المشهد اليمني الأول/
على وقع استباحة “الحوثيين” الأجواء السعودية بشكل شبه يومي، باستهداف عدة منشآت حيوية واستراتيجية في مختلف أنحاء المملكة، وفشل الجيش السعودي في صد تلك الهجمات، لجأ الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القوات الأمريكية، لحفظ ماء وجه بلاده.
ولم يجرؤ الملك السعودي على قول إن بلاده هي التي وجهت الدعوة لعودة القوات الأمريكية، واكتفى بيانه بأنه “تمت الموافقة على استقبال القوات الأمريكية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها، وضمان السِّلم فيها”، في حين كشف “البنتاغون” أنه تلقى دعوة من المملكة لإعادة انتشار قواته على أراضيه بعد 16 عاماً من مغادرتها.
ويعد البيان الأمريكي تكذيباً لتصريح الملك، حيث قالت القيادة المركزية في الجيش الأمريكي: “بالتنسيق مع وبدعوة من السعودية، أذن وزير الدفاع بنقل الأفراد والموارد الأمريكية، من أجل الانتشار في المملكة”.
وأكد البيان أن وجود القوات الأمريكية يوفر رادعاً إضافياً لها، ويضمن القدرة على الدفاع عن القوات الأمريكية، ومصالحها في المنطقة، من التهديدات الناشئة والموثوقة.
مملكة من ورق
وبسماح السعودية بإعادة نشر القوات الأمريكية على أراضيها، تؤكد بذلك تصريح الرئيس دونالد ترامب، حين قلل من قدرة السعودية والملك سلمان على حماية المملكة دون دعم الولايات المتحدة لها ولجيشها، وأن ذلك مرهون بدفع الأموال لواشنطن مقابل الحماية.
وقال ترامب أمام تجمع انتخابي في ساوثافن بمدينة مسيسبي، في أكتوبر الماضي: “نحن نحمي السعودية، ستقولون إنهم أغنياء، وأنا أحب الملك سلمان، لكني قلت: أيها الملك، نحن نحميك. ربما لن تتمكن من البقاء أسبوعين من دوننا. عليك أن تدفع لجيشك”.
وكان آخر وجود للقوات الأمريكية على الأراضي السعودية عام 2003، بعد انتهاء الغزو على العراق، حين سلموا قاعدة الأمير سلطان الجوية للقوات السعودية عقب إقامتهم فيها منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 حيث استدعتهم المملكة حينها.
ولم تخض القوات السعودية أي مواجهة عسكرية قوية، تختبر فيها على قدرتها بحماية حدود وأجواء البلاد، ولكن مع دخول الحرب ضد اليمن، واشتداد هجمات “الحوثيين”، فشل سلاح الجو السعودي الذي يمتلك منظومات دفاعية جوية أمريكية متطورة في حماية أجواء البلاد.
ويبدو أن الهدف غير المعلن من عودة القوات الأمريكية هو حماية أجواء السعودية، وفق ما أكده موقع “بي بي سي” بالعربي، حيث بين أن الجيش الأمريكي نشر في قاعدة الأمير سلطان بالسعودية بطاريات صواريخ باترويت الدفاعية ويعمل عليها 500 عسكري أمريكي.
وتشمل المعدات التي جلبها الجيش الأمريكي لقاعدة الأمير سلطان، طائرات حربية وأنظمة دفاع صاروخي بعيدة المدى، وفق شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية الإخبارية.
كذلك أكد مسؤولون أمريكيون أن النشر يركز على القدرات الدفاعية، مع بطاريات باتريوت للدفاع الصاروخي والطائرات المقاتلة التي تهدف إلى الدفاع عن القوات الأمريكية على الأرض، مع إقرار إمكانية استخدام الطائرات بشكل هجومي.
استدعاء للحماية
الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي، وصف عودة القوات الأمريكية إلى السعودية بالاستدعاء من قبل سلطات المملكة لحمايتها، في ظل اشتداد الهجمات “الحوثية” على المنشآت السعودية، وزيادة التوتر مع إيران.
ويؤكد الشرقاوي أن “السعودية منهكة من حرب اليمن المستمرة من سنوات، فضلاً عن عدم احترافية قواتها في التعامل باحترافية مع أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” في صد الهجمات المعادية، لذلك تم طلب الحماية”.
ويقول الشرقاوي: “رغم امتلاك السعودية لأنظمة باتريوت متطورة، وشرائها للقبة الحديدية من دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ إلا أنها فشلت في التعامل مع الأهداف القادمة من اليمن، وهنا استحضر الملك الخطر المتواصل على بلاده، فلجأ للأمريكان”.
ويوضح أن إعادة انتشار القوات الأمريكية بالسعودية، تعد حرباً بالوكالة تقوم بها الولايات المتحدة بتوجيه من المملكة، بفضل الأموال التي تدفعها لهم، وهو ما أكده الرئيس ترامب.
ويردف الخبير العسكري بالقول: “كله بثمن، ترامب لم يرسل جنوده ومعدات عسكرية متطورة إلى السعودية بدون مقابل، بكل تأكيد حصل على مليارات الدولارات، وهذا حديث غير سري، فدائماً ما يحرج الرئيس الأمريكي ملك السعودية، ويبتزه على الهواء مباشرة”.
وتعتمد السعودية على منظومة صواريخ “هوك” و”باتريوت” الأمريكيتين لحماية أجوائها وتعمل على تطويرهما باستمرار.
وكان مسؤول سعودي كشف مؤخراً أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن البلاد مكشوفة من حيث نظام الدفاع الصاروخي.