أمريكا وحلفاءها بين فشل حملتها العسكرية على اليمن عاصفة الحزم وعجزها عن فرض تسويات بشروطها
المشهد اليمني الأول| تقرير – مصطفى المنصور
اتخذت أمريكا من السعودية ودول التحالف العربية ستاراً كشفته الأيام ووعي الشعب اليمني العظيم وبالرغم من نكران علاقتها المباشرة كرأس حربة العدوان على اليمن وقيادتها لتحالف البغي والعدوان والحصار الا أن الأخبار المتوالية عن مساهمات متنوعة لأمريكا في عدوانها على اليمن بدأت بتصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري والسعودي واعلانه العدوان على اليمن من واشنطن .
وكثير من المسؤولين الأمريكيين صرحوا عن مساهمة امريكا في التسليح والدعم اللوجستي والمعلوماتي والمخابراتي وتأجير الأقمار الصناعية وخلايا التجسس وشبكات العلاقات العامة السياسية والمدنية والإمداد بالوقود للطائرات والصيانة بالاضافة إلى عشرات عقود مشتريات السلاح الجديدة تعويضا عن خسارة السعودية لعتادها العسكري في معارك الحدود .
وكذلك ما نُشر من وثائق وأدلة وبراهين عن مشاركة أمريكا في قيادة العدوان على اليمن منها ما صرّح به المرشح للرئاسة دونالد ترامب وعن دور بلده وعلاقته بالسعودية ، كذلك ما جاء على لسان السيناتور كرس ميرفي قبل أسبوع عن مشاركة بلاده في العدوان على اليمن بالإضافة إلى تجنيد عصابات المرتزقة وشذاد الآفاق كالدوري الذي أوكل إلى عصابات بلاك ووتر الأمريكية شركات اخرى جاءت الى اليمن بعد انسحاب بلاك ووتر وخسارتها الكبيرة في مقبرة الغزاة .
وتأتي الخطوات الأخيرة وسحب ما أسموهم بالمستشارين العسكريين الأمريكيين في قيادة عمليات عاصفة الحزم كنتيجة طبيعية لخسارة المعركة وفشل العاصفة في تحقيق أهدافها واستحالة تحقيق اي نجاح بعد كل الخيبات التي لحقت بتحالف البغي والعدوان على اليمن خلال 17 شهر من الخسارة والفشل للجيوش الأجنبية وعصابات المرتزقة يقابلها 17 شهر من الصمود الأسطوري للشعب اليمني مضت .
ولكن أمريكا لم تيأس من فشلها العسكري وعجزها الاستراتيجي وفي الواقع هي لن تيأس ما دامت الهيمنة الأمريكية على أغلب البلاد العربية مستمرة، بالاضافة إلى سيطرتها على قرارات الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة ولاسيما ولها في كل دولة عربية عملاء في أعلى سلطة القرار الوطني ما عدا جمهوريتي اليمن وسوريا.
ولهذا دلالة عميقة المعنى فاليمن الحضارة والتاريخ أصل العروبة، وسوريا الشام بلاد الحضارات الفينيقية والإغريقية والعربية ولشعوبهما النصر والعزة والتحرر والاستقلال وأما مشيخات الخليج والأدوات الأجيرة لقوى الإستكبار العالمي أمريكا وبريطانيا ومن يدور في فلكهم من الدول العربية كالسعودية والإمارات والأردن وغيرها من دول الإقليم فقد دشنوا بعد عاصفة الحزم الفاشلة مرحلة جديدة من الخزي والعار والسقوط بدأها الأشد كفراً ونفاقاً بالتواطؤ مع امريكا لقتل الشعب اليمني والسوري والتطبيع مع إسرائيل كأبرز حدثين مهمين فيهما عقدتا الصراع الحالي في المنطقة العربية .
يأتي الدور الأمريكي للأمم المتحدة مطابقاً لسياسات عدوة الشعوب الحرة من خلال ما يصدر عن جيفري فيلتمن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، فهو من يدير الملفات التفاوضية السياسية لسوريا واليمن ويقع كعادته في ازدواجية المعايير، وفي سوريا يطالب الرئيس الشرعي المنتخب والمعتمد دستوريا بالتنحي ويدعم داعش والقاعدة والنصرة وبقية شذاذ الآفاق الذين صنعتهم امريكا لقتال خصومها قدموا من كل بلاد العالم تحت عنوان الثورة في سوريا .
بينما في اليمن خرج الشعب اليمني في ثورة شعبية حقيقية وخلعوا أراجوز السفارات الأجنبية عبد ربه منصور هادي وتوصلت القوى الوطنية الى اتفاق سياسي وطني بين القوى السياسية لتنصيب سلطة شرعية جديدة منحت الثقة لها من البرلمان إياه الذي نصب هادي رئيساً في فبراير 2012 لولاية مدتها سنتين ثم تمديد باتفاق سياسي لمدة عام انتهى باستقالته المقبولة .
حتى ان جيفري فيلتمان الذي كان تلميذ كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية وذاع صيته عندما كان يدير مشروع الفتنة في لبنان إبان حرب تموز 2006 وبالتأكيد كان منحازاً للعدو الاسرائيلي كما لم يفعل أحد ؛ هو ذاته المدير المسؤول على من يديرون الحوار بين اليمنيين مثل جمال بن عمر وإسماعيل ولد الشيخ مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن .
