تجلّياتُ نشيد

1764

كتب /أسامة محمد الجنداري

تجلّياتُ نشيد

على أنغام الفنان القدير”أيوب طارش” وهو يشدوا بكلمات “النشيد الوطني” استيقظتُ صباحاً وخرجتُ موّلياً وجهي شطر “ميدان السبعين” مُتأملاً السيول البشرية المتدفقة إليه وصوتُ هديرها يصدحُ بـ “رددي أيتها الدنيا نشيدي ردديه وأعيدي وأعيدي” في مشهدٍ مُهيب لم أشهد لهُ مثيلاً من قبل.

ماهي إلا لحظات حتى أدركتُ أنني لستُ سوى قُطرة بين تلك الأفواج ، على يميني عجوزٌ تحُثُّ الخُطى رغم تثاقل خطواتها تحملُ في يدها صورةَ إبنها الشهيد في شموخٍ يحكي “واذكري في فرحتي كُل شهيدِ” وفي يدها الأخرى “ابنةُ الشهيد” طفلةٌ كفلقةِ القمر في حُلَّة بهية وعلى وجهها ترتسمُ فرحةُ العيد تمشي بخطوات مُتراقصة يُرددُ صداها “وامنحيهِ حُللاً من ضوء عيدي”.

على يساري كانت هناك جموعٌ متفرقة تسيرُ بشكلٍ مُتقارب مجموعةٌ ترتدي “المعوز اللحجي” المشهور بألوانه الفاقعة وزركشاته المتناثرة على أطرافه ، وأخرى تدل لهجة أصحابها على أنهم من أبناء محافظة “الضالع” ، وثالثةٌ من “حضرموت” ، والمجموعاتُ المتبقية تدل على معظم المحافظات الجنوبية في لوحة تشكيلية تحملُ في طيّاتها معنى “وحدتي وحدتي يانشيداً رائعاً يملأ نفسي أنتِ عهدٌ عالقٌ في كُل ذمة”.

على جنبات الشارع توجدُ الكثيرُ من “البسطات” التي تُباعُ فيها الأوسمة والشيَل التي تحملُ ألوانَ العلم اليمني إلى جانب الباعة المتجولين الذين يحملون أعلاماً كثيرة فلا ترى أحداً من المواطنين إلا وترى معه ألوان العلم خفاقةً ولسانُ حالها يقول “رايتي رايتي… يانسيجاً حكتُهُ من كل شمسٍ أخلدي خافقةً في كل قمة”.

أمامنا تقفُ مجموعةٌ من الشباب الذين يرتدون الزي العسكري والذين يبذلون دمائهم رخيصة في سبيل أمن وكرامة وعزة هذه الأمة في صورةٍ تشرحُ معاني “أمتي أمتي… امنحيني البأسَ يا مصدرَ بأسي واذخريني لكِ يا أكرم أمة”.

وعندما وصلتُ “ميدان السبعين” رأيتُ ما أعجزُ عن وصفِه…!! الرجال والنساء ، الأطفال والشباب والشيوخ ، كلهم يزخرونَ بحب الوطن ويتغنّونَ بعشقِ اليمن بألحان “عشتُ إيماني وحُبي أمميا” ، وفي تلك الأثناء كان الميدانُ مُنتشياً بكأسٍ من نبيذِ الكلماتِ البليغة وعذبِ الحروف الفصيحة والتي كان منبعُها أديبُ المرحلةِ وشاعرُ الثورة “معاذ الجنيد” ليردد صدى الميدان قافيةَ “ومسيري فوق دربي عربيا”.

في السماء القريبة كانت هناك أعدادٌ كبيرةٌ من البالونات على شكل “قلوب” تحمل ألوان العلم اليمني مكتوبٌ عليها “وسيبقى نبضُ قلبي يمنيا” ، لتأتي طائراتُ العدوانِ التي حلَّقت في خوفٍ ووجل مُلقيةً بصواريخها على مسافةٍ لا تتعدى النصفَ كيلو متر من أطرافِ جموعِ جماهيرِ الشعبِ والتي “صرخت” بأعلى صوتها في وجهِ قوى الطغيان والإستكبار ورفعت البنادق والرايات والأعلام عالياً وصاحت بصوتٍ واحد “بالروح بالدم نفديكَ يا يمن” فكانت أعظمَ رسالةٍ لكل من اعتدى على هذا الشعبِ الأسطوري مفادُها “لن ترى الدنيا على أرضي وصيّا”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا