المشهد اليمني الأول/
من كان يصدق أن اليمني سيقتل اليمني وهو أسير أو جريح، ومن كان يصدق ذلك سواء باليمني أو بالعربي أو بالمسلم أو حتى عرب الجاهلية لم يفعلوا ذلك حتى بغير الأشهر الحرم، فما بالكم بالأشهر الحرم، ومنها شهر رجب، وحدث أكثر من ذلك في ظل الصهيونية والإمبريالية وبالوجه القبيح للتكفير الوهابي بالسعودية والإمارات والوجه الدميم لوحوش سلطة المال والبنون وأحصنة العروض الاستعمارية بالأقاليم والوعود السرابية.
و”الخصي من الدماغ” هو مصطلح أطلقه الأديب العملاق الفقيد عبدالله البردوني على من تعرضوا بالإغراءات لمؤامرة “الخصي من الدماغ” من الأنظمة الخليجية، فكان الخريج اليمني يلقى في أي إمارة أو مشيخة السكن والسيارة والزوجة والعمل السهل لكي لا يشكل هذا الخريج نبضاً في جهاز الثورة.. واليوم تم خصي الرجولة والشهامة والنخوة للقوم بالمال والتكفير السعودي والإماراتي والقطري، وأمام مشهد مجازر الشعب اليمني بالآلاف صامتون محايدون؛ وكانوا قبل ذلك أكثر رجولة وشهامة وفصاحةً وانشقاقاً وثوار بعد “مجزرة جمعة الكرامة”، إنهم ليسوا خونة ولا عملاء ولا حتى مرتزقة، إنهم قوم مخصيون بالأدمغة والعقول والرجولة، وكيف لا، وجنرال الانشقاق وحامي الثورة الشبابية في الديار اليمنية أصبح زوجةً للسفير السعودي وبدون أي مقاومة وانشقاق أو انحياز للأخلاق، كيف لا، ولا مانع من زوال 24 مليون يمني بينهم ملايين الأطفال والنساء مقابل بقاء المليون إصلاحي فقط كما قال الإخواني صعتر، كيف لا، وهناك المئات من الإصلاحيين يتعرضون للاغتصاب في سجون القوارير والخوازيق الإماراتية، ولا انتفاضة ولا فصاحة ولا ثورة وبدون أي مقاومة تذكر، وببساطة أكثر تم خصي أدمغتهم بالوهابية والإخوانية فكانوا هم فقط المسلمين وغيرهم كفار وقتلهم من موجبات الدخول للجنة والتمكين في الدنيا.
من كان يتصور أن العالم بأسره لا يرى أو يسمع بجريمة اليمن “أم الكوارث”، ومن كان يتخيل صمت الكل والجميع على المذابح اليومية والحصار الشامل على شعب بأكمله، ولا أمم متحدة ولا حاكم عربي أو مسلم أو إنساني يتدخل لوقف نزيف الدم اليمني، وحدث أكثر من ذلك في ظل الصهيونية والإمبريالية، وبالوجه المقرف للتكفير البروستانتي والتلمودي بأمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
إنهم قوم مخصيون بالمال والنفط، وكيف لا، وما من دولة على وجه الأرض إلا ووجدت العدوان على اليمن أمثل فرصة للانتهاز واقتناص المليارات والملايين الملايين من الدولارات، أو استفادت من حماقة القرن الواحد والعشرين، حماقة الاعتداء على أسياد العزة والكرامة، عشرات الشركات العالمية من مختلف قارات العالم السبع أدارت عجلات إنتاجها ودبت الحياة لمدنها، ليس لحب أعدائنا إقتناء مختلف الأسلحة الهجومية والدفاعية، أو لقوة عتاد وعدد خصومهم، أو أنها شهوة وزيادة خير لدول غنية تمتلك أكوام من المال.. بل لاستحالة شراء قطرة عرق على جبهة السيد القائد العلم وأنصاره.
وقالوا لك جماعة متمردة وزعيم مختل تائه في الجبال، والآلاف من الأسر من كل الأجناس والألوان لا تقتات من أموال أعراب النفط.. بل من كرامة وعزة هذا القائد ورجاله المجاهدين من شعب الهوية الإيمانية، دول وأنظمة وأحزاب وجماعات وأفراد.. والكل يظفر يستغل ينتهز ويتاجر ليس لكرم أعدائنا الذين يمنعون عنا حق الحياة، ويتسببون بإغتيال طفل واحد كل عشر دقائق بسبب سوء التغذية والحصار.. بل لثبات جنود المسيرة القرآنية الأسطوري أمام كل أنواع الحملات المعادية.
ثراء المرتزقة في فنادق الخارج وعنترياتهم وأصواتهم العالية ليس لأهميتهم أو قوتهم أو مكانتهم.. فقد نالهم ما نالهم من قوارير وخوازيق سجون التحرير الأجنبي، ونالهم ما نالهم من عقود زوجات السفير وليالي الهروب الكبير.. بل لاستحالة ثني إرادة هذا القائد العزيز وجنوده المؤمنين.
