المشهد اليمني الأول/
كشف الأديب كريم الحنكي، كواليس الأدب والسياسة في اليمن وجنوب البلاد منذ ستينات القرن الماضي، مؤكدا أن اليمن حين تتوافر له القيادة المقتدرة المخلصة، سيأتي بالأعاجيب على صنع ما يظنه الكثير مستحيلا.
وأشار الحنكي في مقابلة مع موقع “المسيرة نت” إلى أن من أوقع الأتراك في اليمن من جهل بطبيعة أهله وإساءة تقدير تسبب لهم قديماً في كارثة قومية لا تزال أصداؤها تترجَّع حتى في مردداتهم الشعبية وغنائهم اليوم.
ولفت إلى أن الجهل وسوء التقدير “ذاته هو ما أوقع أيادي الأمريكان وأدوات عدوانهم العربية اليوم في ما قدروا له بضعة أسابيع ضحكت منها الأقدار ساخرةً بمرارة ولا تزال”.
واعتبر أن “الإمارات لم تعد كما كان يتصور كثير من الواهمين بترويج أتباعها إبان مرحلة “شكراً سلمان” و”إمارات الخير” المخزية، فهي الآن تسمى صراحةً وعلى نطاق متسع “الاحتلال الإماراتي” كما هي في الواقع من أول يوم لوجودها في بلادنا”.
وكشف الأديب الحنكي خلال المقابلة عن كواليس الأحداث التي مرت بها اليمن والمحافظات الجنوبية إبان ثورة 14 أكتوبر، وعقب 7/7 – 94، وصولا إلى العدوان السعودي الأمريكي.
وتحدث عن أسباب الركود الأدبي والنقدي وأن ذلك ناتج عن النكسات السياسية والارتداد عن الثورة والارتهان للاحتلال.
وأهدى الأديب كريم الحنكي موقع “المسيرة نت قصيدة “ظِلُّ النِّفْطِ” لم تنشر من قبل، تقرأونها نهاية نص المقابلة.
نص مقابلة مع الأستاذ كريم الحنكي
حاوره/ حسن المرتضى
1_ الأستاذ كريم في أول سؤال أطرحه عليك هو من عناوين دواوينك الشعرية )كم طعنة حتى الآن)… برأيك منذ ثورة الرابع عشر من أكتوبر كم تلقت اليمن طعنات حتى الآن وهل أثر ذلك في نتاج أبنائها الشعراء والنقاد والساسة ؟
أزكى التحية وعميق التقدير والامتنان -بدايةً- لكم شخصياً ولموقع المسيرة نت بوجهٍ خاص، وللإعلام المتفرد والمشرف الذي تمثله شبكة المسيرة عامة.
(كم الطعنة الآن) هو عنوان ديواني الأول – والوحيد، حتى الآن- الذي أتيح له النشر مطبوعاً في العام 1995، وذلك بفضل سانحةٍ تمثلت بتولي الأستاذ الشاعر والمثقف الرائع والمتميز محمد علي الشامي الإدارة العامة لمكتب الثقافة في عدن، متعه الله بكل الخير ولا حرم ثقافتنا من عطائه وأمثاله. فله استطراداً هنا خالص التحية ودائم العرفان والتقدير.
وبالعودة إلى سؤالك أخي الكريم أجيبك بكلمة: “خيرااات”، سواءً على مستوى الجنوب منذ ثورته اليمنية 14 أكتوبر 1963، ومنذ إسقاط كياناته المشيخية كافة مع الدويلة المصطنعة بريطانياً باسم اتحاد الجنوب العربي على جزء من أراضيه وإقامة وحدته المرتبطة باستقلاله عن الاحتلال البريطاني وإعلان دولته الوطنية اليمنية التي انتظمت ما أضحى يعرف بالشطر الجنوبي من اليمن باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 1967، أو على مستوى الديار اليمنية عامةً منذ قيام الجمهورية العربية اليمنية شمالاً في سبتمبر 1962، ثم منذ توحيد الشطرين في الجمهورية اليمنية يوم 22 مايو 1990. خيرات من حيث الكثرة فقط بالطبع؛ إذ لا صلة لها قطعاً بدلالة الخير. فهي سلسلة يصعب حصرها من الطعنات وما يتصل بها من الخيبات الشاملة التي عمت، وخصت بانعكاسها على حياة الشعراء ونتاجهم بطبيعة الحال. فكبار شعراء عدن واليمن عموماً الذين منهم من تغنى للثورة والحرية وأذكى الروح الوطنية والنضالية بمنسوب مرتفع من الآمال والتطلعات العامة سرعان ما مستهم -مساً مباشراً أو غير