المشهد اليمني الأول/
لابد ان اعترف اولا ، اني ما كنت اعرف سببا وراء العداء غير الطبيعي لبعض الانظمة العربية ، ضد الجمهورية الاسلامية في ايران ، غير المنافسة على النفوذ ، ، او تضارب المصالح ، او خوفا من القوة الايرانية ، او حتى انطلاقا من احقاد مذهبية وطائفية.
التأكيد والتكرار الغريب والملفت ، من قبل مسؤولي تلك الانظمة لمقولات مثل “العدو” الحقيقي للعرب هو ايران” ، وان “التهديد” الايراني اكبر واخطر من التهديد “الاسرائيلي” ، وان “ايران تريد اعادة امجاد الفرس على حساب العرب” ، وان “ايران تريد تشييع العرب والمسلمين” ، وان “ايران الرافضية والمجوسية و..، لم ولن يهدأ لها بال الا بالقضاء على العرب” ، وان الخطر الايراني خطر وجود” و “ان ايران شر مطلق” و “ايران تنام وتصحو على امل النيل من العرب ” ، و.. الى آخر هذه المقولات التي ما انفك يرددها هؤلاء المسؤولون الى جانب جيوش جرار من الاعلاميين والصحفيين ، كنت اتصورها تندرج في اطار الصراع الذي اشرت الى جانب من اسبابه.
بعد المآسي التي واجهتها بعض الشعوب العربية إثر ما بات يعرف بالثورات العربية وانتشار الفوضى والدمار في ربوع بلدانها ، حيث تكثفت الوان الخطوط التي كانت تفصل بين معسكر الانبطاح والعمالة لامريكا و”اسرائيل” ، وبين المعسكر الرافض للانبطاح والتطبيع والهيمنة الامريكية”الاسرائيلية” ، تبين لي ، ان كل ما قيل عن “عداء” ايران للعرب ، والنفخ في هذا العداء الوهمي بين ايران والعرب ، ليل نهار ، كان مرده ، ليس بيان “خطر” ايران، بل لتمهيد الارضية ،لتسويق فكرة التطبيع مع “اسرائيل” ، واخراج العلاقة السرية بين تلك الانظمة العربية و”اسرائيل” من السر الى العلن.
تلك الانظمة العربية ما كان بمقدورها ان تتحدث بالاريحية التي تتحدث فيها الان ، عن ضرورة اقامة علاقات استراتيجية بينها وبين “اسرائيل” ، لولا القصف الاعلامي الكثيف والمتكرر وعلى مدار الساعة للعقل العربي عن “الخطر” الايراني الوهمي ، و”الصداقة”الضرورية مع “اسرائيل” كما تكشف مؤخرا وبشكل سافر في مؤتمر وارسو الفضيحة.
ان عملية تسويق “اسرائيل” الى وجدان الانسان العربي رغم انها كلفت أمريكا و”اسرائيل” والرجعية العربية ، اثمانا باهظة و وقتا طويلا ، الا انهم فشلوا في مسعاهم فشلا ذريعا ، فهذا اليمن الذي يتعرض لا بشع واشرس عدوان ، تحالف ضده اثرياء العرب الى جانب طواغيت الارض والكيان الغاصب للقدس ، هذا اليمن المجوع والمحاصر ، اعلن وعلى لسان ابنه البار قائد أنصارالله السيدعبدالملك بدرالدين الحوثي، إن “الله يأبي لشعب اليمن أن يكون خادما لأمريكا واسرائيل” ، كما هو حال طواغيت العرب الاذلاء.
ان الحرب والحصار والتجويع ، الذي يستهدف الشعب اليمني منذ اربع سنوات ، ما هي الا ضريبة يدفعها هذا الشعب لرفضه الهيمنة الامريكية ، والتبعية للرجعية العربية ، ورفض الاعتراف بالكيان الصهيوني ، وهي حالة يتقاسمها مع انصار الله ، كل من حزب الله في لبنان ، وحماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة في فلسطين ، والحشد الشعبي في العراق ، فكل هذه العناوين الشامخة ،ترفض الاعتراف ب”اسرائيل” ، وترفض خيانة وارسو ، وبالتالي الخضوع والخنوع ، فاستحقت غضب الثلاثي المشؤوم امريكا والرجعية العربية و”اسرائيل”.
الحالة اليمنية الرافضة للتطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني والخضوع والخنوع للاملاءات االامريكية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بحجة التصدي لايران والترويج لكذبة “الخطر الايراني” ، هي حالة عربية اسلامية طاغية ، و كل ما يروج عن التطبيع مع “اسرائيل” لمواجهة ايران ، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات التابعة لاصحاب الثروة العرب ، ما هي الا صدى للذباب والبعوض والحشرات الالكترونية ، وللمرتزقة من الذين باعوا شرف الكلمة بثمن بخس.
خوف الانظمة العربية الرجعية من الاعلان جهارا نهارا عن التطبيع مع “اسرائيل” ، رغم الارضية الضخمة التي مهدتها لتحقيق هذا الهدف ، عبر اشعال الحروب الطائفية ، وصناعة عدو ايراني وهمي ، ليس الا دليلا واضحا على وعي الشعوب العربية من جانب ، والتبعية المذلة للانظمة العربية للثنائي الامريكي “الاسرائيلي” من جانب اخر.
بقلم: فيروز بغدادي