المشهد اليمني الأول/
على مدار الأربع سنوات الماضية التي برز فيها اسمه لم يكلف بمهمة إلا وفشلت وافتضح أمره، بداية من تعيينه ناطقا بإسم العدوان على اليمن 2015، مرورا بتوليه متحدثا باسم التحالف العسكري الإسلامي، ثم تنصيبه نائبا لرئيس الاستخبارات في 2017، وصولا لتكليفه بتصفية الكاتب الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول 2018.
مستنقع اليمن
كل مهام العسيري لم تفلح، فالحرب التي بدأتها السعودية في اليمن بزعم إعادة الشرعية ما زالت مستمرة، ووصمت بالحرب الدموية واقترن ذكرها مع ذكر كل أنواع الفشل السياسي والإستراتيجي والحقوقي، واتهمت بالتسبب في كارثة إنسانية.
وهناك دراسة نشرها مركز “كارنيغي” الأمريكي للسلام الدولي أكدت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سقط مع بلاده في وحل المستنقع اليمني ولا يعرف ماذا يريد، حيث أعلن ولي العهد قبل أشهر عدم وجود خيارات جيدة في اليمن، وأن المفاضلة هي بين خيارات سيئة وأخرى أسوأ منها وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
فشل التحالف الإسلامي
في 2016 تولى “عسيري” مهام التصريح باسم التحالف الإسلامي العسكري بهدف محاربة الإرهاب، التحالف الإسلامي العسكري الذي ولد ميتاً بالأساس لأنه ليس لديه خطة عمل واضحة ويخلط بين الإرهاب والمقاومة، واتهموه بالهوان وخذلان المسلمين رهبة من أمريكا ورغبة في إسرائيل، رابطين بينه وبين التقارير التي تحدثت منذ انطلاقه عن تنسيق السعودية وإسرائيل على أعلى المستويات برعاية من جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
حبيب إسرائيل
فشل “عسيري” أيضا كنائب لمدير المخابرات العامة السعودية، وتكشفت علاقته مع الكيان الإسرائيلي ودوره في التنسيق مع الكيان بعد أن تم عزله في 20 أكتوبر 2018 في محاولة لجعله كبش فداء لولي العهد، بعد الضغط الدولي الذي أثاره اغتيال خاشقجي، وخرج مسؤولون إسرائيليون يتباكون عليه.
ووصف المحلل السياسي للقناة العاشرة الإسرائيلية، مؤاف فاردي، إقالة “عسيري” بأنه نبأ في غاية السوء بالنسبة لإسرائيل، قائلاً: “ثمة مسؤولون هنا فقدوا شريكا ثمينا الليلة بإقالة العسيري”.
زيارة سرية للكيان
وكشفت صحيفة ذا وول ستريت جورنال الأمريكية ديسمبر 2018، عن زيارة سرية قام بها “عسيري” إلى الكيان، نيابة عن بن سلمان، مؤكدة أنه كان أكبر مسؤول سعودي يصل هناك، ليبحث كيفية استفادة المملكة من تكنولوجيا المراقبة الحديثة فيها.
ومع وجود “عسيري” في الاستخبارات، زادت المهام السعودية – الإسرائيلية المشتركة، وبدأت تخرج تسريبات عن إتمام صفقات أسلحة بينهما، كما زارت مجموعة أمنية سعودية “إسرائيل”، وحصلت على دورات تدريبية في التجسس، والعمل الاستخباراتي، وفق ما كشفت عنه الصحافة الأمريكية.
جريمة خاشقجي
“عسيري” وجهت له أصابع الاتهام في قضية اغتيال خاشقجي بعد إنكار دام 18 يوما قبل أن تعترف بمقتل خاشقجي ولم تكشف عن مكان الجثة، وأعلنت على إثره توقيف 18 سعوديا للتحقيق معهم، مما يجعل روايتها دوما مشكوك في صحتها.
القضية مازالت أصدائها مستمرة حتى الآن وتفاصيلها لم تتكشف بعد، وعلى أثرها تم إقالة “عسيري” من منصبه كنائب رئيس المخابرات السعودية ومستشار بن سلمان العسكري بأمر ملكي سعودي، وخرجت مزاعم إعلامية بتوقيفه ومحاكمته.
وأعلنت النيابة العامة السعودية في 15 نوفمبر 2018، أن من أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول هو “رئيس فريق التفاوض معه”. وأعلن المتحدث باسم النيابة العامة، أن “عسيري” أصدر أمرا إلى قائد مهمة الاغتيال باستعادة خاشقجي للسعودية بالإقناع وإن لم يقتنع يعاد بالقوة.
قاتل طليق
أصدر مكتب النائب العام في إسطنبول في 5 ديسمبر2018 مذكرة اعتقال بحق “عسيري” والمستشار السابق بالديوان الملكي سعود القحطاني، بتهمة “القتل العمد مع التعذيب بوحشية بتخطيط مسبق لقتل خاشقجي”، مشيرا إلى التوصل لمعطيات حول مشاركتهما في خطط جرى وضعها بالسعودية لقتل الصحفي السعودي.
إلا أن المخابرات الأمريكية علمت الشهر الماضي، أن عسيري خطط لإنشاء “قوة النمر”، لتكون متخصصة بتنفيذ عمليات خاصة وسرية، دون أن يتمكن المسؤولون الأمريكيون من معرفة طبيعة هذه العمليات.
وفي الوقت الذي تم تمرير أنباء مفادها احتجاز عسيري ومحاكمته، نشر رجل الأعمال السعودي منذر آل الشيخ مبارك عبر حسابه بتويتر صورة لعسيري برفقة شخص آخر (أحد أقاربه الذي تخرج مؤخراً من كلية عسكرية) يظهر فيها حراً ومتفاعلا في المناسبات الاجتماعية.