المشهد اليمني الأول/
حادثة ضرب ناقلات النفط اليابانية في بحر عمان لن تمر بتبادل الاتهامات بين واشنطن وطهران . إنما لها ما بعدها وهذا ما ترصده القيادة الايرانية الآن بعناية فائقة، ويتبين من تفجيرات بحر عمان أن واشنطن تهدف إلى تدويل مضيق هرمز وجعله تحت الحماية الدولية.
اعتمدت واشنطن على تسجيل مصور قالت إنه لـ سفينة من أسطول سفن إيران السريعة في الخليج ، يقوم بالاقتراب من إحدى الناقلات المستهدفة وينزع لغما لم ينفجر. بينما قالت إيران أن هناك دول تدفع واشنطن إلى مواجهة عسكرية مع إيران وهي من تقف وراء الحادثة وتلك التي سبقتها في ميناء الفجيرة.
وعلى هامش الاتهامات تبرز أصوات من دخل النخبة السياسية الأمريكية تقول ان وزير خارجية الولايات المتحدة” مايك بومبيو ” استعجل اتهام طهران ، وأخرى تنتقد استباق الادارة الامريكية للتحقيق في الحادثة.
خاصة أن حادثة تفجير الناقلات في الفجيرة لم يكشف التحقيق فيها بعد مرور ستة أسابيع على الحادثة عن أي متهم، وزاد من حراجة موقف الإدارة الامريكية ، المؤتمر الصحفي الذي عقده مالك الناقلات المستهدفة ، والذي نفى فيه الرواية الأمريكية حول الألغام البحرية ، وقال إن الاستهداف جاء أعلى من منسوب المياه معتمدا على رواية طاقم السفينة.
قصة الصور الأمريكية تعيد للأذهان الصور التي حملها وزير الخارجية الأمريكية الأسبق “كولن بول” أمام مجلس الأمن لما زعم أنها أسلحة كيماوية وبيولوجية عراقية، وكانت الصور هي ذريعة الحرب الأمريكية على العراق واحتلاله ربيع عام 2003. وتبين لاحقا أن الصور مزيفة، واعتذر “كولن باول ” عن كذبته وقال إن الاستخبارات الأمريكية ضللته. ولكن كان العراق قد دفع الثمن و لم يفد الاعتذار شيئا.
هناك قصة أخرى عن دليل بالصور وهي تلك الصورة التي حملها رئيس وزراء إسرائيل “بنيامين نتنياهو” في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأمام العالم، عن مكان اخفاء إيران لانشطتها النووية العسكرية وأشار إلى منطقة اسمها” ترقوز آباد ”.. وبعد عرض الصورة واسم المنطقة، نام الشعب الإيراني على بطنه من الضحك لأن ”ترقوز آباد ” تعني بالثقافة الإيرانية المكان غير الموجود في العالم، تماماً مثل جزر “الواق واق” بالعربية.
ولا نعلم حتى الآن هل فعلا إيران ضللت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بهذه المعلومه لتجعل من رئيس الوزراء الإسرائيلي اضحوكة أمام العالم .
إذا لماذا ترفع واشنطن الصور المشكوك في مصداقيتها؟ و لماذا توجه الاتهام مباشرة الى ايران؟
تذهب معظم التحليلات إلى أنها مقدمات وذرائع الحرب على إيران ، وأخرى تكتفي بما هو معلن وهو الضغط لإجبار إيران على الجلوس على طاولة المفاوضات. إلا أن سرعة طلب واشنطن عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن يشير إلى حقيقة الهدف.
وبالمناسبة الجلسات المغلقة لمجلس الأمن وخاصة الخمسة الدائمين ، تأخذ طابع الخطورة والأهمية لما سيطرحه الأعضاء اكبر بكثير من تلك المعلنة و المنقولة على الهواء مباشرة.
ما نعتقده و تؤشر إليه الأحداث وسرعتها وتطورها ، هو أن واشنطن تهدف إلى تدويل “مضيق هرمز” وجعله تحت الحماية الدولية ونشر قوات دولية لمراقبة وحماية السفن التي تمر عبره. تماما كما جرى تدويل قناة السويس و مضيق جبل طارق.
التدويل سوف يسحب من إيران ورقة التهديد بإغلاق المضيق إذا ما ارتفعت وتيرة العقوبات عليها وحرمانها من تصدير نفطها عبر معاقبة الشركات والدول التي تستورد النفط الإيراني. والتدويل سوف يضع إيران في مواجهة العالم كله إذا ما حاولت إغلاق المضيق ردا على تصفير صادرتها كما وعد دونالد ترامب .
الأحداث والحوادث المتكررة على ناقلات النفط ستكون ذريعة واشنطن للضغط على أعضاء مجلس الأمن لقبول تدويل المضيق، وهذا تماما ما تريده كلا من السعودية والإمارات كي تضمن حماية لصادراتها ، وكذلك حرية تحركها في الخليج بعيدا عن الخوف من الانتقام الإيراني.
ولكن إذا كان هدف الإدارة الأمريكية هو تدويل “مضيق هرمز ” لماذا تقع حوادث تفجير الناقلات في بحر عمان قبل المضيق وليس في المضيق نفسه ؟؟
ربما الجواب يكمن في جغرافية المضيق نفسها ، إذ من المعروف أن المضيق ينقسم إلى قسمين طولا.
القسم القريب من الدول العربية في الخليج وهي قسم تبتعد عنه ناقلات النفط بسبب ضحالة المياه فيه كـ بحر عمان، بينما تمر الناقلات حيث المياه العميقة المحاذية لإيران، لذلك لا يمكن استهداف الناقلات وهي قريبة من الشواطئ الايرانية لانها تكون تحت مراقبة إيرانية مباشرة. ولا يمكن استهداف الناقلات إلا في مساحة مياه تسمح بالاستهداف والفرار.
خطة تدويل المضيق تعتمد في إقرارها على اقتناع روسيا والصين بها كي لا تواجه برفضهما ، ولذلك تبقى الإدارة الأمريكية الطرح بالغرف المغلقة . والأيام المقبلة ربما تكشف المزيد.
ـــــــــــــــــــ
كمال خلف