مباشر- شظايا التحولات الثورية الحادة واندفاعات إجراءاتها وصراعاتها ونكساتها. لطفي جعفر أمان مثلاً صاحب “على أرضنا بعد طول الكفاح تجلى الصباح لأول مرة” و”مزهري الحزين” وقبلهما “أخي كبلوني وغُلَّ لساني واتهموني بأني تماديت في عفتي… إلخ” وغيرها، مما أطرب وحرك بعضه مشاعر الناس وألهمهم بصوت غرِّيدَيِّ عدن المرشدي وأحمد قاسم، انسحب من الحياة مريضاً في القاهرة بعد بضع سنوات عام 1971. وعبدالله هادي سبيت شاعر غناء لحج الذي تعد رائعته “يا شاكي السلاح” علامةً رائدةً في إلهاب الوجدان الوطني كلمةً ولحناً، اضطر هو الآخر إلى الانسحاب بنزوحه شمالاً. كما انسحب، بخفوت صوته إلى حد ما، محمد سعيد جرادة صاحب “يا أخي في الأسى يا ابن الجنوب” المغناة، ثم قصيدة الاستقلال بعنوان “30نوفمبر”:
اليوم تشرق فيك الشمس يا وطني.. سَنِيَّةَ الوجهِ غرَّاء الأساريرِ
شمس لها مقل حمراء من شفقٍ.. كعين صبٍّ حليف السهد مهجورِ
لعلها قطرات من دماء فتىً.. ضحى بروح لوجه الله منذورِ
وكذلك عبده عثمان صاحب “كانت الساعة لا أدري ولكنْ من بعيدٍ شدني صوت المآذن… كنت أدري ما على ردفان يجري كنت أدري أن إخواني وأهلي أذرع تحتضن النورَ وأرواحٌ تصلي”. والشادي لصنعاء من إذاعتها يوم 29سبتمبر1962: “أخرجت من ظلماتك الحبلى أعاصير النهار” ولعدن يوم استقلال جنوب اليمن “أحس أن قامتي تمتد في السماءْ”، المقالح، متعه الله بالصحة والعمر المديد، نجد له كثيراً من صدى الخيبات ذاك من مثل “دمعي على الوطن المهدور مهدورُ”، وغيرها. أما البردوني المتغني بالثورة أملاً واستبشاراً “أفقنا على فجر يومٍ صبي.. فيا ضحوات المنى أطربي” مثالاً، فهو صاحب “غزاةٌ لا أشاهدهم.. وسيفُ الغدرِ في صدري” الذي تضم أعماله من أثر تلك الطعنات والانكسارات ما يغني كثرةً عن التمثُّل.
ينسحب ذلك على شعرائنا بمختلف أجيالهم على نحو يأتي في سياقه معظم محتوى ديواني المشار إليه والمكتوب غالباً إثر إحدى أفدح محطات الصراع السياسي المتسلسل الذي تتوَّج جنوباً في يناير 1986 بأكثرها دموية عموماً وعلى المستوى الذاتي؛ واخترت له عنوان إحدى قصائده (كم الطعنة الآن) التي يستهلها سؤال الوقت الاعتيادي “كم الساعة الآن يا سيدي.. قد تأخرتُ في هذه العثرة الصاخبةْ.. آن لي أن أُلملم أشلائيَ المتعبةْ وأُغادر هذا الهواءَ الملوَّث” ويختمها السؤال الاستعاري عن عمر أضحى يقاس بالطعنات والانكسارات “كم الطعنة الآن يا سيدي… وكم طعنةٍ سوف ينتظر القلب بُرهته بين هذا الحطام”.
وكذلك الأمر في ما يتعلق بنقادنا ومثقفينا عموماً. أما السياسة فهي غالباً مصدر تلك الطعنات التي لم يسلم من آثارها مع ذلك كثير من رجالها.
2_ تصفحت عنك ووجدت أن لك كتابا عن اليمن في عهد الإمام أحمد فهل اختلف اليمن في مواجهة الأتراك قبل قرن عن مواجهة الأمريكان وأياديهم العربية وهل الوعي والصمود هو نفسه أم ازداد وهل اليمن اليوم مثل اليمن قبل قرن ؟؟
ليس لي؛ لكنه ترجمة لكتاب هارولد إنجرامز (اليمن: الأئمة والثورات) اضطلع بها الأستاذ الفاضل نجيب سعيد با وزير لم أقم سوى بمراجعتها اللغوية والطباعية أثناء نشرها دورياً في مجلة (اليمن) الصادرة عن مركز البحوث والدراسات اليمنية بجامعة عدن الذي أصدرها بعد ذلك في كتاب؛ غير أن خطأ ظهور اسمي مراجعاً على غلاف الكتاب مع المؤلف والمترجم تسبب للأسف بهذا اللبس. فالتحية واجبة مع الاعتذار هنا للأستاذ القدير مثقفاً ومترجماً، والصديق العزيز نجيب با وزير.
