المشهد اليمني الأول/
يؤثر وجود النزاعات المسلحة في المجتمعات البشرية على الأطفال كثيراً، وتؤدي تلك النزاعات إلى خلق بيئة غير مناسبة لنمو الأطفال بدنياً وعقلياً ونفسياً. ولهذا السبب، ووفقاً للقانون الدولي، فإن أحد الواجبات الرئيسة للحكومات أثناء دخولها في نزاعات مسلحة، الالتزام بحماية حقوق الأطفال من حيث الصحة البدنية والعقلية، والتعليم، والتغذية المناسبة.
وحول هذا السياق، جاء اعتماد اتفاقية حقوق الطفل بمثابة تتويج لما يزيد على ستة عقود من العمل على تطوير وتدوين القواعد الدولية المعنية بحقوق الطفل، إذ صدر إعلان جنيف عام 1924 كأول وثيقة دولية خاصة بحقوق الطفل. وتعدّ الاتفاقية بمثابة قائمة فريدة في شمولها لمعايير حقوق الإنسان المتعلقة بالأطفال، إذ فضلاً عن كونها تتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للأطفال، فقد اهتمت أيضاً بحال الأطفال في النزاعات المسلحة والأطفال اللاجئين.
واعتمدت الاتفاقية في 20 نوفمبر 1989، ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 1990، كما اعتمد البروتوكولان الاختياريان للاتفاقية بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، وبشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة في 25 مايو 2000، ودخلا حيز التنفيذ في 18 يناير 2002. وفي 26 يونيو 2008 كان هناك 121 دولة طرف في البروتوكول المتعلق باشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، وفي 25 فبراير 2008، كان هناك 126 دولة طرف في البروتوكول المتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم.
وقد أنشأ بموجب الاتفاقية لجنة حقوق الطفل لفحص مدى التزام الدول الأطراف بالتزاماتها المقررة في الاتفاقية، وأوكل لاحقاً للجنة أيضاً مهمة القيام برصد تنفيذ الدول الأطراف في أي من البروتوكولين الملحقين بالاتفاقية لالتزاماتها.
استخدام الأطفال في الحرب من قبل تحالف العدوان السعودي الإماراتي
إن أحد أبرز الانتهاكات لحقوق الأطفال في الحرب اليمنية من قبل تحالف العدوان السعودي الإماراتي، يتمثّل في الاستخدام الواسع للأطفال كجنود في العديد من مناطق النزاع.
وحول هذا السياق، كشفت قناة الجزيرة الإخبارية قبل عدة أشهر في تقرير نشرته حول الأطفال اليمنيين، بأن هناك شبكات تهريب محلية تابعة للسعودية، تقوم بجمع الأطفال الذين تركوا منازلهم وتقوم بتدريبهم داخل معسكرات سعودية، وبعد ذلك تقوم بإرسالهم إلى مناطق النزاع لحماية الحدود السعودية.
وكشفت تحقيقات الكونغرس الأمريكي في فبراير 2012 أن الأطفال السودانيين المشاركين في التحالف السعودي الإماراتي يستخدمون الأسلحة الأمريكية، وأن تحالف العدوان قام بتدريب أولئك الأطفال على استخدام المعدات العسكرية الثقيلة داخل معسكرات ومخيمات سعودية وإماراتية.
وفي السياق ذاته، اتهمت حملة دولية، تحالف العدوان باستخدام أطفال أفارقة للقتال في حربها باليمن، وأكدت الحملة الدولية لمقاطعة دول تحالف العدوان أن العدوان يستخدم المواطنين اليمنيين أيضاً، ومن ضمنهم الأطفال والنساء، في القتال باليمن، مستغلين ظروفهم المعيشية والاقتصادية.
شنّ هجمات جوية على المدارس والمستشفيات ومواقف الباصات الناقلة للأطفال
إن أحد الأشكال الأخرى لانتهاكات حقوق الطفل من قبل تحالف العدوان الذي تقوده السعودية، يتمثل في استهداف الأماكن غير العسكرية.
وحول هذا السياق، استنكرت العديد من المنظمات المحلية والدولية بشدة استمرار الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات على المدارس والمستشفيات ومواقف الباصات الناقلة للأطفال والتي كان آخرها استهداف طيران التحالف منطقة سكنية بمنطقة “سعوان” بالعاصمة صنعاء ما أدّى إلى استشهاد وإصابة 105 معظمهم أطفال من طلاب وطالبات.
يذكر أن دأب تحالف العدوان في استهدافه المناطق والأحياء الآهلة بالسكان يعكس عنجهية وصلف العدوان على اليمن في ظل صمت دولي مريب.
الإبادة الجماعية عن طريق الحصار الجائر
يخالف ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ الاقتصادي للمدنيين كلاً من: القانون الدولي ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﺤﻘﻮﻕ الإنسان، ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الإنساني ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، إذ لا يسوّغ في القانون الدولي فرض ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍلاﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ تتمثل في إقرار ذلك عن طريق ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ وفق المادة 41 ﻣﻦ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻭﻭﻓﻖ معايير ومحددات وتدابير تضمن حفظ الأمن ﻭﺍﻟﺴﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﻴﻦ ﺃﻭ ﺇﻋﺎﺩﺗﻬﻤﺎ، ﻭﺃﻥ يأتي ذلك الإجراء بالتزامن مع اتخاذ إجراءات أخرى تضمن ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن الجزء الأكبر من الأعمال المميتة التي قام بها تحالف العدوان لم تكن فقط بفعل عمليات القصف الجوي المباشرة بل كانت أيضاً عن طريق ما يسمى بالحرب غير المباشرة أو الحرب الاقتصادية عن طريق وقف دفع الرواتب لكل السكان المناهضين وغير المتعاونين مع السعودية وكذلك عن طريق تخفيض قيمة العملة من خلال ممارسات البنك المركزي الذي تم نقله من صنعاء إلى عدن.
هذا بالإضافة إلى التدمير المتعمد لطرق ووسائل الإمداد بالغذاء والمواد الضرورية للحياة، حتى أنه تم استخدام الطائرات من دون طيار لقصف الماشية، وأخيراً وليس آخراً، عن طريق فرض الحصار الجوي والبحري والبري والذي يعتبر العنصر الأكثر وحشية في هذه الاستراتيجية لتدمير جميع سبل العيش.