومحمد بن سلمان أن يقبل بمبادرة السلام التي قدمها رئيس المجلس السياسي المشير مهدي المشاط وأن يوجه بوقف الغارات ورفع الحصار على اليمن وإذا تكبر وأغتر فالمعركة القادمة ستكون مرعبة وقد تحاصره نيران صديقة وأصوات من الجماهير غاضبة في بث من الرياض مباشرة وعلى الهواء .
ـــــــــــــــــــــــــــ
نيازي الرازحي