المشهد اليمني الأول/
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا، أعده كل من جاستين تشيكك وروري جونز وسومر سعيد، تحت عنوان “حلم الأمير في الصحراء بـ500 مليار دولار: سيارات طائرة وديناصورات روبوتية وقمر صناعي عملاق”. ويستدرك الكتّاب بأن ولي العهد السعودي، الذي هبط بمروحيته فيها قبل عدة سنوات، شاهد المستقبل، وخطرت له فكرة بناء مدينة نيوم، التي رصد لها 500 مليار دولار.
وتقول الصحيفة إن المدينة الجديدة، التي ستقام على مساحة ألف ميل مربع في منطقة صحراوية صخرية ومنطقة ساحلية فارغة، ستجذب إليها “أعظم العقول وأفضل المواهب في العالم”، حيث سيحصلون على أفضل الرواتب في العالم في أكثر مدنه نشاطا، وفيها سيطيرون في سيارات مسيرة، فيما تقوم الروبوتات بتنظيف البيوت، وستكون مدينتهم بديلا عن “سيلكون فالي” في مجال التكنولوجيا، فيما ستكون هوليوود في مجال الترفيه، وريفيرا فرنسية للسياحة والتنزه.
ويلفت التقرير إلى أنه في هذه المدينة سيكون هناك مشروع التعديل الوراثي لجعل الناس أقوى، مشيرا إلى أنه تم وضع هذه الأفكار في وثائق سرية أعدها مستشارون في شركة العلاقات العامة “بوستون كونسالتينغ غروب” و”ماكينزي أند كو” و”أوليفر ويمان”، وهي التي اطلعت عليها صحيفة “وول ستريت جورنال”، وناقشتها في مقابلات مع أشخاص، وتدور حول “نيوم”، وهي توليفة بين كلمة “جديد” بالإغريقية وكلمة مستقبل باللغة العربية.
ويرى الكتّاب أن مشروع نيوم هو جزء من محاولات تحويل المملكة لدولة منتجة للبضائع والخدمات، بدلا من الاعتماد على النفط، فاقترح ولي العهد هذه الفكرة لتكون مدينة بمصانع آلية ومستشفيات وشركات تكنولوجيا ومنتجعات تجذب السعوديين وتدفعهم لإنفاق أموالهم محليا.
ويفيد الكتّاب بأن نيوم تعد من أكبر وأكثر المشاريع المستقبلية طموحا التي يحلم بها قادة الخليج، ففي دبي في الإمارات وقطر مشاريع تجارية طموحة، لكن بناء نيوم يحتاج لمال لا تملكه السعودية، التي عانت من عجز في الميزانية، فيما تعهد بن سلمان باستثمار 45 مليار دولار في سوفت بانك.
وتورد الصحيفة نقلا عن أشخاص على معرفة بالمشروع، قولهم إن المملكة استخدمت الأموال التي اقترضتها من الخارج لتمويل المرحلة الأولى من المشروع، بالإضافة إلى أن اعتماد السعودية على المستشارين الأجانب يكشف عن مشكلة أخرى تتعلق بغياب الخبرات المحلية.
وبحسب التقرير، فإنه كون نيوم محاطة بالأردن ومصر فإن نظامها سيكون مستقلا، وهو ما سيسمح لولي العهد بالقول إن السماح بالخمر أو ظهور المرأة دون غطاء لن يطبق في أرض الحرمين، مشيرا إلى أنه من أجل تطوير نيوم فإن الحكومة السعودية تخطط لنقل 20 ألف بدوي يعيشون فيها منذ أجيال.
وينقل الكتّاب عن مجموعة “بوستون كونسالتينغ غروب”، قولها إن العمل على نقلهم لن يحدث قبل 2025، وحثت محمد بن سلمان على التعجيل بالأمر، الذي نقل الموعد إلى 2022، وقال المواطنون إنهم سمعوا شائعات، وقال أحدهم إن نقلهم سيكون مدمرا، “وسيقطع أوصال المجتمع، وبالنسبة لنا إنه حكم بالموت”.
ويشير التقرير إلى أن مشروع نيوم بدأ قبل أربعة أعوام، وبعد تولى والده الحكم بحث الأمير محمد عن طرق لإصلاح الاقتصاد، وأخذ خريطة للمملكة من “غوغل إيرث”، ورأى أن شمال غرب البلاد منطقة خالية، وسافر إلى هناك، ووجد منطقة تصل درجة الحرارة إلى مستويات عالية، لكن الثلج يسقط على الجبال في الشتاء، وفي يناير 2017، وفي لقاء لمجلس نيوم قدم الأمير خطته الطموحة لجعل نيوم أكبر مدينة في العالم من ناحية الدخل السنوي للفرد، وأراد معرفة ماذا سيحصل عليه مقابل استثمار 500 مليار دولار أمريكي.
ويقول الكتّاب إنه من أجل بناء جسر عبر البحر الأحمر فإن بن سلمان قام بالترتيب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لامتلاك جزيرتين، وهو ما أدى إلى احتجاجات في مصر، وأرسل رسالة لإسرائيل ليستشف موقفها من خطة نيوم، مشيرين إلى أن أشخاصا على معرفة بالأمر قالوا إن الشركات الإسرائيلية قد تبيع تكنولوجيا إلى السعودية.
وتكشف الصحيفة عن أنه من أجل تحقيق الخطة فإن بن سلمان قام بتعيبن كلاوس كلاينفلد، الذي عزل من منصبه بصفته مديرا لشركة “أركونيك إنك”، التي نشأت من شركة الألمنيوم “ألكاو كورب”، وزاد كلفة الجسر؛ نظرا لوجود خطأ فني، إلى 125 مليار دولار، وعندما قدم كلاينفلد خطة الشوارع والأرصفة في نيوم لبن سلمان عبر عن سخطه قائلا: “لا أريد طرقات أو أرصفة فستكون لدينا سيارات طائرة بحلول 2030”.
ويلفت التقرير إلى أن العمل على نيوم لا يزال قائما، حيث يتم تشغيل آلاف العمال الأجانب الذين كانوا يعيشون في جزء من المشروع في ست غرف صغيرة حتى 17 يونيو، مشيرا إلى أن بن سلمان أصدر في بداية العام أمرا حول منطقة اسمها الشاطئ الفضي، قائلا: “أريد أن يتوهج هذا الرمل”، ولم يجد المهندسون طريقة آمنة لعمل هذا الأمر.
وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى أنه أخبر المسؤولين العاملين معه بأنه يريد خلق وهم بقمر بارز، “وهذا هو المستقبل الذي يريده”، ولتحقيق هذا اقترحت شركة “بوستون كونسالتينغ” التعاون مع ناسا لبناء القمر المزيف و”الأكبر في العالم”.