لغز الهجمات على أرامكو الذي صنعته السعودية لتفادي الاعتراف أنها من اليمن يتفكك

1096
المشهد اليمني الأول/

بعد أكثر من اسبوع على احتراق أهمّ منشآت السعودية النفطية في بقيق وهجرة خريص ،بدأ اللغز الذي صنعته السعودية لتفادي الاعتراف أن الهجوم نفذ من اليمنيين الذين تحاربهم منذ 5 أعوام يتفكك ، الأمريكيون يقولون أنه حتى اللحظة ليس هناك أدلة دامغة على إيران، وأنها أي أمريكا تخشى أن تكرر تجربة الادعاءات ( فبركة هجمات خليج تونكين ) التي سبقت العدوان الأمريكي على فتنام في النصف الثاني من القرن الماضي.

أكثر من ذلك أن بوليسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي تسرع ترامب في بيع وإرسال صفقة أسلحة وجنود للسعودية ، يقولون ببساطة ، ليست الولايات المتحدة الأمريكية مضطرة لأن تخوض حرباً في منطقة الشرق الأوسط دفاعا عن السعودية ، هذه مقدمات فقط للخروج من “اللغز” السعودي المضحك والمبكي في آن ، هو مضحك لأن العرب مضحوك عليهم ، ومبك لأن السعودية لا تزال مستتمرة في العدوان على اليمن ،بزعم أنها تحارب إيران! بينما يقدم اليمنون عبر المجلس السياسي الأعلى مبادرة وقف الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ، يطلبون من السعودية أن توقف الحرب عليهم فقط.

الرياض التي تنفق المليارات على صفقات السلاح ، والمساعدات الأمريكية ، وتتعرض لهجمات تسقط نصف انتاجها النفطي ، تتعالى أن توقف كل ذلك ،بوقف العدوان غير المشروع على جيرانها الأبديين !! مالذي يجري ؟!

واشنطن بوست ، نييورك تايمز ، الدبلوماسيون والصحفيون والمحللون العسكريون الأمريكيون الذين يعبئون جل وقت القنوات العربية والأمريكية ، يقولون منذ اسبوع ليس هناك أدلة على إيران، وإن وجدت أدلة لن يكون هناك حرب ، ليس هؤلاء فقط بل حتى “الصقور ” في البيت الأبيض يستبعدون الحرب ، ترامب سيخوض انتخابات ، إنه بحاجة للوفاء بتعهداته للشعب الأمريكي بعدم الانزلاق في حرب جديدة في الشرق الأوسط ، كل هذا الضجيج لا تشعر به السعودية !! لاتزال تعتقد أن هناك رداً أمريكياً ، لا تزال تراهن على الغرب ، لا تزال تجهز مزيداً من الأموال مقابل صفقات من الكلام ، ليس حتى من الوعود.

الأمر ليس معجزة ، يستطيع اليمنيون صناعة طائرات مسيرة وتطوير صواريخ ، ولديهم مصانع استعرضوها رغبة في إيصال رسائل للسعودية بإن الاستسلام غير ممكن ، وأنه يمكن الجنوح للسلام العادل والمشرف ، السعودية نفسها تقول ولأكثر من مرة أنها استهدفت مصانع لتجميع الطائرات المسيرة ، وأن أكثر من 200 صاروخ باليستي أطلق من اليمن ، لماذا الهجوم على أرامكو في بقيق وهجرة خريص سيكون استثناء !! وبالتالي لغز يجري دفعه نحو إيران، وفي النهاية النتيجة كانت بشكل واضح أن السعودية هشة وأن السلاح الأمريكي والدفاعات الجوية التي تزود بها السعودية هي الأخرى هشة والمطلوب هو إغلاق هذا الباب بالتصالح والتسالم مع اليمن ، ليس عيباً على الإطلاق.

عندما تطلق طهران مبادرة عدم الاعتداء ، ولا تتجاوب معها الرياض ، يشكل ذلك منطقة للتأمل على الأقل من الكثير الذين لا يجدون مبرراً في بقاء الصراع إلى ما لا نهاية وبالمقدور تفادي ذلك بالجلوس على طاولة واحدة والتفاهم على ملفات يستخدمها الغرب لصالح استمرار هيمنته ، ووجود قواعده العسكرية ، هنالك محطات تأمل كثيرة ، ومناطق مراجعة يقع عليها الكثير من المفكرين والكتاب والسياسيين، يصلون في النهاية إلى أن الغرب استخدم العرب في حروب لم تكن لصالحهم ، بل استنزفتهم ، وصنعت ألغاما كثيرة كلها انفجرت في المنطقة العربية والإسلامية.

من الذي يستطيع الآن أن يقول أن العرب استفادوا من الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السيوفيتي ، أو استفادوا من الحرب العراقية الإيرانية ، أو حرب الخليج الثانية ، أو غزو الكويت ، وقبلها أفغانستان ، ومن يستطيع أن يقول اليوم ـ أن العرب استفادوا من المشاركة في المؤامرة على سوريا ، ومساعدة الناتو في تدمير ليبيا ، واليوم من يستفيد من الحرب على اليمن !! لا أحد مطلقا.

وبالتالي أي حرب مقبلة مع إيران ستدفع ثمنها المنطقة ، وعلى السعودية أن تتأمل جيدا لردود الفعل الإمريكية والأوروبية تجاه انهيار نصف ارامكو ، لقد باع الأمريكيون كلاماً ، عندما حصحص الحق ، قال ترامب لم تعد بلاده بحاجة لنفط الشرق الأوسط وعلى السعودية حماية نفسها ، وأن تدفع مقابل المساعدات التي تقدم ، بيد أنها لم ترد الهجوم على أهم ما تملكه السعودية ، بل وعمود الخيمة التي تجلس تحتها ، أليس ذلك يتطلب قرارا صائبا ، ويدفع بالعدول عن هذا المسار الذي يبدد الجهد والمال ؟!

“لغز ” الهجوم على أرامكو يتفكك لصالح الرواية التي أعلنها اليمن ، وهو أنها هجمات لدفع السعودية للتوقف عن الحرب عليه ، فلماذا لا تتوقف هذه الحرب ، نسأل السعودية التي تعلم يقينا أن الأمريكان لو كان لديهم أدلة قطعية أن وراء ذلك إيران لكانوا سلموها للرياض، حتى هذه الأخيرة تتمنى أن لا يحدث ذلك فهي غير مستعدة للحرب وحدها ، وبالتالي المنطق والعقل يقول ، السلام والتسالم ستكون حلولاً مشرفة لكل الأطراف.
اللهم فاشهد.
ــــــــــــــــــــــ
طالب الحسني