الرئيسية زوايا وآراء نتنياهو إلى المحاكمة والسجن.. وهل باتت صفقة القرن على حافة القبر؟

نتنياهو إلى المحاكمة والسجن.. وهل باتت صفقة القرن على حافة القبر؟

المشهد اليمني الأول/

 

أن يوجه النائب العام الإسرائيلي اتهامات موثقة لبنيامين نتنياهو بالفساد وتلقّي الرّشاوي والاحتيال وخيانة الأمانة، ويطلُب محاكمته، في وقت تدخُل الحَملات الانتخابيّة التشريعيّة ذروتها، فهذا يعني أنّ كل رهانات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأصدقائه العرب على تمرير ‘صفقة القرن’ انهارت، والسّؤال المطروح بقوّة حاليا من سيرحل أولا، ترامب أم نِتنياهو، أم ‘صفقة القرن’، أم الثّلاثة معًا؟

 

 

التهمة الأخطر التي يُواجهها نِتنياهو هي تلقّي هدايا ثمينة من أرنون ميلتشين، رجل الأعمال والملياردير اليهودي، تتضمّن علب سيجار كوبي فاخر، وزجاجات شمبانيا مُعتّقة، وبدلات باهظة الثمن، مُقابل تسهيل صفقة تجارية، والتوسّط لدى الخارجيّة الأمريكيّة لمنحه تأشيرة دخول لمُدّة عشر سنوات.

 

 

لم يكن مفاجئًا أن يُسارع الرئيس ترامب بالدّفاع عن صديقه نِتنياهو، الأب الروحي لصِهره جاريد كوشنر، ويقول ‘إنّه صلب وقوي وذكي’، أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون بعد انتِهاء أعمال القمة الفاشلة بينهما، ويضيف ‘إنه قام بعمل رائع في منصبه كرئيس للوزراء’، ولكن ماذا سيفعل الذكاء والصلابة عندما تكون الأدلّة دامغة؟ وهل أفادت هذه الصّفات إيهود أولمرت عندما انتقل من رئاسة الوزراء إلى السجن وقضائه سبع سنوات خلف القضبان.

 

***

 

نعترف بأن ذكاء نِتنياهو المزعوم إذا كان صحيحًا فعلًا، فإنّه عائد إلى غباء معظم العرب وجُبنهم، والشيء نفسه يُقال عن ‘صلابته’ و’قوّته’، فهذا القائد الذكي القوي الصلب لم يستطع إرسال دبابة واحدة تخترق الحدود السوريّة أو اللبنانيّة، أو حتى إلى عُمق غزة، وتعرض لثلاث هزائم في القطاع، وكان يرتعد خوفًا من الطائرات الورقيّة والبالونات الحارقة، وآخر حروبه لم تستغرق أكثر من 48 ساعة، هرول بعدها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي طالبًا التوسّط لوقف إطلاق الصواريخ خوفًا من قصف مطار تل أبيب، وإنزال 3 ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ.

 

 

لعلها صدفة معبرة، أن يصدر مجلس حقوق الإنسان الدولي اليوم تقريرًا أجراه مُحقّقون مُحايدون يُؤكّدون ارتكاب نِتنياهو وحكومته جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بقتلهم 189 شهيدًا وإصابة 6100 عمدًا، أثناء احتجاجهم بشكلٍ سلمي العام الماضي على حُدود القِطاع مع فلسطين المحتلة، وكان من بين الشهداء مسعفون وصحافيون و35 طفلًا، ومقعدون على كراسي متحركة، فهذا هو الزعيم الإسرائيلي الذكي والقوي وجيشه الذي يمتدحه ترامب ‘زعيم العالم الحر’.

 

 

نِتنياهو قدم موعد الانتخابات التشريعيّة لكي يمارس ضغطًا على النائب العام الإسرائيليّ لتأجيل إعلان نشره للاتهامات المُوجّهة إليه لما بعدها، ولكن ضغوطه هذه باءت بالفشل، ممّا يُؤكّد أن المحكمة والقانون هُما اللذان يغيران رئيس الوزراء إذا كان فاسدًا وليس صناديق الاقتراع، خاصّة إذا تمّت إدانته بالتّهم المُوجّهة إليه، التي لا تَليق برئيس وزراء دولة تدّعي ‘الطّهر، والنّقاء، وتُؤكّد أنّها الديمقراطيّة الوحيدة في المِنطقة’.

 

***

 

نتنياهو الذي عبّر عن شماتته وترحيبه يوم أمس الأوُل باستقالة محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني من منصبه، وقاد ‘الجوقة’ العربيُة في مؤتمر وارسو الأسبوع الماضي، التي أكّدت أنّ إيران (لم تذكر إسرائيل مُطلقًا) هي الخطر الأكبر على أمن المِنطقة واستقرارها، سيكون اليوم موضِع شماتة الملايين ليس في إيران وحدها، وإنّما في أوساط الإسرائيليين أنفسهم، باستثناء أنصاره في حزب الليكود، وتلميذه كوشنر، واللّوبي الصهيوني في واشنطن، وبعض أصدقائه العرب الذين نصّبوه حاميًا وقائدًا لهم، وفرشوا له ولوزرائه وفرَقِه الرياضيّة السجّاد الأحمر.

 

 

يُراودنا سؤال لا نستطيع تجاهله، أو القفز عنه، وهو عمّا إذا كان حلفاؤه العرب سيزورونه في السّجن في تل أبيب حامِلين له الهدايا الفاخِرة من سيجارٍ كوبيّ، وشمبانيا فرنسيّة، والكنائِف العربيّة اللّذيذة؟

 

 

نترُك لكُم الإجابة.. أما نحن فسنسارع للانضِمام إلى معسكر الشّامتين وصُفوفه الأُولى إذا وجدنا مكانًا من شدّة الازدحام، وهذه المَقالة هي أوّل الغيث.

 

 

بقلم/ عبد الباري عطوان

Exit mobile version