المشهد اليمني الأول/
مع انتهاء الجولة الرابعة من المحادثات المتصلة بمصير مدينة الحديدة، أُعلن أمس التوصل إلى اتفاق نهائي بين وفدَي حكومة الإنقاذ وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد قرابة يومين من مفاوضات بدأت السبت الماضي. وبذلك، تُفتح كوّة في جدار تفاهمات استوكهولم، يمكن أن تفضي إلى الانتقال إلى جولة تفاوضية جديدة، إذا ما سار تطبيقها وفق ما اتُفق عليه.
وتزامن الإعلان عن الاتفاق مع وجود المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في العاصمة صنعاء، في زيارة هي الثانية من نوعها في غضون أيام. وأعلن المتحدث باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، أن غريفيث التقى زعيم الحركة عبد الملك الحوثي، لافتاً إلى أن اللقاء بحث «المسار المتعلق بتنفيذ اتفاق السويد». ونقل عبد السلام عن الحوثي تأكيده لغريفيث «جاهزية الحركة للسلام وتنفيذ الاتفاق»، وانتقاده «الرفض المستمر من قِبَل الطرف الآخر لما تم الاتفاق عليه، وآخر ذلك تعنّتهم تجاه الخطة التي قدمها رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار»، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.
وفي أعقاب الإفادة عن لقائه الحوثي، أُعلن عن اجتماع غريفيث برئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط. اجتماع أكد خلاله الأخير موافقة سلطات صنعاء على الخطة الأخيرة التي تقدّم بها لوليسغارد لتنفيذ اتفاق الحديدة.
وأكد المشاط، في اللقاء الذي حضره رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، ورئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حتبور، «جاهزية المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ لتنفيذ خطوات المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في الحديدة»، متهماً «الطرف الآخر بالمماطلة في ما يخص ملف الأسرى، وفي إعادة فتح مطار صنعاء، (وحلّ مشكلة) البنك المركزي وصرف المرتبات».
ووفقاً لمصادر مطلعة في صنعاء، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن الجنرال لوليسغارد «اقترح في البداية نشر قوات دولية في مناطق آمنة»، لكن «أنصار الله» «رفضت هذا المقترح لاعتبارات مرتبطة بالسيادة الوطنية، فتمّ الاتفاق على نشر قوات يمنية محايدة لم يسبق لها أن شاركت في المواجهات الدائرة منذ ما يزيد على أربع سنوات».
أما في ما يخص خطوات تنفيذ الخطة الجديدة، فقد علمت «الأخبار» من مصادر داخل وفد صنعاء التفاوضي، أنه سيتم ابتداءً «فتح طريق كيلو 16 المؤدي إلى صنعاء، وطريق كيلو 8 المؤدي إلى مطاحن البحر الأحمر، بهدف تسيير المساعدات الإنسانية»، على أن «ينتشر مراقبون أمميون غير مسلحين في هذه الممرات».
بعد ذلك، سيتم «الانسحاب من موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، وتسليمها للسلطات المحلية الموجودة حالياً (التابعة لسلطات صنعاء)، على أن يتم رفع القيود المفروضة من قِبَل التحالف على عمل الموانئ، ونقل آلية المراقبة الأممية (يونفيم) من جيبوتي إلى ميناء الحديدة».
وفي المرحلة الأخيرة، «تنتشر في الحديدة قوات عسكرية يمنية محايدة لم تشارك في الحرب»، وهي قوات موجودة بالفعل، وفق ما تفيد به المصادر، ولا يمكن أن تشكل عامل إقلاق لـ«أنصار الله» على اعتبار أن حيادها ثَبت على مدار السنوات الماضية.
هذه المعطيات أكدت بعضها مصادر مقربة من حكومة هادي، قائلة إن المناقشات أفضت إلى «اتفاقات على فتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، وتنفيذ إعادة الانتشار بما يضمن إخلاء الموانئ الثلاثة من عناصر ميليشيات الحوثي».
وأضافت المصادر، وفقاً لوسائل إعلام سعودية، بأن «فرق مراقبين من أعضاء بعثة الأمم المتحدة التي يقودها الجنرال لوليسغارد ستتولى مراقبة تنفيذ الاتفاقات». وفي وقت لاحق من مساء أمس، أعلنت الأمم المتحدة أن «الطرفين توصّلا إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من إعادة الانتشار المشتركة للقوات»، من دون مزيد من التفاصيل.
في غضون ذلك، جدّدت الولايات المتحدة، على لسان نائب مدير القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، مساندتها لـ«التحالف»، واستمرارها في تقديم الدعم لقواته.
وقال المسؤول الأميركي على هامش مشاركته في معرض «آيدكس» الدفاعي في العاصمة الإماراتية، «(إننا) نواصل تقديم الدعم للتحالف بقيادة السعودية، وبشكل خاص مساعدته في الاستهداف الدقيق وتقليل خطر وقوع خسائر مدنية»، على حدّ زعمه، مضيفاً «(أننا) نواصل التركيز على هزيمة القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (…) ولا نزال على أتم الجاهزية للقيام بما يلزم في هذا الصدد».