المشهد اليمني الأول/
سُبَـحَـانَ مَن جعل الجنة داراً مخلداً للمؤمنين الذين ظفروا بوسام الله الأعظم وفازوا وفوزاً عظيماً!!
سُبَـحَـانَ مَن اصطفى عبادَه وأولياءَه المؤمنين الصالحين وجعلهم خلفاءَ له في الأرض؛ كي يرى كيف بنوا الأرض وعمَّروها أحسنَ تعمير؛ كي يصطفيهم ويجعلَهم شهداءَه في السماء!!
سُبَـحَـانَ من جعل السماءَ تبكي خشوعاً لأوليائه الصالحين فحملتهم إلى مكان راحتهم الأبدية عند مليك مقتدر!!
سُبَـحَـانَ من أمر الملائكة أن يدخلوا عليهم من كُــلّ باب ويستقبلونهم بكل شوق ويهتفون: (سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)!!
أولياءُ الله السابقون واللاحقون -الذين اصطفاهم الله ليكونوا خيرةَ الأخيار من الناس- حظوا بمكانة مرموقة بين الناس لم يكن همُّهم المناصبَ والجاه الدنيوي، بل إن هَمَّهم الأوحدَ هو مدُّ يد العون ومساعدة المستضعفين والمحتاجين وخدمة الناس المستضعفين، وكذلك حصولهم على رضوان الله جل جلاله وهو أول عوامل وضعوها في فكرهم حتى لا يتناسى معهم..
ما إن تقلب صفحات التأريخ القديم تجد تلك القصص التي تتكرّرُ في زماننا هذا، وإن تقف عند حياة وَقصة “مالك الأشتر النخعي ” تجدها مجسدة في حياة وقصة الرئيس الشهيد “صالح علي الصمّاد”، فلنقارن جميعاً ما بين الأشترين الشهيدين الأعظمين في زمن تحطمت وتكسرت شوكة الأعداء وأجدادهم السلَف..
الأشتر الشهيد والأشتر الشهيد كلاهما نفس النهج ونفس التضحية ونفس الأولياء ونفس الأعداء، فإحداهم عاش في زمن الإمام علي عليه السلام والآخر عاش في زمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إحداهم واجه حكم معاوية ويزيد والآخر واجه تحالف أشر وعدوان قذر لم يكن له شبيه ولا مثيل مذ أن خلق الله البشر..
(إن الأبرار لفي علّيين) هنا يشير الله سُبَـحَـانَه وتعالى إلى مكان أوليائه الصالحين من الشهداء الصدّيقين الذين اصطفاهم وما إن تجد دائماً الأخيار الصالحين يستعجل الله بهم الأمد لكي ينالوا من بعدها شرف حياتهم الأبدية والوسام الأعظم التي يستحقوها ومن بينهم الرئيس الشهيد صالح علي الصمّاد، (وما أدراك ما علّيون) وما أدراك ما الجنة!!، حَيْــثُ لاعين فيها رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وما أدراك من هم أولياء الله الأبرار الأطهار الذين بشرهم الله بهذه المكانة العظيمة التي يستصعب المرء فيها أن يصل إلى درجة مكانة الأولياء إلا إذَا عرف جيداً قدر منزلتهم العظيمة واتبع سيرتهم وسلوكهم وطبقها عملاً وقولاً في دينه وَدنياه..
صالح علي الصمّاد اسمٌ تخلَّد في ذكرى اليمنين ونُحت في كتب التأريخ كأنبل وأشرف وأعظم رئيس عرفه التأريخ وعرفته كُــلّ الأزمنة، الرئيس الشهيد صالح الصمّاد كان السباق في الجهاد مع الله وفي سبيله منذ حروب صعدة وكان من الأوائل السباقين إلى الجهاد في سبيل الله، كان ينتظر دائماً متى يصطفيه الله شهيداً ولم يأذن الله له بالشهادة آنذاك.. بل شاءت إرادةُ الله أن يكونَ حاكماً صالحاً ورئيساً للجمهورية اليمنية في مرحلة حرجة ومستعصية هي الأسوأ في تأريخ اليمن المعاصر كي يهزمهم بالشهادة في سبيل الله، وكان ولا زال السباق إلى ميادين الشرف والإباء وحينما كان يقول للمجاهدين (انفروا) فتجده أول من ينفر في سبيل الله للوصول إلى الهدف المنشود ويستبق المقعد الإلهي عند أولياء الله وأنبيائه..
الرئيس الشهيد صالح الصمّاد الذي جسد حياة مالك الأشتر سلام الله عليهما امتثل عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر، حَيْــثُ ولاه إلى مصر، وها هو رئيسنا الصمّاد قد عهده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لولّيه إلى اليمن ليكون لها رئيساً ومن بعد فترة حكمه الوجيزة يرتقي شهيداً، لم يكن يتوقع أحد في العالم ولا في التأريخ أن رئيساً كمثل الصمّاد ارتقى شهيداً في سبيل الله وحباً ودفاعاً عن الوطن، فهو أول رئيس أحبه شعبه وأحبهم.. فعانقهم وعانقوه بكل شوق وفخر ومحبة ونصرة في دين الله، فرحل عنهم وبكى شعبه عليه وبكت كُــلّ الخلائق وترك في قلوبنا ألماً وحزناً وفراغاً كبيراً ولكن لا زال حياً في قلوبنا وفي وجداننا وحاضراً معنا في كُــلّ مكان (أحياءٌ ولكن لا تشعرون)..
رئيسنا الأشتر الشهيد بعد إن ارتقى في الدنيا رئيساً ارتقى في الجنة شهيداً ليكتب نهجه للثائرين وليكتب التأريخ أن لا يوجد رئيساً كهذا ضحى بنفسه لدين الله ولخدمة الوطن والمواطن، وليس كبقية رؤساء العالم المستكبرين المتجبرين الطامعين لثروة أوطانهم مما يؤدي إلى أن ينقلب المواطنين في العالم رأساً على عقب ويطالبون برحيل ذلك الرئيس الظالم ويشكلون انقلاباً على رئيسهم، فانطوت صفحة الرؤساء الظالمين في العالم لكن لم ولن تنطويَ صفحة الرئيس الشهيد صالح الصمّاد؛ لأَنَّه ذات يوم ستحتاج إليها الأجيال القادمة ولتبقى ذكراه تُخلّد في الأزل..
عظماءٌ أنتم.. ولقائمة الشهداء نلتم.. إلى جنات الخلود فزتم، فلن تذهب أرواحكم هدراً حينما فارقت أجسادكم..
ولن تنطوي علينا ذكرياتكم وبطولاتكم التي تركتوها لنا كي تصبحَ مادةً أساسية تُدرَس ويتوجب علينا وعلى الأجيال القادمة أن نتعلّم من هذا الصرح العظيم ومن هذه المدرسة المشيدة التي تخرج منها عدداً من شهداءنا الأبرار العظماء ومن بينهم الرئيس الشهيد صالح الصمّاد، فصالح الصمّاد منا ونحن منه.. وكل أحرار اليمن هم صالح الصمّاد.
بقلم/ زينب إبراهيم الديلمي