اليمن، حين تتوافر له القيادة المقتدرة المخلصة، هو ذاته اليمن الأبي لكل ضيم القادر بفدائه اللافت الذي يأتي بالأعاجيب على صنع ما يظنه الأكثرون مستحيلا.
صحيح ربما أن بعده الجيوثقافي (إن جاز التعبير) عن مراكز الاهتمام المعرفي هو ما تسبب تاريخياً إلى حد ما في الجهل به؛ بحيث خاطب أحد علماء بغداد في القرن السابع الهجري بعضاً من أقرانه اليمنيين، قائلاً: “أنتم يا علماء صنعاء أقمتم أنفسكم بالسكون فيها في مضيعة”! متعجباً من الجهل بوجودهم مع علو مكانتهم واقتدارهم.
يقول المعري: “وتقدِّرونَ، فتَضحكُ الأقدارُ”.
ولعل ما أوقع الأتراك في اليمن من جهل بطبيعة أهله وإساءة تقدير تسبب لهم قديماً في كارثة قومية لا تزال أصداؤها تترجَّع حتى في مردداتهم الشعبية وغنائهم اليوم، هو ذاته -مع الاختلاف- ما أوقع أيادي الأمريكان وأدوات عدوانهم العربية عليه اليوم في ما قدروا له بضعة أسابيع ضحكت منها الأقدار ساخرةً بمرارة ولا تزال. وها نحن نطوي العام الرابع من صمود اليمن الأسطوري ولسان الحال منه يكاد يردد صدى الشيخ علي سليمان الزامكي أحد كبار دثينة اليمنية في النصف الأول من القرن الماضي، قائلاً معه اليوم لتحالف العدوان:
زِيِّدِ ارْبَعْ على مَربَعْ، يِشِبِّ الْوَرَعْ… يِدْخِلِ الْهِيْجِ بَيْنِ الْكُبَّرِ الشَّرْعَبِيَّةْ
فاليمن هو ذاته اليوم؛ بل أشد بأساً وصلابةً واقتداراً على الإتيان بما لم تستطِعْهُ الأوائلُ.
3_ مررت بأهم الأحداث التي عاشها اليمن في القرن العشرين والواحد والعشرين فهل انعكس ذلك على شعرك وأعمالك النقدية والأعمال التي أداها منشدون وفنانون من كلماتك وما هي إصداراتك المنشورة وغير المنشورة؟؟
بكل التأكيد. انعكست على ما أكتبه من شعر بوجه خاص، وأثرت فيه وعليه؛ بل ربما أسهمت في توجيهه أحياناً وجهةً ما كان ليتخذها في ما أرجح لولا الشأن العام في بلادنا وما نعيش معها ونكابد. شعر العامية مثلاً، وتقليدي الفصحى إلى حد معين، ما كانا ليظهرا لدي بهذا الكم على الأقل، لولا الهم العام وأحداثه منذ الحراك السلمي الجنوبي حتى العدوان وتبعاته ومآلاته. هذا من حيث الشكل؛ فأنا أساساً شاعر تفعيلة. ولا يخفى بالطبع ما تركته قبل ذلك كارثة يناير 1986 بوجه خاص من نتف دامية على مضامين كثير من نصوص (كم الطعنة الآن).
أما الكتابات النقدية أو المغناة فليس لي منها أصلاً -مع اهتمامي بها- سوى القليل جداً؛ وإن لم يخل هو الآخر من أثر ما ذكرت.
ولا تزيد الأعمال المنشورة لي، أو بالإسهام مع غيري، عن:
كم الطعنة الآن، ديوان شعر، إصدار مكتب وزارة الثقافة، عدن، 1995.
سفينة القلائد الحَكَميَّة والفرائد الحُمَينيَّة (إسهاماً مع آخرين)، منشورات جامعة عدن، 2005.
(وهو كتاب مختارات من الشعر اليمني الفصيح والموشح الملحون عبر العصور، كنا قد أنجزناه بإشراف مباشرٍ من عالِمِ اليمن الجليل أ. د. جعفر الظفاري، رحمة الله عليه، ونشرناه متسلسلاً في مجلة المركز الذي أضحى يحمل اسمه الكريم منذ 2009 بقرارٍ من رئيس جامعة عدن حينها أ. د. عبدالعزيز بن حبتور، دولة رئيس الوزراء اليمني بصنعاء اليوم).
عدن في عيون الشعراء (بالاشتراك كذلك مع آخرين)، منشورات جامعة عدن، 2004.
أما الأعمال غير المنشورة التي أنجزتها ولا تزال مخطوطةً أو مصفوفةً ضوئياً فقط، فأهمها:
ثلاثة دواوين، أحدها من الشعر العامي.
