المشهد اليمني الأول/
جدد تحالف العدوان السعودي الاماراتي مؤخرا اللهث وراء النفوذ والهيمنة في محافظة المهرة التي رفضت وترفض تواجد أي قوات من خارجها تزعزع أمنها وتعكر صفو سكينتها ومع أن أبو ظبي قد واجهت تجربة سابقة وطرداً غير محمود عندما سعت في تشرين الأول 2016م؛ لفرض هيمنتها الاستعمارية على المحافظة لكن جنون الهيمنة واللهث وراء الثروة التي تمتلكها محافظة المهرة بوابة اليمن الشرقية دفعها من جديد لإرسال ميليشيات وعناصر إرهابية عبر مجلسها الانتقالي الذي حول عدن وعدداً من المحافظات الجنوبية إلى مستنقع للإرهاب يمارس كل أنواع القبح والجرائم بحق أبناء تلك المحافظات .
وفي المقابل تحاول السعودية فرض وجودها العسكري بالمحافظة كأمر واقع منذُ أواخر 2017م عندما دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المهرة مُسيطرة على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية وفي مطلع 2018م عززت الرياض تواجدها بإرسال 200 شاحنة تحمل معدات عسكرية إلى مدينة الغيظة عاصمة المحافظة وسعت السعودية منذُ ذلك الحين إلى اختراق المجتمع المهري بشراء الولاءات القبلية و”تفريخ” قيادات موالية لها و”تفكيك” القوى المناهضة وتجنيد ميليشيات تتبع المحافظ المعين من الفار هادي “راجح باكريت” الذي يقدم كل التسهيلات من أجل دخول الميليشيات والجماعات الإرهابية والمتطرفة إلى المحافظة وأمام الجنون الإماراتي والتهور السعودي وجدت إرادة شعبية صلبة ترفض المساس بتراب الوطن وانتهاك سيادته الوطنية.
ويقول رئيس مجلس أبناء المهرة وسقطرى: إن هناك مخططاً لعسكرة المحافظة والتوظيف العسكري بطريقة قبلية وبطريقة عشوائية، وكذلك عملية جلب أشخاص من خارج المحافظة وأكد أنه يطلق على المجندين من خارج المحافظة والذين يجلبهم راجح باكريت “المقنعون” لافتا إلى أن المهرة اليوم ليست بحاجة إلى انتداب في المرحلة الحالية وأفاد قائلاً: إن المهرة اليوم ليست كما في حقبة الستينيات أو السبعينيات لدينا قادة عسكريون وكفاءات ولدينا أناس خريجون من خيرة الشباب وقادرون على إدارة أنفسهم دون استعارة أي أحد من خارج أبناء المحافظة لكن للأسف جرى تركهم ولم يلقوا لهم بالا وفي كل الأحوال عملية الانتداب مرفوضة بشكل عام لدى المهرة وقال: عندما يأتون بشخص من خارج محافظة المهرة يفعلون ذلك لكي يمتثل لأوامرهم فقط، لأن أبناء المهرة لا يمكن أن يواجهوا بعضهم البعض أو يشهر أحدهم سلاحه في وجه أخيه أو يقبل أوامر وتوجيهات غير مقتنع بها مهما كان من يصدر تلك الأوامر.
من جانبها جددت أبو ظبي تحركاتها في المهرة بعد غياب طويل عن طريق ميليشيات مجلسها الانتقالي حيث فتحت بداية الشهر الماضي باب التجنيد وتؤكد مصادر محلية تورط القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في زرع خلايا إرهابية بالمحافظة وقال مصدر أمني رفيع: إن بن بريك أحد قيادات المجلس الانتقالي المدعوم من أبو ظبي، على صلة مباشرة بخلايا إرهابية في المحافظة وأكد المصدر أن عناصر إرهابية في مدينة الغيظة عاصمة المحافظة استلموا أموالاً ضخمة في أواخر يناير الماضي كان مصدرها هاني بن بريك، في مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي إلى ملشنة محافظة المهرة عبر فتح معسكرات خارجة تتبعها على غرار تأسيسه لتكوين قوات أحزمة أمنية ونخبة مهرية كتلك التي في عدن والمكلا وشبوة ومايسمى انتقالي المهرة والذي يتوسع من خلال الإعلان عن فتح باب التسجيل للالتحاق بالمعسكرات وما يسميها نخبة مهرية ويعمل على التغرير على الشباب المهري ورفع شعارات رنانة للشباب وينسق مع عناصر متطرفة واخرى متشددة تم نقلها من مناطق أخرى إلى محافظة المهرة للقيام بأعمال إرهابية مسلحة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المهرة في محاولة لاستنساخ تجربة قوات واحزمة النخبة في عدن والتي أثارت الفوضى والقتل والانفلات الامني ونفذت عمليات اغتيال للعلماء والخطباء والناشطين والقيادات الأمنية والسياسية والاختطافات وأعمال السلب والنهب للبنوك والمحلات التجارية وتعطيل الحياة العامة وفتح المعتقلات والسجون السرية وما حدث فيها من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان واغلاق وتدمير مؤسسات ومرافق الدولة الحيوية والتعامل مع المواطنين بحسب الهوية والانتماء في محاولة لاستحضار الماضي البغيض في الجنوب وما حدث من تصفيات وقتل وسحل حسب الهوية.