اجتماع بريطانيا وأمريكا واسرائيل وأعراب التطبيع بالتكفير التلمودي والبروستانتي والوهابي والعنصرية الشرقية والغربية وكل الجهات الأصلية والفرعية على رجل واحد ليس لما يمتلكه قائد الثورة من قوة مادية وعتاد وأفراد.. بل لامتلاكه طاقة إيمانية هائلة قزَّمت حلف العدد والعتاد إلى ما تحت تحت أقدامه وأقدام أتباعه المجاهدين الواثقين بنصر الله.
تلك الانحناءة للسيد القائد لتقبيل يد جريح قد تجدوها في معسكرٍ للأعداء إذ ما أرادوا تزييف الواقع والتطبيل لقادتهم وإظهارهم كحمل وديع وأبطال القيم والإنسانية.. لكن.. ما لكن.. الواقع يشهد ويقر بعدوانهم وحصارهم وعقابهم الشامل لشعب الأنصار، وينطبق عليهم بيت الشعر القائل ” ومتصدقةٌ من كد فرجها … لكي الويلُ لا تزني ولا تتصدقي”.. وهناك من يؤتون الزكاة وهم راكعين حتى لو كان خاتماً من حديد.. أو قُبلة على يد جريح.
حينما تعجز كل أموال وثروات أهل الأرض عن شراء قطرة كرامة وذرة عزة من هذا الإنسان وتلاميذه، ونراه يتشرف بتقبيل أيدي أتباعه المجاهدين.. فاخلع نعليك إنك بالوادِ المقدس طوى.. وادِ وشِعب الأنصار العظيم مسلك الرسول الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ويقولون مسكين أبو يمن تنهال عليه مصائب بالجُملة والمُفرق.. وكيف له أن يكون مسكين والسكاكين كثيرة من الخارج وأكثر من نيران الداخل الصديقة والشقيقة والشريكة، بل أن الشعب اليمني عظيم عظمة العدوان والاستغلال الخارجي والداخلي معاً، عظمة سجالات المعارضة والحكومة في أمريكا وبريطانيا وأوروبا لصموده الأسطوري، الشعب اليمني الأصيل سترونه يطهر البلاد والعباد من النيران الصهيونية والمتصهينة وفي لمح البصر بعد نضوب الخزائن وغياب الطيران المعادي، بل تمريغ أنف السلاح الأمريكي في الجو بعد البر والبحر.. وتباً لكم ألف تباً يا متعطشي السلطة والمال.
يقولون ما يقولون، وتحت أضواء نور المسيرة القرآنية المباركة بالعترة والآل، يحتفل الأوس والخزرج الأنصار بعيد دخولهم في دين الله أفواجاً أفواجاً، واقتباسات من نور القائد العلم زادت من نزيف خزائن أعراب النفط والتطبيع اقتصادياً وعسكرياً نزيفاً وإيلاماً فكرياً وثقافياً.. فما بالكم لو كان النزيف من جرح ثعبان؟ والمثل يقول “اجرح ثعباناً ودعه للنمل ينتهي”.. فقبل العدوان لم يكن معروفاً أن السعودية وإسلامها الوهابي التكفيري لم يكن موجوداً قبل عام 1750م، إضافة إلى تاريخهم الدموي في سفك دماء الأمة العربية والإسلامية، وتقسيم البلاد العربية الواحدة إلى أقطار سهلة الابتلاع والهضم، ودورهم في احتلال فلسطين وظهور مشروع مملكة القدس اليهودية.
قرن الشيطان اليوم يحتاج لقرون كافة أبناء البقرة بالسبع رضعات من إخوان وإخوة التكفير الوهابي ويحتاج لقرون عجل بني إسرائيل وأباليس بريطانيا وفرنسا بل يحتاج لتدخل الشيطان الأكبر الأمريكي شخصياً ليسانده الكل والجميع بإحداث خرق ما في الساحل الغربي لليمن، قرن هرم عجوز يتآكل ويلاحقه تدهور فكري وثقافي وبشكل غير مسبوق بفعل الصمود اليمني وإسلامهم المحمدي الأصيل، وبقائد المسيرة القرآنية وأنصاره المجاهدين، لاشك أن رأس الثعبان سيُقطع بالوعي والثقافة، والجبهة الثقافية لن تنطفئ بقرار أممي أو بسكوت مدافع الجبهات العسكرية الداخلية والحدودية.. فمتى أصبح تدارس وقراءة سورة ياسين بدعة، ومتى كان الاحتفال بمولد الرسول الأعظم بدعة، ومتى كان حب آل البيت وأولياء الله الصالحين شرك وكفر؟.. بل كم كانت كلفة تحريف الدين المحمدي الأصيل وحرف مسار الهوية اليمنية الأصيلة روحياً وأخلاقياً وإيمانياً؟.. وعلى الرغم من بقاء الخطر لا شك أن شعب الأنصار بالمسيرة القرآنية قد أحرق مليارات المليارات وسنوات سنوات من التضليل والتزييف والتزوير.