مجموعة شعرية من قصائد الهايكو لأحد شعراء اليابان المعاصرين التقيته في طوكيو عام 2003، وتسلمتها منه منشورة باللغتين اليابانية والإنجليزية. وقد اضطلعت بترجمتها لاحقاً في عدن، عن اللغة الوسيطة (الإنجليزية) طبعاً؛ إذ أجهل اليابانية.
مجموعة من الكتابات المختلفة المؤتلفة تحت عنوان (شؤون وشجون، من وحي الحراك) يتألف معظمها من مقالات نشر كثير منها في صحف محلية وعربية، بالإضافة إلى خواطر منثورة ومنظومة نشر بعضها في مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أن لدي كذلك مشروعاً لجمع دراسات وكتابات نقدية وترجمات مختلفة عديدة منها ما نشر ومنها ما لم ينشر في الدوريات المحلية والعربية. وهي تؤلف أكثر من كتاب.
4_ هل يمكنك أن تصف لنا الأحوال بالتفصيل في جنوبنا المحتل وتصوركم لما ستؤول إليه الأوضاع؟
معلوم للجميع أن الجنوب قد تعرض لعوامل عديدة ومتشابكة إلى حد التعقيد ناتجة أساساً عن مسلك نظام صالح هناك، عقب حرب 1994 التي أمسك إثرها بخناق اليمن كله تحالف 7/7 بين أقطاب الوصاية السعودية، في كلٍّ من حكم الفساد والإفساد وقوى السلفية الإخوانية والوهابية التي أبيح لها الجنوب فعملت بتمكين ودأب على تحويله تدريجياً وجعله بيئةً حاضنةً لها ولطائفيتها ومنتجاتها الإرهابية.
فذلك النظام -وهو الموسوم أكاديمياً بنظام “الكلِبتوقراط”، أي حكم اللصوص، والقائم عملياً على قاعدة خطرة هي “أفسد تسُد”- إنما شعر بعد انتصاره ذاك أن بيده قدراً غير مسبوق من أسباب القوة على مستوى البلاد كلها يمكِّنه من التصرف كيفما شاء وحيثما شاء بلا أدنى قلقٍ من رقابة أو حتى تروٍّ ومراعاةٍ لمنافسة يأبه لها من دولة يمنية أخرى كما كان الحال قبل 1990 أو شريك يمني آخر كوضع ما قبل 7/ 7/ 1994. فكانت ممارساته التي استقال بسببها دولة الرئيس طيب الذكر فرج بن غانم أواخر التسعينات سبباً لاعتمال السخط الشعبي وتناميه في الجنوب لعدم مراعاتها حساسية خاصة تتمثل في حقيقة أن المظالم المترتبة عليها وإن لم تكن أشد من غيرها على باقي اليمنيين لا بد أن تدفع الناس شيئاً فشيئاً إلى الرفض وثورة الغضب، مستثيرةً لديهم بطبيعة الحال حنيناً ما لدولتهم الخاصة التي كانت بيدهم حتى بضع سنوات فقط؛ وهو ما تجسد ذروةً في الحراك السلمي الجنوبي بقلب مدينة عدن لاحقاً يوم 7/ 7/ 2007، والذي ووجهت عفويته بالقمع المفرط أمنياً والاختراق من خارجه، ثم بالتهالك على القيادة من داخله عبر دغدغة عواطف الناس المتصاعدة بشعارات لا عقلانية ومصطلحات خطرة وهويات قاتلة مثل “الاحتلال اليمني” و”الجنوب العربي” وغيرها مما حذرنا منه وقاومناه باكراً، لكم دون جدوى للأسف. ناهيك بالطبع عما ذكرنا آنفاً من الاشتغال الطائفي عليه وعلى محيطه قبله، مع ما يتصل بكل ذلك من شيطنة لصنعاء وللشمال بوجه عام ولأنصار الله خصوصاً في ما بعد.
كل ذلك وغيره مجتمعاً أدى في الأخير ومنذ ما بعد 2011 إلى جنوب مضللٍ طائفياً إلى حد كبير، بالغ الالتباس والتشوُّش في هويته الوطنية، مناقضٍ تماماً -كما يتبين من عدن اليوم- لمدنيته وتسامحه وطبيعته الحضارية السلمية التي ألفنا وعرفنا.
على خلفية ذلك يمكننا فهم انفلات الأوضاع وانهيارها وانتشار الجريمة والانتهاكات الشائنة بشتى أنواعها، فضلاً عن تلك المظاهر الغريبة المهينة وغير المقبولة من الترحيب والشكر المذل لقوى العدوان التي انحسرت منذ مدة مع ظهور بوادر رفض ومقاومة للاحتلال، لا تزال محدودة ودون مستوى ما تستوجبه الأحوال ونتطلع إليه؛ إلا أنها مبشرة بالنظر إلى ما كان. وهي ستتسع كما نأمل ونتصور.