تحركات سعودية إماراتية لعسكرة المهرة
وتعيش محافظة المهرة شرق البلاد أجواء قاتمة تنذر بأوقات صعبة قد تعصف بها في ظل مساعي “ملشنة هذه المحافظة” من قبل القوات السعودية وحلفائها ردا على حالة الرفض الشعبي المتواصل لسياسات الهيمنة التي تبديها الرياض وقال المصدر وهو من أبناء المهرة مفضلا عدم الكشف عن اسمه لحساسية الأوضاع إن “التحركات السعودية والإماراتية جارية على قدم وساق لملشنة المهرة عبر إنشاء قوة عسكرية موازية للقوات الحكومية من شرطة وجيش”.
وأضاف المصدر أن “هناك قوة أنشأتها السعودية تحت مسمى قوات الحماية الخاصة والطوارئ بالمهرة وتتخذ من مركز الشباب والرياضة في المهرة مقرا لها”.
ووفقا للمصدر وثيق الاطلاع فإن هذه القوة التي تم تأسيسها من ثلاث محافظات وتحت قيادة شخص مقرب من السلفي المثير للجدل المقرب من النظام الإماراتي والمحال من الحكومة للتحقيق هاني بن بريك يدعى “وضاح الكلدي” وهو من أبناء منطقة يافع في محافظة لحج (جنوبا). وأشار إلى أن هذه التحركات تأتي بتماه مباشر وبشكل كبير من قبل الإدارة الحالية للمهرة بزعامة راجح باكريت مع أجندة الرياض ومساعيها في الهيمنة على ساحل المدينة على بحر العرب.
وأكد المصدر المطلع أن إطلاق اسم “قوات الحماية والطوارئ” على هذه القوة محاولة بائسة للتمويه رغم أنها لا تختلف عن المليشيات التي دربتها وسلحتها “أبوظبي” في محافظات جنوبية وشرقية أخرى مثل “الحزام الأمني” في مدينة عدن (جنوبا) و”النخبة الشبوانية” في مدينة شبوة (جنوب شرق البلاد) و”النخبة الحضرمية” في مدينة المكلا، عاصمة حضرموت (شرقا).
وذكر أن هذه القوة تتألف من أكثر 3 آلاف عنصر ينتمون لمحافظات “شبوة وأبين ويافع” بأوامر سعودية بينما كان نصيب أبناء المهرة من هذه القوة نحو 300 عنصر لافتا إلى أن هدفها في المقام الأول الانتشار في شواطئ وموانئ المحافظة والتحكم بها. ووفق المصدر فإن المزاج العام في المهرة يخيم عليه الغضب إزاء هذه التحركات لعسكرة مدينتهم التي كانت بمنأى عن الحرب المدمرة في البلاد والتي قد تفجر الموقف عسكريا.
وتموج محافظة المهرة التي توصف بأنها بوابة اليمن الشرقية على الحدود مع سلطنة عمان بأحداث عاصفة جعلتها بين مد التحركات السعودية للهيمنة عليها وجزر الرفض الشعبي والرسمي الواسع لهذا الوجود الذي يصفونه بأنه احتلال.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي كشف تقرير حكومي تفاصيل صادمة عن ممارسات القوات السعودية المتواجدة بالمهرة رغم تبرؤ وزارة حقوق الإنسان من هذا التقرير الصادر عن مكتبها هناك وأحالت مسؤول المكتب للتحقيق بعد إيقافه عن العمل وأشار التقرير إلى أن القوات السعودية حولت مطار الغيظة وميناء نشطون في المدينة إلى ثكنات عسكرية مضيفا أن الرياض قامت بتهيئة ميناء نشطون لخدمة مصالحها وتحديد السلع والبضائع التي سيسمح بدخولها.
فيما أفاد مصدر مسؤول في المهرة بأن هذه المساعي من قبل السعودية تترافق مع محاولات مماثلة من قبل ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي تشكل بدعم إماراتي أواسط العام 2017 لإنشاء مليشيات تابعة له في المهرة وإيجاد موطئ قدم له عبر هذا المشروع. وأضاف المصدر أن مندوبين تابعين لهذا الكيان بدأوا بالتحرك في مديريات المهرة في سياق حملة التجنيد التي يجريها لتلك القوة.
لكن المصدر استدرك قائلا: “اصطدم هذا التوجه من قبل المجلس الانتقالي برفض من السكان المحليين الذين رفضوا الالتحاق بأي قوة تابعة له”.
وكان وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب بدر كليشات قد أطلق دعوة قبل أسابيع للتحذير من التحركات التي يجريها المجلس الجنوبي المدعوم من أبوظبي لإنشاء مليشيات تابعة له في هذه المدينة لإشعال الفتنة فيها والتخطيط لانقلاب آخر على الشرعية الدستورية. غير أن هذا التصريح من قبل كليشات دفعت حاكم المهرة باكريت إلى إيقافه عن العمل وإحالته للتحقيق بتهم عدة، بينها عدم خضوعه للإجراءات الجمركية والأمنية وإخلاله بواجباته الوظيفية.
لكن كليشات نفى ذلك في بيان رسمي واعتبر أن اتهامات المحافظ كيدية دوافعها سياسية على خلفية موقفه الأخير من أنشطة المجلس الانتقالي المنادي بانفصال الجنوب عن شماله بالمدينة.
وفي شباط/ فبراير الماضي كشف عن خريطة تواجد القوات السعودية ومواقع المعسكرات والثكنات العسكرية التابعة لها في المهرة. وأواخر آب/ أغسطس 2018 نشرت وثيقة تكشف عن نية الرياض إنشاء ميناء لتصدير النفط في محافظة المهرة. وتتضمّن الوثيقة رسالة من شركة “هوتا” للأعمال البحرية إلى السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر تعبر عن شكرها له على ثقته بالشركة الذي منحها فرصة إعداد “عرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء لتصدير النفط”.