المشهد اليمني الأول/
لم يسكُنِ القصورَ والبيوتَ المزخرفة، لم يركب سياراتِ البورش أَو الكزر والمرسيدس الفخمة، لم يذهب لقضاء عطلته الصيفية في سويسرا أَو منتجعات نيوزلندا، أَو شلالات نياجرا، لم يعرف البيتزا أَو الهمبرجر ولم يأكل في أطباق وملاعقَ من ذهب، لم يحضر حفلاتِ رأس السنة الميلادية في دبي وروما لم يدرس في مدارس باريس ومعاهد واشنطن، لم يتخرج من جامعة اوكسفورد، أَو الكلية الملكية البريطانية، لم يصادق الأمير تشارلز أَو الأميرة ديانا، لم يدرس مع كوهين أَو ديك تشيني، لم تتبنَّه المخابراتُ البريطانية والأمريكية أَو الموساد الإسرائيلي.
بل جاء من بين البسطاء والمستضعفين من الريف اليمني من الطبيعة اليمنية الساحرة والخلابة من بين المناظر الطبيعية، من بين المزارع من بين الفلاحين والعمال البسطاء الذين يكدون ليلَ نهارَ من أجل لقمة العيش من رحم المعاناة جاء صالح الصمّاد، تعلم مع طلاب قريته الذين لا يجدون قيمة القلم ولا يمتلكون دفتراً يكتبون عليه، تحت الأشجار كان يدرس، تخرج من كلية التربية علوم قرآن هذا هو الرئيسُ اليمني صالح الصمّاد الذي أرعب الأعداء؛ لأَنَّ -وكما نعلم جيداً- جميعَ الرؤساء والحكام والقادة في البلدان العربية والإسْــلَامية يتم تبنيهم واختيارهم من قبل المخابرات البريطانية والأمريكية والموساد الصهيوني، وهم من يقوم بتعليمهم وتدريسهم وهم كذلك من يعملون لهم دعاية وشعبية عند شعوبهم وهم من يفرضونهم رؤساءَ وحكاماً على بلدانهم، يعني أن جميعَ الحكام والقادة العرب عُمَلَاءُ وجواسيسُ تابعون للأعداء يعملون لصالح أسيادهم الصهاينة والأمريكان، ولكن كان الرئيس صالح الصمّاد بالنسبة لهم حالةً استثنائية مخالفةً لطريقة اختيار وتعيين الحكام العرب وغير مطيع ولا خاضع لهم وغير منفذ لسياستهم ولذلك كان بالنسبة يمثل خطراً يجب إزالته والتخلص منه؛ ولذلك كان الرقم الثاني في قائمة الأربعين شخص الذين وضعهم تحالفُ العدوان للتخلص منهم.
كان الصمّاد الرئيسَ العربي الوحيد الذي أرعب الأعداء، وهز عروشَهم وهدّد مستقبل تحالفاتهم وأصبح رجلا معيقا لتنفيذ مشاريعهم ومُخَطّطاتهم في المنطقة، كان رجلاً بسيطاً يتعامل ببساطة شعب اليمن، كان رجلاً صادقاً مع ربه ومع نفسه ومع شعبه، كان حافظاً للقُــرْآن وإماماً كان خطيباً ولُغوياً بليغاً وشاعراً فصيحاً، كان سياسياً فطناً، لم يكن حزبياً فلم يكن مؤتمرياً أَو من أنصار الله لم يكن إصْلَاحياً أَو اشتراكياً أَو بعثياً أَو ناصرياً كان حزبه اليمن لم يكن شمالياً أَو جنوبياً كان يمنياً وحدوياً وكان يمثل حجرَ عثرة في طريق تمزيق وتفتيت وتقسيم اليمن، كان قائداً عسكرياً محنكاً وشجاعاً، حضر المناورات العسكرية وتخرج الدورات والندوات زار المدن والمحافظات وجميع المواقع والجبهات العسكرية البرية والبحرية رغم تهديدات طيران الأعداء، كان إدارياً متمكّناً، كان يحمل مشروعاً تنموياً نهضوياً وطنياً لبناء دولة المؤسسات دولة النظام والقانون وهو ما أعلن عنه وسمي باسمه وهو (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، وهو ما هدّد الخونة والعُمَلَاء ومرتزِقة الداخل الذين يعملون على نشر الفساد والقضاء على مؤسسات الدولة، وهذا المشروع كان واحداً من أهمّ الأسباب التي ازعجت الأعداء، فجعلتهم يتربصون بالشهيد الصمّاد ليتم التخلصُ منه.
الشهيد الصمّاد كان يحمل صفات القائد والحاكم المثالي وهي القوة والأمانة، الصمّاد كان رجلاً مطيعاً لربه مخلصاً لشعبه متفانياً في أدَاء واجبه، الشهيد الصمّاد كان يحب وطنياً محباً لوطنه ولذلك احبه كُــلّ أبناء شعبه، وضحى بدمه من أجل وطنه.
الشهيد الصمّاد الرئيس العربي الوحيد الذي استشهد بعدوانٍ خارجي عالمي، وهو يدافع عن وطنه وعرضه وشرفه وكرامته.
الشهيد الصمّاد الرئيس الذي كاد يغيّر مجريات الأحداث في المنطقة والعالم أجمع لولا غدر طيران الأعداء.
الرئيس الصمّاد عاش شريفاً ونزيهاً وعظيماً ومات موتةَ الشرفاء العظماء.
الصمّاد كان وطناً يدافع عن وطن ويحمل همّ وطن.
الصمّادُ لم يمُتْ لا يزال حياً بصفاته ومناقبه ومشروعه (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، الصمّاد لا يزال يحلق في سماء اليمن ليدافع عنها ضد أعدائها.
وعاش اليمن حراً أبياً والخزي والعار للخونة والعُمَلَاء.
بقلم/ محمد صالح حاتم