5_ كيف ينظر أهلنا في الجنوب إلى هادي والاحتلال الإماراتي والتحالف الأمريكي السعودي وهل هناك حركات مقاومة ضد هذا الاحتلال وما مظاهر هذه المقاومة وهل ترى أنها ربما تتنظم أو أنها لا زالت مظاهر فردية؟
لنتذكر أولاً أن معظم الجنوب يوم 21فبراير2012، قد قاطع عملية انتخاب هادي مرشحاً وحيداً لعامين فقط، أو ما سمي انتخاباً حينها! بل عمد بعض فصائل الحراك إلى فرض مقاطعتها بالقوة مانعاً جزءاً من النسبة القليلة أصلاً التي كانت تريد المشاركة. فليس للرجل أي ثقل حقيقي هناك ولا تعويل أو احترام يذكر، عدا ما تؤمن له إمكانات المال والسلطة من تبعية أو موالاة نفعية غالباً وإن كانت شكلية كسلطة صاحبها. فعامة أهلنا في الجنوب لا يرونه إلا بأصدق ما وُصِف به: “رئيس دمية”.
والإمارات لم تعد كما كان يتصور كثير من الواهمين المضللين بترويج أتباعها إبان مرحلة “شكراً سلمان” و”إمارات الخير” المخزية. فهي الآن تسمى صراحةً وعلى نطاق متسع “الاحتلال الإماراتي” كما هي في الواقع من أول يوم لوجودها في بلادنا. يُحرق علمها ويداس بأقدام الأحرار من أبناء عدن والجنوب في انتفاضاتهم ومظاهراتهم الساخطة على ذلك الاحتلال ومليشياته، وفي شعاراتهم المكتوبة على الجدران داعية إلى سقوطه بكل القبح والإهانة التي يمثلها بممارساته وفظائع انتهاكاته الشائنة. وما يوجه صراحةً إلى طرف أساس في تحالف العدوان السعودي الأمريكي ينسحب بالضرورة على أطرافه الرئيسة الأخرى وأولها السعودية التي طال ما وسمناها في الجنوب خاصة بالعدو التاريخي لليمن كله.
فهناك حركات مقاومة بالطبع لهذا الاحتلال الإماراتي السعودي في عدن والمهرة ومناطق مختلفة من الجنوب المحتل ما بينهما. وهي ليست فرديةً، لكنها متفرقة يشوبها قدر من العفوية والعشوائية؛ إذ ينقصها التنظيم ووجود الحامل النضالي الوطني الذي ينتظمها ويحظى بثقة عامة الناس ويوحد جهودها ويوجه كفاحها توجيهاً سليماً فاعلاً بالتوازي مع الإسهام في تخليصها مما بقي من آثار التضليل الهائل الذي تتعرض له. بيد أن عوامل ذلك تتراكم باستمرار وستؤدي إلى التحول النوعي المنشود في هذا السبيل قريباً بإذن الله.
6_ تعرف كما يعرف اليمنيون أن عناصر من حزب الإصلاح وهي من ضمن المرحبين بعاصفة الحزم واليوم هم من ضمن من يتم التنكيل بهم في سجون الاحتلال الإماراتي قتلا واغتصابا ووو… هل هذا سيؤدي بالإصلاحيين إلى الانتفاضة على الاحتلال كباقي المناطق المحتلة أم أنهم سيضلون عبيدا وهل هناك بعض حالات التمرد داخل الحزب على سياسة الخضوع للاحتلال؟
يذكرني شق من سؤالك هذا أخي الكريم بمثلنا الشعبي المعروف “يستاهل البرد من ضيع دفاه” للأسف؛ بينما يستحضر الشق الآخر منه إلى الخاطر غيره من أمثالنا الشعبية أيضاً، هو “لا كانه شمس، قا كانه أمس”! وإلى جانبهما بيت المتنبي الشهير:
مَن يَّهُنْ يَسْهُلِ الْهَوَانُ عليهِ.. ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ
قد ألتمس العذر لعامة الناس وبسطائهم في الوقوع ضحية التضليل والالتباس أحياناً؛ أما عناصر الأحزاب السياسية وكوادرها، فلا. لا أنتظر خيراً ممن سلم إرادته لقوى العدوان على وطنه تحت أي مبرر كان؛ ولست متفائلاً ببعض الأصوات الفردية التي تظهر شيئاً من التمرد بين الحين والحين ربما لأسباب تخصها، دون أن تُقدِم على الاعتراف الصريح بخطأ مواقفها السابقة وتصويبها بالاعتذار عنها واتخاذ موقف حقيقي واضح تعود به إلى الصف الوطني المناهض للعدوان المقاوم له فعلا.
