المشهد اليمني الأول/
يعيش أبناء الشعب اليمني اليوم الذكرى الخامسة لثورة الـ21 من سبتمبر واليمن في أوج قوته وعنفوان صموده ومسطراً عظيم انتصاراته.. حلّت الذكرى بالتزامن مع الانتصارات التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية داخلياً، وفي عمق أراضي العدو، كان أقواها وأعظمها لحد اللحظة قصف منشأتي بقيق وهجرة خريص التابعتين لشركة أرامكو النفطية، ذلك القصف الذي عطَّل أكثر من نصف الإنتاج النفطي للسعودية، باعتراف العدو نفسه..
ما كان لهذه الانتصارات أن تتحقق لولا هذه الثورة المجيدة، الثورة التي ميّزت الخبيث من الطيب، والعدو من الصديق، وتأكد لأبناء الشعب اليمني أن ما هذه المملكة السعودية إلا عدو تاريخي لليمن واليمنيين، وباعتراف المرتزقة أنفسهم، ومنهم قابعون اليوم في فنادق الرياض، ولا ننسى اليوم تلك المحاضرة القديمة التي ألقاها الفار علي محسن الأحمر بعيد الوحدة اليمنية عندما قال إن السعودية من أول يوم لقيام الثورة اليمنية – ثورة 26 سبتمبر – وهي ضد الثورة، ومنذ انطلقت أول شرارة للثورة هي ضدها وآوت الملكيين والسلاطين، وبقيت تحارب الثورة.. إلى أن قال إن “السعودية ستظل تحاربنا مهما كان، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، لأنهم ضد الجمهورية اليمنية، وضد الوحدة، يريدون لليمن أن يكون قبائل متناحرة، كونهم يكنّون حقداً في قلوبهم ضد اليمنيين خاصة بعد الوحدة، مستشهداً بالبيت الشعري: يعطيك من طرف اللسان حلاوةً، ويرُوغ منكَ كما يروغُ الثعلب..”
وبالتالي فإن ثورة الـ 21 من سبتمبر جاءت رد اعتبار لثورتي الـ 26 من سبتمبر والحادي عشر من فبراير 2011، ولو نظرنا بشكل سريع لأهداف ثورة 26 سبتمبر سنجد أنها لم تتحقق، كانت مجرد ترويسة على صحيفة الثورة الرسمية، ومكتوبة على كتاب الوطنية لا أكثر، على أرض الواقع لم تتحقق هذه الأهداف، لم نتحرر من الاستبداد، كنا في استبداد خارجي يحكمنا عبر السفارات الأجنبية على رأسها السفارة الأمريكية والسفارة السعودية، لم يكن الحكم عادلاً والفوارق والامتيازات بين الطبقات كانت أبرز ملامح الأنظمة السابقة، عدا فترة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي حاول جاهداً إصلاح ما يمكن، فتم اغتياله سعودياً بأيادٍ يمنية عميلة..
لم يكن لدينا جيش وطني لحماية البلاد، وإنما جيش عائلي لحماية العائلة الحاكمة وقوى النفوذ الرسمية والحزبية والقبلية.. سياسياً كنا بلا سيادة وبلا استقلال، يحكمنا السفير الأمريكي، والسفير السعودي الذي يعترف بتحريك القوات العسكرية المختلفة باتصال هاتفي، وطائرات بلا طيار تعربد في سماء اليمن وتقصف هنا وهناك، وعند سؤالهم لماذا هذا الانتهاك للسيادة اليمنية؟ كان الرد ” شو نعمل لهم”..
اقتصاديا ننتظر الهبات والمعونات وممنوعون من التنقيب والاستفادة من خيراتنا وثرواتنا.. اجتماعياً وجغرافياً كانت جارة السوء تغذي الصراعات والنعرات العصبية والطائفية والقبلية، وتسعى لتقسيم اليمن الى دويلات عدّة.. أمنياً كانت الجماعات التكفيرية الإرهابية تسرح وتمرح وتتنقل من مدينة لأخرى، وكانت الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية شبه يومية وبرعاية أمريكية سعودية..
ولذلك أدرك أبناء الشعب اليمني قيمة هذه الثورة المجيدة – 21 سبتمبر – التي كان أهم أهدافها هو رفض الوصاية والتبعية، ويكون اليمن هو سيد قراره بنفسه، أما حديثهم الممجوج والمشروخ حول إعادة الملكية وغيرها من التعابير التي لا معنى لها، فقد أكد على عكس ذلك مرارا وتكرارا قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، معتبراً أنهم وهم قابعون في فنادق الملكية السعودية، فلا يحق لهم الحديث عن الجمهورية لأننا من نحافظ عليها ونحميها..
ختاماً ..إن هذه الثورة المجيدة جاءت لتعيد لليمن اعتباره ومكانته الإقليمية بل والعالمية.. لقد اهتز العالم على وقع الضربات اليمنية مؤخراً، وحققت هذه الثورة استقلال اليمن وحريته وكرامته، بغض النظر عن الانتماء والخلفيات، ومؤكدة أن اليمن حاضراً وماضياً مدافع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي يتحالف ضدها من يعتدي اليوم على اليمن ويضع يده في يد الكيان الصهيوني علانيه.
ـــــــــــــــــــــ
محمد الوجيه