ويقولون شعب اليمن عرطة وفلتة ومفردات العهر وقواميس الانبطاح والعنصرية لا تغادر ألسنتهم، ويهزأون من الإنفاق والدعم الشعبي للتصنيع الحربي والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ويهرولون في كل الإتجاهات لشراء أحدث وأثمن طائرات ومنظومات دفاع جوي على وجه الأرض وبكل أنواعها وبصفقات وأرقام فلكية جعلت بريطانيا العظمى تتوسل ألمانيا إلغاء وقف بيع السلاح لتحالف العدوان على اليمن، كي لا ينام أطفال خبرائها وموظفيها جوعى في العراء مع إغلاق مصانع الأسلحة، ووزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر العاطفي يؤكد بأن المقاتل اليمني المجاهد الأصعب مراساً على وجه التاريخ جاهزاً بأكثر من أي وقت مضى من زمن العدوان على اليمن أرضا وإنسانا، ويتوعد بمفاجئات تثلج قلب كل يمني، بصناعة وإنتاج يماني خالص.. ويقولون أغيثوا أطفال اليمن، ويرفضون رفع الحصار الجوي والبحري والبري، وتناسى البعض ما يحق لنا قوله لهم وباللهجة الشامية الأصيلة “لحم أكتافكم من خير صمودنا”.
والشعب اليمني لم يكن يوماً عرطة أو فلتة.. ومهما تاجرتم في السابق والحاضر، فإن هذه المرة لن تسلم الجرة، والمجاهد غادر الحواري والمنازل للجبهات، والكلمة الأولى والأخيرة في أيدي “مجاهدي مع ربي”، بل أن كل المستثمرين والمتاجرين وكل خزائن الأعداء لا ولم ولن تشتري فردة نعل واحدة من نعال هؤلاء الأولياء العاقدين صفقتهم مع الله وحده سبحانه وتعالى بجنة عرضها السماوات والأرض.
في القرن الثامن عشر كان الشعب العربي واحد، وبوطن جغرافي واحد، وكان اليهود شعوباً وقوميات متعددة بعدد دول العالم ولا يوجد وطن قومي لليهود، وبعد انتشار الوهابية التكفيرية في نجد 1745م ظهرت المشاريع الاستعمارية بذريعة حماية خطوط الملاحة من التوحش الوهابي الذي كفر الهند وشعب الجزيرة العربية، وتم اغتيال الوطن العربي الكبير لعدة أوطان وشعوب، وتم تعطيل الجهاد ضد المحتل الخارجي وتصويبه نحو الداخل العربي المسلم بثورة القبور ومحاربة الشرك والبدع لحمد بن عبدالوهاب واسلامه التكفيري، ولتظهر الخارطة الديموغرافية والسياسية للوطن العربي وبعد ثلاثة قرون كالتالي: “كان العرب شعباً واحداً، واصبح شعوباً كثيرة قد تصل إلى 66 شعب عنصري مناطقي طائفي وبالفيدرالية الأمريكية والإسرائيلية، وكان اليهود شعوباً وقوميات وبعدد دول العالم، واصبح اليهود شعباً واحداً وبقومية عبرية واحدة.
وعندما يعجز ويفشل تحالف العدوان والموالاة من تحقيق أهدافه بتمرير المشروع الاستعماري الصهيوني للقرن الواحد والعشرين وبأكوام من الأموال وجحافل من المرتزقة من كل حدب وصوب، وينكسر ويندحر وينهزم الجمع على أرض شعب الأوس والخزرج، سينتحر العدو السعودي وكل الأعداء في عقر دارهم ومن الداخل، والمؤشرات الاقتصادية والسياسية والعسكرية أكثر من أن تحصى.
وادِ وشِعب الأنصار العظيم بالإرادة اليمنية والمعجزة اليمنية والأسطورة اليمنية والإيمان اليماني الأصيل، أخدوداً إلتهم جبال المليارات وأحرق صنوف الأسلحة والترسانات ودفن جحافل الغزو والنفاق والارتزاق في مقبرة الغزاة الخالدة، وكان ما كان، ولا فخر، مجاهدي الملازم القرآنية يطلبون من جحافل النفاق والارتزاق وعسكر ثاني أكبر الدول استيراداً للسلاح في العالم تسليم أنفسهم في عقر مدرعاتهم ودباباتهم ومواقعهم ثم يحرقونها بالقداحات والكراتين، ومشاهد الإعلام الحربي الموثقة تقول وتحكي ما تعجز عن وصفه الكلمات.. كانوا مجاهدين بالجرمل والكلاشنكوف والآر بي جي ثم المقذوفات الحوثية.. فاصبحوا مجاهدين بالصواريخ الباليستية الذكية والطيران المسير وقناصات البحر والبر، وما بعد ذلك مفاجئات وادِ وشعب الأنصار العظيم الأخدود الموعود في التوقيت والمكان المناسبين.. إن مع الصبر نصراً.. إن العدوان لفي خسر.. والعاقبة للمتقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جميل أنعم العبسي