7_ صنعاء وصعدة ترد كثيرا في قصائدك خصوصا قصيدتك (اليمن المعصوم بصعدته).. ما تقييمك لأربع سنوات من ثورة 21 من سبتمبر وهل خروج اليمن عن وصاية أمريكا والسعودية مرحلة فارقة لليمنيين لم تحدث إلا قبل مائة عام حين خرجت اليمن من وصاية الأتراك وبعدها من وصاية البريطانيين؟
(اليمن المعصوم بصعدته) ليس عنوان النص، بل إحدى الجمل الشعرية التي يتألف منها موسوماً (ولصعدة فاكهة شتى). بيد أنني سعيد بانطباعها لديك بحيث حلت محل العنوان؛ فهي أثيرة لدي كالنص كله الذي استلهمته في عدن مطلع 2016 من حديثي مع توأم الروح حفظها الله، وتعاطفها الحانق بسبب ما تتعرض له صعدة من جرائم العدوان وصمت كثير من الصارخين حين يكون في ذلك ما يخالونه تأييداً له.
وبدهي أن يتردد ذكر صعدة، وقد شدت هواي منذ الحروب الست عليها، في قصائدي التي استهللت إحداها في ردفان عام 2008:
يا ناهد الريح، لا تنهَد بغير هوىً.. من منتهى اليمن الأدنى، إلى صعدة
وختمتها حينها في عدن:
يا صعدة اليمن الأعلى عليكِ شذىً.. من منتهى اليمن المشطور بالوحدةْ
وبدهي أكثر ورود صنعاء، فهي مجتمع بلادنا كلها بما حوت من تنوع وجدانها ووحدته حتى استحقت تاريخياً وسم (صنعا اليمن)، ومقام عاصمته التي تمكنَت أخيراً بريح صعدة وأنفاسها من أن تعصمه بالفعل من السقوط ثانيةً في يدي أي وصاية منذ ثورة 21سبتمبر2014 الظافرة بإذن الله رغم ضخامة التآمر والتضليل الشيطاني عليها والتحديات الكبرى أمامها وهول العدوان الذي لم يمهلها عملياً حتى ما يبدو من أشهر، لكي لا يرى الناس حجم التحول الإيجابي، الملموس بالرغم حتى من كل ذلك لكل موضوعي منصف تحصن من عدوى التضليل وأوهامه وخلت نفسه من مرض الأهواء والعقد.
إنها بالفعل مرحلة فارقة في حياتنا وتاريخنا يعود بها طيب الذكر الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، وتجربته المقموعة من قوى العدوان ذاتها اليوم، إلى صدارة المشهد.
8_ ما هي رسالتك لليمن واليمنيين ونحن قد انتهينا من العام الرابع ودخلنا في العام الخامس من العدوان؟
الصمود، مهما كلف الأمر. فالنصر أيضاً يمان.
نحن معتدَى علينا عدواناً خارجياً لا لبس فيه من قبل عدو اليمن التاريخي السعودية وتحالفها الأمريكي الإماراتي. فلا خيار أمامنا، في حربنا الوطنية الكبرى في العصر الحديث هذه دفاعاً عن أرضنا واستقلالنا وسيادتنا، سوى الصمود ورفد جبهاته وتعزيزها (فإما حياةٌ تسر الصديق.. وإما ممات يغيظ العِدا) حقيقةً، حتى النصر الحتمي؛ فهو -كالإيمان والحكمة- يمانٍ لا ريب فيه.
9_ في نهاية المقابلة نتمنى أن تخص المسيرة نت بقصيدة لم تنشر من قبل في دواوينك أو حتى مواقع التواصل؟
ظل النفط
تجدها أدناه. ولا أتوفر حالياً على غيرها مما لم يسبق نشره من قبل.
10_ هل هناك سؤال وددت لو أني سألتك لتعطينا الإجابة؟
سؤال متوقع عن الحراك السلمي الجنوبي أظنني سربت الإجابة عليه في ثنيات ما قد ورد.
11_ هل تمكنت من كتابة نص تعتبره كاملا وهو أصدق ما يعبر عن قناعاتك وما هي النصوص الشعرية اليمنية أو الشعراء اليمنيين من كتبوا نصوصا كاملة وأين موقع النقد الأدبي في اليمن وهل يواكب الحراك الشعري كونك ناقد أيضا أم أن الشعراء تجاوزوا النقاد بأميال ولم يعودوا بحاجة للنقاد أم أن النقاد عجزوا عن المواكبة ؟؟
لا.. لم أتمكن من كتابة نص أعتبره كاملاً؛ ولن أتمكن من ذلك بالطبع.
