المشهد اليمني الأول/
منذ ما قبل اعلان رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي نيتها ترك منصبها، كان بوريس جونسون رئيس بلدية لندن ووزير الخارجية السابق يمهد الطريق لاحتلال كرسي ماي في مبنى عشرة شارع داونينغ حيث مقر رئاسة وزراء المملكة المتحدة.
استغل جونسون موقفه المتشدد ضد الاتحاد الاوروبي منذ استفتاء حزيران 2016 الذي صوت اغلبية البريطانيين فيه للخروج من الاتحاد، من اجل شن حملة قاسية على سياسة ماي وخطتها لتنفيذ “بريكست” وهو الموقف نفسه الذي بنى عليه استقالته كوزير للخارجية والتي ساهمت بشكل كبير في دخول حكومة تيريزا ماي غرفة الانعاش المؤدية لانهيارها.
ومع وصول بوريس جونسون الى رئاسة الحكومة متفوقا بسهولة على منافسيه وابرزهم خليفته في وزارة الخارجية جيريمي هانت، دلالات عديدة وتحديات كثيرة تنتظر جونسون ستتحدد مساراتها في الدرجة الاولى على اساس شخصية الرجل غير المألوف وصاحب الاراء المثيرة للجدل في كثير من القضايا
في دلالات وصول جونسون الى رئاسة الحكومة
يتفق كثيرون من السياسيين والمراقبين في بريطانيا ان ما يشبه اكتساح جونسون لمنافسيه داخل حزب المحافظين يكشف ازمة سياسية داخل الحزب عنوانها غياب القيادات التقليدية التي اعتادت عليها اروقة المحافظين، كما يكشف تزايد نفوذ اليمين المتطرف في بريطانيا التي كانت مهد انطلاق “الحركة” بجهود عرابها ستيف بانون مستشار الامن القومي السابق للرئيس الاميركي دونالد ترامب.
التحديات التي تواجه جونسون
يعرف عن بوريس جونسون انه كان يحلم في شبابه ان يكون “ملكا للعالم” كما يقول، كما انه كان يحمل الجنسية الاميركية وهو المولود في مدينة نيويورك، اضافة لجنسيته البريطانية.
بريكست
لعبت قضية بريكست دورا اساسيا في وصول جونسون لمنصبه، وبالتالي هو مطالب اكثر من سابقته تيريزا ماي باغلاق الملف نهائيا وانقاذ بلاده من تبعاته الثقيلة، وهو تعهد حين اختياره رئيسا للوزراء باغلاق الملف مع نهاية المهلة التي حددها الاتحاد الاوروبي اخر تشرين الاول اكتوبر، لكن رؤية جونسون لهذا الملف تثير مخاوف كبيرة في بريطانيا لاسيما اقتصاديا. فهو يفضل الخروج من الاتحاد الاوروبي بدون اتفاق في حال لم يتوصل مع بروكسل لتوافق حول خطة خروج مغايرة لخطة تيريزا ماي. وذهابه في هذا الاتجاه سيضعه امام هجوم داخلي بل ومن داخل حزبه الذي لا يريد حمل ارث التبعات الكارثية للخروج بدون اتفاق والذي سيلاحقه لسنوات طويلة.
وما يصعب من مهمة جونسون التشدد الاوروبي، فرئيسة المفوضية الاوروبية الجديدة “ارسولا فون در ليين” اكدت ان بروكسل مستعدة لتمديد المهلة المحددة للندن في حال قدمت حكومة جونسون اسباب جيدة لذلك. اضافة لذلك يبرز موقف رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا سترجيون التي اعربت صراحة عن مخاوفها العميقة من طريقة قيادة بوريس جونسون للبلد.
الملفات الخارجية
تفرض الازمة مع ايران نفسها على طاولة جونسون حيث تجد لندن نفسها في خضم ازمة استدرجت اليها من قبل الولايات المتحدة وتحديدا مستشار الامن القومي جون بولتون. وبالنظر الى شخصية جونسون لن يكون مستغربا التصعيد البريطاني مستقبلا تماهيا مع التصعيد الاميركي، خاصة وان جونسون من المعجبين بترامب ويريد التنسيق معه في امور كثيرة. لكن ما على لندن وجونسون معرفته هو ان من يبدا التصعيد والصراع لن يكون هو من ينهيه والكلام لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف.
وليس بعيدا عن هذا الملف يتخوف الكثيرون من ارتماء جونسون في احضان واشنطن لتامين بديل عن خسارة الاتحاد الاوروبي وما يعنيه ذلك من ارتهان لشروط اميركية لانقاذه من تبعات الملفات الراهنة، لاسيما وان ترامب وفريقه يبنون سياساتهم على المصلحة واسلوب الصفقات، وهي لعبة لا تتقن بريطانيا لعبها خاصة في ظل وجود رئيس حكومة يحمل تناقضات كثيرة في شخصيته وكذلك في رؤيته السياسية.
ـــــــــــــــــــــــــ
حسین موسوي