هادي لم يصعد إلى رئاسة اليمن بالديمقراطية ، بل بموجب المبادرة الخليجية ، وهذا يعني أن شرعية حكمه ليس لها أساس خارج أوراق تلك المبادرة ، ويمكن أن نقول بأن هروبه هو وحكومته إلى الرياض كان تصرفاً مناسباً فهو هناك يمارس شرعيته السياسية عند من أعطوها له .
بالمقابل ، من يقودون البلاد هنا ، يمارسون شرعية أعطاها لهم الشعب “الشرعي” ، وليست مشكلة هذا الشعب أن الأمم المتحدة والسعودية لم يعجبهم ذلك ، بل ولماذا يحشرون انوفهم أصلاً ؟
نتحدث حتى الآن بغض النظر عن العدوان ، ولكن العدوان أكبر من أن يُغضّ عنه أي نظر ، ولذلك يجب أن نمحو الكلام السابق ونقول من بداية السطر بأنه يُحرّم على هادي وحكومته ومرتزقته وعلى السعودية ومجتمعها الدولي أن يتفوهوا بألفاظ كـ “شرعية” او “قانون” ، في الوقت الذي يتقاسمون فيه دماء اليمنيين وأشلاءهم داهسين على كل القوانين والاتفاقات والأعراف بل وحتى النواميس الطبيعية للكون .
يكفي قلة حيا .. اليمنيون يتحركون إلى جبهات القتال ، ويفعلون كل ما يفعلونه ، لأن بيوتهم قُصفت وأطفالهم قُتلوا وذُبحوا وبلادهم حوصرت ، ولن يتراجعوا عن ذلك لمجرد أن أشخاصاً متفلسفين بربطات عنق أو عقالات يظهرون في التلفاز ليهددوهم بـ” الشرعية السياسية”.
لم تعد المعركة معركة شرعيات واعترافات دولية ، لأن الدم قد حسم الموقف سياسياً وتأريخياً وعسكرياً وأصبح هو من يعطي الحق والإذن والصلاحية والشرعية منذ أول غارة سعودية على اليمن .. وإذا كان لدى أحد أي أسئلة عن الأصول القانونية والسياسية التي يستند عليها المظلومون في دفاعهم عن أنفسهم ، فليوفرها ليسأل القاتل عن مسوغاته في ارتكاب الجرائم ، أما إذا كان مشاركاً فيها فليستح على نفسه القبيحة وليسكت.
من الأخير : لن يستطيع أحد – بعد كل ما حدث – أن يفصل دماء اليمنيين عن قراراتهم وتوجهاتهم ، ولن تفلح كل قوانين الأرض ومرجعياتها في انتزاع شرعية أقرها الشعب لنفسه ، أو فرض شرعية أخرى لا تبالي بدمه .