ولا يتم اختيار الموظفين في منظمة الأمم المتحدة التي لها طبيعة عمل تتكون من شقين رئيسيين يتفرع عنهما بقية القطاعات والمجالات :
- المحور الاول : سياسي .
- المحور الثاني : تنموي ومساعدات إنسانية .
الا لتنفيذ ما يوكل إليهم من مهام وفي إطار عام ومحاور يرتبطا ببعضهما ويكمل كلا منهما الاخر، بما يحقق أهداف الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ولا سيما امريكا وبريطانيا وحلفاوهما وبما يحفظ أمن ابناهما اللقيطان اسرائيل والسعودية .
وكما يعلم كل الناس أن لهذه المنظمة أنشطة وبرامج عمل وخطط واستراتيجيات وبرامج ومشاريع وموازناتها مالية سنوية، وتمويل هذه المنظمة يأتي من السعودية ويديره الامريكي والبريطاني ليصب في مصلحة اسرائيل اللقيطة وهذه الأولويات هي ما نراه على الواقع وبما ان العلاقة بين الكيانات الأربعة امريكا وبريطانيا وإسرائيل والسعودية علاقة قديمة ومصيرية، فإن كل جهود الامم المتحدة في اليمن لن تخدم الا أجندة وخطط ومصالح وأولويات امريكا وبريطانيا والسعودية وإسرائيل الذين كلهم مجتمعين اعلنوا العدوان على اليمن صراحة ويشاركون فيه بكل حماقة ووقاحة ويلعبون أيضاً دور الوسيط استعربوا من مسؤوليات ونبهان القتل والدمار وجرائم الإبادة والكل عواقب هذا العدوان الظالم والحصار الذي لم يسبق له مثيل وكل ذلك برعاية ورسم الامم المتحدة على اليمن .
لم نخضع خلال 17 شهر من العدوان والحصار على اليمن ولن نستسلم وهذا هو المستحيل الذي يأمل تحقيقه الامريكي والبريطاني والسعودي والإسرائيلي ولن يتحقق لهم ذلك أبدا .
بعد ان كانت حوارات السلام المسرحية في الكويت قد وصلت إلى شبه اتفاق شامل أعلن عنه اسماعيل ولد الشيخ، قبل اجازة عيد الفطر المبارك بعد يقين القوى الدولية بفشل عاصفة الحزم والحملة العسكرية التي عجزت عن اخضاع شعب بعزم وإرادة وقوة بأس وصلابة الشعب اليمني .
شن العدو عليه حملات تشهيرية ترفض الحل السياسي والإخراج الذي تم الاتفاق عليه لوقف العدوان والحصار على اليمن لتخرج القوى الدولية بماء وجهها بعد الهزيمة التي مُنيت بها وحلفاءها في اليمن، فانقلب الموظف المسكين ولد الشيخ على ما أعلنه في تصريح رسمي قبل العيد.
وبدأت مؤامرة جديدة للأمريكيين ترفض الحل السياسي في اليمن وتصعد في الجبهات العسكرية ليتوصل اليمانيون إلى قناعة ويقين أن المؤامرة أكبر مما يظهر على السطح من قبيح أفعال وممارسات وجرائم إبادة وحصار وقتل وكبر وغرور وغطرسة تعكس نفسية المجرم الباغي الطاغي الذي لن يفهم الا لغة القوة ولا شيء غير القوة .
لهذه الأسباب وغيرها جاء الإعلان عن الإتفاق السياسي الوطني، وما يترتب عليه من استحقاقات ومهام وطنية كبيرة ترتب وضع السلطة التنفيذية في البلاد وتعزز من موقع اليمن الاستراتيجي في صراع الإرادات بحسب طبيعة كل معركة يخوضها المجتمع اليمني اليوم ضد قوى الاستكبار العالمي، بتزامن مع نشر مقاطع فيديو توغل الجيش واللجان الشعبية ووصولهم الى مشارف نجران، وضربات حيدرية في عقر دار العدو.
مما أربك كل الحسابات السياسية، ودخلنا مرحلة جديدة في معركة التحرر والاستقلال تحكمها معادلة ردع جديدة تفرض على الباغي إرادة شعب لا يقهر مستعد للتضحية ومواصلة النضال في معركة الكرامة والتحرر والاستقلال من الهيمنة والوصاية الأجنبية جيلاً بعد جيل .
وما بين فشل العدو في الميدان والمعركة العسكرية وعجزه عن إمالة موازين القوى بالاضافة إلى عجزه عن فرض تسوية بشروطه تأتي المتغيرات السياسية في البلد كمعطى استراتيجي، بعد إعلان الاتفاق السياسي الوطني يوم 28 يوليو 2016 م، واستئناف البرلمان لأعماله ومنح المجلس السياسي الأعلى الثقة لإدارة البلاد وتوحيد الجهود لمواجهة العدوان، وطرد الإحتلال وكسر الحصار الظالم على اليمن والحفاظ على الإقتصاد الوطني .
وكما جاء في الزامل اليمني الأصيل : هو قد وصل للياء وعاد احنا في الألف ، بادع خياراتي وعاد لها اتساع … وفي صراع الإرادات الشعوب هي المنتصر دائماً ، هكذا قرأنا في التاريخ وشهدت على ذلك الجغرافيا .
الخيارات الإستراتيجية ليست مزحة ولا شعار للدعاية الإعلانية وإنما قرارات حشد ، استنزاف ، إنهاك ، تفكيك ، وحسم على كافة المحاور الاستراتيجية : السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية والإعلامية ووووو فقد : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( 39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( 40 ) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ( 41 ) .