كتب| إبراهيم يحيى الوشلي
إن أردت الحصول على أي شيء فلا بد أن تدفع، سواءً غذاء أو دواء أو حتى موس حلاقة، المال دائماً مقابل الخدمات، ولا مناص من ذلك، وحتى في العصور القديمة قبل ظهور النقود والعملات ومظاهر البيع والشراء، كان البشر يتعاملون بالمقايضة لقضاء حوائجهم، أي الحصول على شيء مقابل شيء آخر.
إلا أن هناك موضوعاً عجيباً لم نجد له أي تفسير، وهو تلك العلاقة الفريدة من نوعها بين الكيان السعودي كطرف وأمريكا وإسرائيل كطرف آخر، حيث يستمر بنو سعود بدفع مئات المليارات مقابل لا شيء، فهم أيضاً يقومون بتقديم الخدمات بكل أنواعها للطرف الذي يدفعون له الأموال، ولتفهم قصدي تخيل نفسك تدفع للبقّال ألف ريال ثم تقدم له مساجاً يريح أعصابه ومفاصله، وتخرج بعدها من الدكان فارغ اليدين.
ومن سيقول إن أمريكا تعمل على حماية النظام السعودي الدكتاتوري مقابل ما تحصل عليه من دولارات، فهو مخطئ وذو قلب أبيض، لأن الحقيقة أن الولايات المتحدة تنظر إلى السعودية بكل ما فيها على أنها “آبار نفط” لا أكثر ولا أقل، وعلى هذا فهي مضطرة لحماية آبارها ومخزونها النفطي الذي يجني لها مليارات الدولارات يومياً، وعندما يقول المعتوه “ترامب” إنه لولاهم لما استطاعت المملكة أن تصمد أمام الجيش اليمني أسبوعين، هو يعلم حتماً أنهم المتضررون في حال القضاء على الحكم السعودي، ولكنه يقولها على سبيل الابتزاز والضغط أكثر على ابن سلمان.
أما آخر خدمات السمسار السعودي لأسياده فهي شراء الأراضي الفلسطينية العربية وتقديمها لهم، إذ كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن عرضٍ صادم قدمه ابن سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال زيارته الأخيرة للمملكة، ولا أدري ما هو الصادم في الموضوع، لكن الخلاصة أن المهفوف عرض 10 مليارات دولار لعباس مقابل الموافقة على ما يسمى “صفقة القرن” والسير بها.
وتعود بنا ذاكرتنا إلى 2017 حين قام الملك سلمان بالضغط على الرئيس الفلسطيني لقبول الصفقة ومحاصرته بين خيارين هما الموافقة أو الاستقالة، أي أن خدمة المهفوف ليست جديدة، ولكنها تجديد اشتراك لما بدأه والده قبل عامين، أما عباس فقد اكتفى بإبداء امتعاضه.
وأتمنى أن أسأله عن سبب زيارته الأخيرة التي جمعته بابن سلمان! ولماذا لم يكتف بالزيارة الأولى؟
صديقي أبو مازن.. لو تخلفت عن الحضور وتعذرت بوعكة صحية لما جعلوك تشعر بالامتعاض للمرة الثانية، والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، ويفترض أنك تفهم أن العدو قد أوكل لمملكة الشر مهمة تمرير هذه الصفقة، وهذا ما أكدته المواقع الإخبارية الصهيونية، كما كشفت قيام ابن سلمان وابن زايد بشراء بعض البيوت الفلسطينية بمبالغ طائلة ليهبوها لمستوطنين صهاينة مجاناً أو بمبالغ بخسة، وهذا الشيء هو اليهودة على أصولها.
ورغم هذا كله لا بد للطفل ولي العهد والمعتوه ترامب وصهره المسؤول عن الصفقة المزعومة ومعهم نتنياهو وأذنابه، أن يدركوا أن الأرض الفلسطينية ليست من عقارات محمود عباس ليشتروها منه، وإن كانوا قد قرروا إعلان الصفقة بعد شهر رمضان كما يدعون، فنحن نقول لهم إن محور المقاومة مازال موجوداً على هذا الكوكب، والأحرار مستعدون لاجتثاث أغصان الزيتون وزرع البنادق بدلاً عنها إن اضطر الأمر.
والآمال الصهيونية المعلقة على ملوك النفط في تيسير احتلال الأراضي العربية، عليها أن تنسى الأمر، وأن تتذكر قول الشاعر الفلسطيني درويش: “بيض النمل لا يلد النسور”.