لماذا قتلوا الحمدي؟

5054

المشهد اليمني الأول/

قناة الجزيرة اختزلت تصفية إبراهيم محمد الحمدي بشخصه يوم ١١اكتوبر وقاتل، مع أن تصفية مشروع الحمدي يشير بشكل واضح للقتلة دوليا واقليميا ومحليا لكن الجزيرة حذفت كل المشاركات في هذا الجانب مختصرة حركة ١٣يونيو بجريمة قتل وقاتل.

تبعيض الحقيقة جريمة أخرى، يراد منها إخفاء ترتيبات الجريمة والتخطيط لها منذ أن بدأ الحمدي بإعلان يوم الجيش في ابريل ١٩٧٥م، ثم احتشاد مراكز القوى القبلية والبعثية والاخوانية وشخصيات كمبرادورية تعمل وكيلة لشركات غربية في خمر، وما تنفيذ الغشمي ومن معه من الضباط لجريمة تصفية الحمدي وأخيه، وما سبقه من إخفاء لبعض الضباط سوى تنفيذ لمخرجات وترتيبات قوى خمر، التي أشرف عليها الملحق العسكري السعودي الهديان.

حين نتوقف مع الحمدي كمشروع في التعاونيات واعادة بناء الجيش ومؤتمر البحر الاحمر، والاعداد للمؤتمر الشعبي العام والعزم باتخاذ خطوات وحدوية حقيقية وتوجهاته الوطنية بأفقها العروبي الخ، كل ذلك بتقاطعاته العديدة سيحيلنا إلى القتلة كقوى مشيخية وبعث وإخوان وضباط، وسيشير لنا بشكل واضح إلى أن السعودية استفادت من الدور العراقي المساهم في تمويل تصفية الحمدي كمشروع، وأن أدوار الاستخبارات الدولية والاقليمية والمحلية كلها تظافرت لوضع أكثر من خطة للاغتيال.

ألم يقل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته بأنهم، أي القوى التي يمثلها مشيخيا وإخوانيا كانوا يقتربون من الرئيس علي عبد الله صالح بمقدار قيام الأخير بمشاركتهم في التخلص من الناصريين والشيوعيين، أي إفراغ مشروع الحمدي بكل مكوناته التنموية والوحدوية وآفاقه العروبية.

ما فعلته قناة الجزيرة هو أنها سلطت الضوء على جزء من الحقيقة بغرض طمس الحقيقة، فالحقيقة إن لم تكن بوسع وشمول تصبح زيفا مع سبق الإصرار، والتفافا على التاريخ، من خلال التواطؤ والانحياز للقوى التي أجهضت الحمدي المشروع.

لو أن هناك وعيا بأهمية أن نعيد كتابة التاريخ من موقف نقدي، وأن يكون بوابة نلج من خلالها إلى نقد الذات وتصويب المسار، لما استمرت انتكاساتنا ومراوحتنا داخل دائرة تدوال الاستبداد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
محمد ناجي أحمد