المشهد اليمني الأول/
من بين عدة مبعوثين أمميين سبقوه في المهمة، لا يبدو المبعوث الأممي الحالي هو الأسوأ حظاً، كما انه لن يكون الأوفر حظاً كذلك، خصوصاً في ظل التطورات الأخيرة، و دخول اتفاق السويد مرحلة الاحتظار والموت السريري، فنحن امام ٣٠٤ خرق للهدنه في الحديدة خلال ٤٨ ساعة فقط، وذلك تبعا لناطق القوات المسلحة.
الاتفاق وانعكاساته المهمة فيما لو تم تنفيذه، كان سيكون أهم انجازات الرجل، و أكثر وأبلغ وأعظم ما سيفاخر به، هذا ما يبدو ظاهريا، مع التسليم بان الاتفاق يحمل بصمات أممية مأية بالمأية.
لو تجاوزنا مسألة غريفيث الى ماهو أعظم وأعم فيما يتعلق بذلك الاتفاق، وناقشنا الموضوع بمسؤولية و إللتزام أخلاقي أمام الشعب والوطن، وأمام الضمير الإنساني الحي ، والأجيال القادمة، سنجد أنه هناك رابح وحيد فيما لو تم تنفيذ الاتفاق والالتزام به،،وبالمقابل سيكون ذلك الرابح ، هو الخاسر الوحيد في حالة الفشل، وانتهاء الهدنه.
نعم في كلا الحالين، سيكون الربح، وستكون الخسارة من نصيب الشعب اليمني دون سواه، ولذلك نرى ونقدر عاليا إلتزام الجانب الوطني بكل بنود الاتفاق، و اعتماده سياسية ضبط النفس ، وتمسكه بالهدنة رغم آلاف الخروقات التي أقدم عليها، العدوان ومرتزقته، وبرغم تكرار المحاولات لجره، الى اشعال فتيل المواجهة من جديد، وعودة الأمور الى حالة و أوضاع ماقبل الاتفاق، بل أكثر من ذلك، ذهابه الى ما هو أبعد وأعظم.. والى حد إبداء الإستعداد لتنفيذ الاتفاق من جانب واحد، والقيام بإعادة الإنتشار من طرف واحد، فيما لو طلب منا ذلك من قبل الأمم المتحده، وقد عبر عن ذلك صراحة وأمام الملأ ، قائد الثورة حفظه الله.
بالعودة الي شخصية المقال، لم يعد لدينا كشعب يمني أي أمل في شخص المبعوث وقدراته ومهاراته، مهما بلغت في الكياسة والمهنية، فقد تعلمنا من تجربتنا مع العدوان، أن نجاح أو فشل أي مبعوث، لا يرتبط بالقدرات والمهارات، ولا حتى بالحيادية والمهنية، بقدر ما يرتبط بكسر (خشم) العدو، وتخليه عن غطرسته، وجنوحه للسلام، بقدر ما يرتبط باستقلال القرار اليمني، و صحوة المرتزقة، وشعورهم بشيئ ولو بسيط من الحس الوطني ، وملامستهم لأي نسبة من معاناة الشعب ومأساته غير المسبوقة.
ألم نكن قاب قوسين أو أدنى من توقيع إتفاق شامل، كان سيخرج البلد الى بر الأمان ويضع حدا لكل معاناته، و يجد حلا لكل مشكلاته..وذلك أيام المبعوث بن عمر.. أكيد تعلمون من المعرقل؟ ومن المسؤول..؟
إتفاق السويد ألم يكن نتاج عاصفة دولية، تسببت فيها مأساة خاشقجي وجريمة قتله المروعة، وغير المسبوقة، فتلك العاصفة هي التي اجبرت العدوان على الرضوخ والجنوح للسلام، واليوم نلمس ونشاهد بوضوح محاولاته الحثيثة، وسعيه المتواصل لأفشال الاتفاق والقضاء عليه بأي وسيلة وتحت أي مسمى.. ومع كل ذلك سيبقى الشعب اليمني، على يقظة تامة بكل مكائد الاعداء، والمتربصين به الدوائر.
ـــــــــــــــــــ
حميد دلهام