ميزة النص الكامل برأيي أنك تسعى إليه ولا تبلغه. لكنك في مسعاك إلى بلوغه الذي لا يتحقق، تحقق عدداً ما من النصوص الأهم من غيرها في مسارك الفني، مما تنجزه خلال مختلف المراحل التي تقطعها تجربتك الشعرية حتى تكتمل بها عبر ذلك المسعى. فالنصوص الأهم والأبقى ذكراً في أعمال كل شاعر هي الأقرب إلى ما عنيت.
لعلي من المهتمين بالنقد ومن هواته؛ لكنني لست ناقدا. ولا أرى للنقد الأدبي في اليمن أي مواكبةٍ لحركة الشعر ومشهده فيه؛ بل تخلف عنه بحيث اضطلعت القراءات النقدية لكثير من الشعراء والكتاب المهتمين بالنقد الذي لا تنتفي الحاجة إليه بالطبع. لكنني متفائلٌ بأن يسهم في ردم هذه الفجوة عدد من نقادنا الأكاديميين حين يتسنى لهم نشر ما لديهم من أطاريح ودراسات وبحوث.
ظِلُّ النِّفْطِ
كَذَبَ السَّلَفِيُّ وَإِنْ صَدَقَا.. وَالْإِخْوَانِيُّ مَتَى نَطَقَا
وَإِذَاْ خَطَّتْ سَطْرَاً يَدُهُ.. لَفَّقَ فَحْوَاهُ، أَوِ اخْتَـلَـقَا
أَوْ هَوَّلَ فِي الْأَمْرِ إِلَىْ مَاْ.. يَلْوِيْ لِحَقِيْقَتِهِ الْعُـنُقَا
فَيُبِيْـحُ الزَّيْـفَ لِبُغْيَتِهِ.. مَاْ دَامَ يَشُقُّ لَهَا الطُّرُقَا..
وَيُنَزِّهُ قَـدْرَ مُـؤَازِرِهِ.. وَالْخَصْمُ يُشَـيْطِنُهُ خُلُـقَا.
فَقَهَهُ النِّفْطُ، فَكَفَّـرَ مَنْ.. خَاْلَفَهُ الرَّأْيَ وَمَا اتَّفَقَا
وَتَسَعْوَدَ مِنْ وَرَعٍ لِمُلُوْ.. كٍ تَحْتَهُمُ الْحَقُّ انْسَحَقَا
فَشَرَى بِالدِّيْنِ وَبَاعَ، وَلَمْ.. يَلْقَ لِمَا ابْتَاعَ بِهِ قَلَقَا
لَكَأَنَّ بِأَضْلُعِهِ صَخْرَاً.. يَلْبِسُ لِلنَّاسِ لِبَـاسَ تُقَـى
إِنْ أَبْدَى اللِيْــنَ بِمَسْلَكِهِ.. أَخْفَى لِتَصَلُّبِهِ نَــزَقَا
وَلَئِنْ أَظْهَرَ للسِّلْمِ هَوَىً.. أَبْطَنَ لِلْحَرْبِ بِهِ شَبَقَا
وَتَجَرَّدَ مُتَّخِذَاً سَيْفَيْـ.. ـنِ عَلَىْ نَخْلِ الرُّوْحِ امْتُشِقَا
لَا يَقْبَلُ مِنْكَ مُغَاْيَرَةً.. فِي الْقَوْلِ، وَفِكْرَاً مُنْطَلِقَا
إِلَّاْ فِي الضَّعْفِ مُهَادَنَةً.. وَإِذَاْ مَا اشْتَدَّ فَوَاْ فَرَقَا.
كَذَبَ السَّلَفِيُّ، لَهُ أَرَبٌ.. وَالْإِخْــــوَانِيُّ بِهِ اتَّسَقَا
وَإِذَاْ أَوْجَزْتُ، فَإِنَّهُمَاْ.. فَرَسَاْنِ عَلَى الْغِيِّ اسْتَبَقَا
إِلَّاْ مَنْ ظَنَّ بِهِمْ خَيْرَاً.. لَمْ يَدْرِ حَقِيْقَةَ مَا اعْتَنَقَا
وَأَسَاءَ بِلَاْ قَصْدٍ؛ فَإِذَاْ.. عَفَّ عَنِ السُّوْءِ، فَقَدْ فَسَقَا
وَغَدَاْ فِيْ مَحْفَلِهِمْ خَطَرَاً.. يَدْرَؤُهُ الْقَتْلُ بِمَا مَـرَقَا
فَالْتَمَسَ الْأُفْقَ لَهُ هَرَبَاً.. أَوْ ضَرَّجَ مِنْ دَمِهِ الْأُفُقَا.
