المشهد اليمني الأول/
إن حديث الإمارات عن الإنسحاب لم يكن وليد ساعته. وتزامن مع إفراج الإعلام الحربي في أنصار الله عن فيديو إستهداف شاحنة تحمل درجا متحركا لنزول الركاب في مطار أبو ظبي. وساهم إستهداف 7 طائرات مسيرة أهدافاً حيوية في الرياض وينبع ومناطق أخرى في التأكيد على الإنسحاب العاجل.
وأشارت صحيفة الأخبار منذ حوالي شهر إلى أن أحد أسباب هذا الإنسحاب هو “النزيف الاقتصادي الذي بات يسبب تململاً ليس في أبو ظبي فحسب، وإنما في بقية الإمارات مع شعور بأن تبعات الحرب بدأت تترك تأثيرات إستراتيجية على الاقتصاد القائم أساسا على التجارة والخدمات”.
وكشفت مصادر للصحيفة أن “إجتماعا عقد قبل أسابيع بين ثلاثي أولاد زايد (محمد وهزاع وطحنون) وحاكم دبي محمد بن راشد أبلغهم فيه بوضوح أن هناك ضرورة ملحة للخروج من هذا المستنقع”.
وأكدت المصادر أن بن راشد قال لأبناء زايد إن “سقوط صاروخ يمني واحد في شارع من شوارع دبي كفيل بانهيار الاقتصاد والتضحية بكل ما حققناه”.
وبما ان الإمارات تعمل بالوكالة وبالنيابة عن دول الإستكبار العالمي لتحقيق اهدافها الإستراتيجية من خلال إحتلالها لليمن؛ وبات إنسحابها ضرورياً وواجباً إلزامياً للحفاظ على مصالحها الإقتصادية مخافة من هجمات الطائرات المسيرة اليمنية والصواريخ المجنحة، فقررت توكيل مهمتها إلى مقاول من البطن. فانقلبت على ” شرعية هادي” التي من المفترض أنها جاءت لتدعَهما وأمرت المجلس الإنتقالي بفتح المعركة وبدعم كامل منها ضد حليفهم حزب الإصلاح بعد إتهامهم بتقديم الإحداثيات عن المعسكر لأنصار الله حيث تم إستهدافه الإسبوع الماضي.
ولا بد من الرجوع إلى تصريح وزير داخلية حكومة الفار هادي لمعرفة هول ما حصل :-
وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري: “نقر بالهزيمة ونبارك للإمارات بالانتصار علينا لكنها لن تكون المعركة الأخيرة. وقال أن 400 عربة إماراتية شاركت في المعركة ونحن قاتلناهم بأسلحتنا البدائية” . وأضاف الوزير اليمني “أن السعودية صمتت على ما جرى لنا لمدة 4 أيام وشريكنا يذبحنا من الوريد للوريد”.
وقد نقلت قناة الميادين بأن المجلس الإنتقالي استلم كافة المواقع التي كانت تحتلها الإمارات وخاصة جزيرتي سقطرى وحنيش وعدن وحضرموت وبعض المواقع في مارب والمهرة ومناطق أخرى. ولم تذكر القناة مصير جزيرة ميون وسط باب المندب.
وبعد تقييم الأوضاع قررت السعودية التدخل بقوة حتى لا تفلت الأمور مَن عقالها. فبعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن على عدن والقصر الرئاسي الخالي في المعاشيق. أعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية استهداف تلك القوات في “إحدى المناطق التي تشكل تهديدا على أحد المواقع المهمة”.
وأعلن مصدر مسؤول في التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن، أمس الأحد (11 آب/اغسطس)، أن قوات المجلس الانتقالي بدأت في الإنسحاب من المواقع التي سيطرت عليها في عدن، وعلى رأسها المناطق المحيطة بالقصر الرئاسي. وقال المصدر: “نرحب بخطوات المجلس الانتقالي الأولية، ونراقب الانسحاب بشكل كامل”، وفقا لما أوردته قناة العربية الإخبارية.
وكان رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، قد أبلغ التحالف قبوله لحضور الاجتماع الذي دعت إليه السعودية. وقال الزبيدي: مستعدون للعمل تحت قيادة السعودية لتجاوز الأزمة. وكشف الزبيدي أن معسكرات الحماية الرئاسية في عدن كانت أوكاراً للمفخخات والمتفجرات.
ويأتي تدخل التحالف في عدن دعماً للحكومة اليمنية بعد أن سيطر الانفصاليون الجنوبيون بشكل فعلي على تلك المدينة الساحلية الواقعة بجنوب البلاد، مما أدى إلى تصدع التحالف الذي يركز على قتال حركة الحوثي المتحالفة مع إيران.
ونقل التلفزيون الرسمي السعودي عن بيان للتحالف قوله إن التحالف “استهدف إحدى المناطق التي تشكل تهديداً مباشراً لأحد المواقع المهمة للحكومة الشرعية اليمنية”. ودعا البيان المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لاستقلال جنوب اليمن “للانسحاب الفوري والكامل من المواقع التي استولى عليها بالقوة” محذرا بشنّ ضربات جديدة “في حال عدم التقيد ببيان قوات التحالف” الداعي لوقف إطلاق النار في عدن.
ومن المفارقات أن الإمارات دعت إلى الهدوء. وهي عضو أساسي في التحالف وهي من قامت بتدريب آلاف الانفصاليين الجنوبيين.
وسيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على القواعد العسكرية الحكومية وحاصرت قصر الرئاسة شبه الخاوي بعد اشتباكات إستمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن تسعة قتلى من المدنيين ومحاصرة آخرين في ديارهم دون إمدادات مياه تذكر.
وكانت الاشتباكات قد اندلعت في عدن يوم الأربعاء بعد أن اتهم الانفصاليون حزباً إسلامياً حليفا لهادي بالتواطؤ في هجوم صاروخي استهدف عرضاً عسكرياً في عدن وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه.
إن مشروع المجلس الإنتقالي لم يكن وليد ساعته. فقبل إسبوع استلمت بياناً يعرب عن نيتهم في إعلان الإنفصال. وقد تشاورت مع بعض المسؤوليين والإعلاميين حول الموضوع فاستبعدوا ذلك (مرفق طيه) .
فما حصل من إنقلاب الإمارات على “شرعية هادي” يؤكد بشكل يقيني أطماع تحالف العدوان في ثروات اليمن وموقعه الإستراتيجي. وهو لصالح أنصار الله الذين لطالما أوضحوا تلك المطامع.
الأسبوع الحالي سيكشف المزيد من الأوراق المستورة لدى قيادة تحالف العدوان ونياتها في التعامل مع الأمر الواقع الجديد. فهل سنشهد مفاجآت جديدة؟.. وإن غداً لناظره قريب.
ــــــــــــــــــــــــــ
عدنان علامة