المشهد اليمني الأول/
سيطرة المجلس الانتقالي على عدن أثار عاصفة من النقد للسعودية وحكومة عبد ربه منصور هادي بسبب ما وُصف بالسكوت عن مطامع الامارات في جنوبي اليمن. لكن الأحداث التي تؤدي إلى تكريس تجزأة اليمن وانفصال الجنوب عن الشمال تثبت رؤية الجيش واللجان في مقاومة أهداف العدوان السعودي ــ الاماراتي.
في تعليقه على سيطرة المجلس الانتقالي على عدن ومواقع قوات حكومة هادي، يبارك وزير الداخلية في الحكومة أحمد المسيري للإمارات “الانتصار المبين علينا” وينتقد ما سماه سكوت السعودية على ذبح “الحكومة الشرعية”. ولا يعبّر الوزير ونائب رئيس الحكومة عن حدّة الانتقادات التي كالها موالون لرئيسهم وللسعودية، من دون أن تذهب هذه الانتقادات إلى عتبة التوقف عن الأوهام المتراكمة على ما يسمى الشرعية وعلى ما يقال عن دعم السعودية لهذه الشرعية في مواجهة “انقلاب الميليشيات المدعومة من إيران”.
حرفة تعليق دمار اليمن وقتل أبنائه على مشجب الشرعية، ابتدعها التحالف السعودي ــ الاماراتي في لحظة العدوان قبل نحو 5 سنوات. والذريعة السارية هي “دعم الشعب اليمني من أجل استعادة الأمن والاستقرار” خلال أسبوع واحد في “عاصفة الحزم” أو خلال بضع أسابيع في ” إعادة الأمل”. وفي مسار هذا العدوان المدعوم من الدول الخليجية وجامعة الدول العربية وأميركا والدول الغربية وإسرائيل، لم تحد قيد أنملة عن هذه السردية الجماعات المدعومة من الامارات والجماعات المدعومة من السعودية والجماعات الأخرى من أنصار حزب التجمع للإصلاح الاسلامي وغيرها الموالية لقطر وتركيا.
حسم الامارات احتلال عدن عبر حلفائها الجنوبيين والسيطرة على الموانىء والمرافق الحيوية في المحافظات الجنوبية، لم تبدّلا من السردية للشرعية تبديلا. فالسعودية تدعو جميع الأطراف النتذابحة في جنوبي اليمن إلى اجتماع في الرياض من أجل فضّ النزاع بين الأخوة وتوحيد الجهود لدعم الشرعية ومحاربة الانقلابيين. ومن جهته يطلب وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد “تركيز جميع الجهود على الجبهة الاساسية” مثلما يدعو محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.
القوات التي تسيطر على عدن والجنوب بدعم إماراتي، تدعو بدورها إلى الالتزام بشرعية هادي كما يقول نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك. وكما يقول المتحدث باسم المجلس نزار هيثم الذي يميّز بين شرعية هادي وشرعية نائبه علي محسن الأحمر. والجميع متفق على حضور اجتماع الرياض بين الأطراف المتحاربة في الجنوب، من أجل تجديد دعمها للشرعية كما تزعم ومن أجل التنويه بدعم الإمارات لهذه الشرعية بالنسبة للمجلس الانتقالي أو من أجل مطالبة السعودية بالضغط على الامارات لمنع المجلس الانتقالي من الاطاحة بحكومة هادي كما يدعوحزب الاصلاح ومجموعات هادي في الجنوب وحضرموت.
هذه المآلات التي يؤول إليها العدوان السعودي ــ الاماراتي في عدن والمحافظات الجنوبية، هو ما دفع اللجان وأنصار الله لمواجهته منذ اللحظة الأولى دفاعاً عن وحدة اليمن في المقام الأول ولمنع الامارات من الاستيلاء على الموانىء والثروة القومية في الجنوب ومن السعودية من تحقيق مطامعها في اليمن ولا سيما في حضرموت والمهرة حيث تسعى السعودية إلى احتلالها لتصدير النفط السعودي من ميناء شبوة على بحر العرب والالتفاف عن تصدير النفط عبر مضيق هرمز.
ثار الجيش واللجان منذ اللحظة الأولى في عام 2011 ضد ما يسمّى “المبادرة الخليجية” التي أسفرت في “مخرجات الحوار” بدعم الدول الغربية عن تفتيت اليمن إلى أقاليم تسيطر عليها السعودية والدول الخليجية والدول الغربية في حروب بالوكالة إلى أبد الآبدين. كما ثارت ضد سيطرة البنك الدولي على قوت فقراء اليمن فيما يسمّى “الجرعة”. ولم يأل الجيش واللجان جهداً للاتفاق مع الاصلاح والمؤتمر على وحدة اليمن، والاتفاق مع الحراك الجنوبي على حقوق المحافظات الجنوبية من دون الذهاب إلى الانفصال الذي يجرّ الاحتراب الداخلي والمطامع الخارجية ولا سيما مطامع السعودية والامارات.
رؤية الجيش واللجان لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن، ترتكز على مقاومة العدوان وعلى الحوار الداخلي. لكن الأطراف المتحاربة في الجنوب لم تصل بعد إلى إعادة النظر في أوهام المراهنة على الدعم السعودي لجماعاتها في تحقيق مطامعها مقابل المراهنة على دعم الامارات لجماعات الانفصال مقابل تحقيق مطامعها.