يَا ظِلَّ النِّفْطِ، كَفَى سَفَهَاً.. فَسَوِيُّ الْعَيْشِ بِكَ اخْتَنَقَا
صَيَّرْتَ الْعُمْرَ بِنَاْ حَرِجَاً.. وَأَحَلْتَ حَيَاةَ الْخَلْقِ شَقَا
وَسَدَدتَّ الْأُفْقَ عَلَىْ وَطَنٍ.. إِن لَّمْ تُفْلِـتْهُ، فَقَـدْ نَفَـقَا.
سيرته الذاتية
الاسم: عبدالكريم سالم محمد الحنكي.
الميلاد: أبين، 1967.
الإقامة: صنعاء.
الحالة الاجتماعية: متزوج.
المؤهل: بكالوريوس لغة إنجليزية وآدابها، كلية العلوم والآداب والتربية، جامعة عدن، 1994.
البريد الإلكتروني: Alhanaki67@hotmail.com
العمل:
مساعد باحث، مركز الظفاري للبحوث والدراسات اليمنية، جامعة عدن.
سكرتير تحرير مجلة (اليمن) الصادرة عن المركز، 2006-2012.
مترجم متعاقد، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية/صنعاء 2000-2009.
معيد، كلية الآداب، جامعة عدن منذ 2011.
أخرى:
شاعر، ومترجم. عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ 2001.
عضو الجمعية اليمنية لتعريب العلوم.
ناشط مؤسس في الحراك السلمي الجنوبي منذ 2007، وأحد معتقليه في يناير 2009.
عضو مؤسس في الرابطة اليمنية لأسر ضحايا الاختفاء القسري.
عضو الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان.
أعمال منشورة:
كم الطعنة الآن، ديوان شعر، إصدار مكتب وزارة الثقافة، عدن، 1995.
سفينة القلائد الحَكَميَّة والفرائد الحُمَينيَّة (كتاب، مع آخرين بإشراف أ. د. جعفر الظفاري)، منشورات جامعة عدن، 2005(وهو مختارات من الشعر اليمني الفصيح والموشح الملحون عبر العصور).
عدن في عيون الشعراء (مع آخرين)، منشورات جامعة عدن، 2004.
عديد من الدراسات والترجمات المنشورة في الدوريات المحلية والعربية، منها:
ثورة عبدالله بن يحيى الكندي 129هـ، مجلة (اليمن) المُحَكَّمة، ع.11، جامعة عدن، 1999.
شيخ الطريقين عبدالله بن أسعد اليافعي، مجلة (اليمن) المُحَكَّمة، ع.21، ج. عدن، 2005.
منتهى اليمن: عدن في الأمثال الشعرية العربية، مجلة (اليمن) المُحَكَّمة، ع.20، 2005.
قصائد عشق يابانية، (ترجمة عن الإنجليزية)، مجلة (نِزوى) العُمانية، ع.15، 1998.
المجتمع المدني في اليمن، ترجمات، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2001.
المحاصصة الزراعية في اليمن، ترجمات، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2002.
التحول الديمقراطي في اليمن، ترجمات، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2003.
اليمن : القبيلة والدولة، ترجمات، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2003.
ثورة 14أكتوبر في الدراسات الأجنبية، ترجمات، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2003-2004، (4 أعداد، بالاشتراك مع الأستاذ حامد جامع).
أعمال معدة للنشر:
مجموعتان من الشعر الفصيح. وديوان من الشعر العامي.
ديوان من شعر الهايكو الياباني (ترجمة عن الإنجليزية).
كتاب في الأشعار والأمثال والمُرَدَّدات الشعبية في جنوب اليمن.
أنشطة ثقافية عامة:
إعداد وتقديم ترجمات شعرية من الإنجليزية إلى العربية شعراً منظوماً، إذاعة عدن، 2012.
إعداد وتقديم برنامج (خَطَرات الوجدان في شعر الغناء والدَّان)، إذاعة عدن، 2013.
المشاركة في مهرجان الشعر العربي الحادي والعشرين، دمشق، 1997.
المشاركة في مهرجان المربد، بغداد، 1998.
المشاركة في البرنامج الثقافي الياباني، طوكيو، كيوتو، هيروشيما، 2003.
المشاركة في مهرجان صنعاء الأول والثاني للشعراء الشباب العرب،2004، 2006.
المشاركة في مهرجان البابطين، الكويت، 2008.
المشاركة عضواً في لجنة التحكيم للبرنامج التلفزيوني (شاعر الصمود)، صنعاء، 2016.
المشاركة في فعاليات مهرجان الرسول الأعظم عضواً في لجنة تحكيم المسابقة الشعرية، صنعاء 2016، الحديدة 2017، صنعاء، 2018.