المشهد اليمني الأول/
شهدت ساحة باب اليمن بالعاصمة صنعاء عصر الجمعة 19 أبريل مسيرة جماهيرية حاشدة احياء للذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس صالح علي الصماد وحملت المسيرة شعار “مسيرة البنادق العظمى”.
والشاهد في هذه المسيرة عدة نقاط يمكن استخلاصها واستخلاص العبر منها كما يلي:
1- شعار المسيرة وهو “البنادق العظمى” وهو تأكيد لحالة المقاومة واستمراريتها.
2- قام المشاركون بترديد الهتافات التي حملها مشروع الرئيس الشهيد الصماد “يد تبني ويد تحمي”، وهي دلالة مباشرة على خيار الشعب بالبناء واستمرارية ثنائية الإعمار والمقاومة.
3- مجرد خروج مسيرة يمنية تحت هذه الظروف الضاغطة وتحت القصف والقتل العشوائي، هو عمل مقاوم بامتياز، والأكثر من ذلك، وهو خروجها لاحياء ذكرى استشهاد الرئيس الصماد، والذي كان اغتياله بمثابة عمل عدواني إجرامي يهدف لزرع اليأس في قلوب اليمنيين، فإن الخروج كان أكبر رد على العدوان، بأن هذه الأعمال القذرة لن تؤتي ثمارها بل ستؤتي مزيدا من الصمود والإصرار على النصر.
ان جريمة اغتيال الرئيس الشهيد الصماد لم تكن لترتكب لولا الصمت الدولي وغياب القانون وغياب أي رادع، ومن هنا أيقن أحرار اليمن أن الرادع الوحيد للعدوان هو المقاومة.
هذا العدوان تخطى نطاق السعودية ليصبح عدوانا دوليا بفعل الدعم المباشر والمتمثل في الدعم الأمريكي والبريطاني والصهيوني والغطاء العربي والمرتزقة، والدعم غير المباشر بفعل الصمت والتدليس وتوصيف الواقع اليمني بغير أوصافه باعتباره نزاع على الشرعية واسباغ الشرعية على شخص هارب يؤيد ويوفر الغطاء لعدوان ضد بلده وشعبه.
وبالفعل فلا رادع لهكذا عدوان طليق غير مقيد، سوى مقاومة مسلحة طليقة غير مقيدة سوى بقيود الشرف التي ألزم بها المقاومون أنفسهم والتي تغل أيديهم عن استهداف المدنيين ومخالفة الشرف العربي ومخالفة الدين في الأخلاقيات التي يلزم بها المحاربون، ومع هذه القيود الأخلاقية والدينية على المقاومين، فقد وعدوا وبشروا بالنصر، وكل الدلائل والشواهد رغم الدماء والألام تقول بأن النصر قريب.
متى يدرك العدوان أن المقاومة والكرامة هي الرمز، وأن أي شخص مهما علت قيمته وازداد قدره لا يمثل غيابه موتا أو اغتيالا، انهيارا لمشروع المقاومة؟ إن كل رموز المقاومة مشاريع شهداء، ولن تنكس بشهادتهم راية المقاومة، وإنما سيحملها مشروع شهيد جديد، لتتناقل بين الرموز والشرفاء، شهيدا تلو الآخر.
ولن يزيد استهداف الرموز الأحرار إلا تصميما وحماسا على مواصلة المقاومة وتحقيق النصر، فقد جبلوا على ذلك وما خيار المقاومة إلا دليلا على القناعة والإيمان بذلك، وإلا فإن خيار المهادنة والاستسلام هو الأولى لو كانوا من الخائفين!
هذه المعادلة الغائبة عن العدوان هي التي تورط العدوان في مزيد من الخسارة السياسية ناهيك عن الأخلاقية والدينية، وهي التي تقود المعتدين لمزيد من التورط وستكون النهايات أقسى من انهائهم العدوان واعترافهم بالفشل فورا ودون شروط، فالوقت ليس في صالح العدوان ما دامت المقاومة مستمرة، والكلفة تزداد مع الوقت، وأقرب النتائج القاسية سيتمثل في تصدع معسكر العدوان وانفراط عقده وربما تشاحنه وتصارعه.
ان حسابات المقاومة مبنية على استمرار اسوأ الأوضاع إلى ما لا نهاية، والمقاومة خيارها الحتمي والاستراتيجي، فما بالنا أننا في عالم تتغير توازناته، ولن تستمر الأوضاع كما هي وستتغير التوازنات حتما بفعل تناقض المصالح بين المعتدين، وخاصة عند استمرار عدم جدوى العدوان والفشل في تحقيق أي نتائج بفضل المقاومة وصمودها.
ان ذكرى الرئيس الصماد واقترابها من ذكرى بدء العدوان، وخروج احرار اليمن في مسيرتين داعمتين للمقاومة، مع ما يصاحب ذلك من تطوير لأدوات المقاومة، هو خير دليل على معدن الشعب اليمني الكريم المقاوم الرافض للذل، وهو مؤشر على اقتراب النصر، وإن كان لليأس محل، فهو في قلوب المعتدين وليس في قلوب المقاومين الذين عرفوا خيارهم وماضون فيه رغم كل الصعاب والتضحيات.
(إيهاب شوقي – كاتب من مصر)