المشهد اليمني الأول/
حين باشرت السعوديّةُ ما وصفته بعاصفة الحزم كان حزبُ الإصلاح الأسرعَ إلى تأييدها وتجنيد بُنيته كلياً لتنفيذها على الأرض، وبعد قرابة أربع سنوات من العدوان الأمريكي بالوكالة السعوديّة وَعشيةَ ذكرى اندلاع الاحتجاجات الشعبيّة التي وضعت على رأس أهدافها إسقاطَ الوصاية والتفرد بالحكم والدولة والمقدّرات والثروة خرجت الأمانة العامة لحزب الإصلاح ببيان هزيل يؤكّــدُ حجمَ المأزق الذي يعيشُه الحزبُ على مستوى القيادة والتنظيم أَيْضاً لدرجة العجز الكامل عن تبنّي خطاب غير مثقل بالكراهية وأحلام مسح الآخرين من الخارطة وتصفية حضورهم ليس فقط السياسيّ بل حق الحياة، ناهيك عن غيرها..
لعقودٍ عرف اليمنيون الحزبَ في بُنية الحكم والمعارضة في نفس الوقت، وعرفوا خطابَه ومشروعَه، وها هو مجدّداً حزبُ اليدومي والأحمر والآنسي يثبت أنه لا يملك قدرة على تبني موقف أخلاقي يتجه به نحو الإسهام في تأسيس مرحلة يمنية جامعة وفق أُسُسٍ وطنية تتجاوز المذهبية والمناطقية والحزبية..
بيانُ الإصلاح يؤكّــدُ إلى أي مدى أصبح من العسير عليه إنعاشُ قيم التعايش وَالمواطَنة لديه وترميم ما فعلته سياستُه بجسد اليمن الاجتماعي والسياسيّ..
لا جديدَ في بيان الإصلاح مطلقاً، من حيث المحتوى والتوقيت، إلا تذكيرُ الشارع إلى أية درجة ينفّــذُ الإصلاحُ سياسةَ (الغايةُ تبرّرُ الوسيلةَ) هذا أولاً..
وثانياً الإشارة مجدداً إلى أن قيادةَ هذا الحزب قد ورّطت بنيته بالقبول بدور أسند إليه؛ للتخلص نهائياً من قُــوَّة اجتماعية وسياسيّة كبيرة قوامُها اليومَ أكثرُ بكثير مما كانت عليه قبل الحروب الست وبعد عاصفة الحزم كما يصفُها الحزب.
يتقمّصُ حزبُ اليدومي والآنسي في البيان دورَ المرتزِق المتلبس بجلباب فاضح لا يوفر له السترَ، وهذا كان حالَه في بداية العدوان على اليمن، وحينها كتب إليه بعضُ الناشطين في السياسة أن دورَ المتعهد المحلي أَو المقاول يسيء للحزب وللبلد وَيضُرُّ بالنسيج الاجتماعي ويسمّمُ الحياة السياسيّة..
لقد حقّقت تبعيةُ الإصلاح بأذرعه المختلفة لحساب السعوديّة والإمارات ومن خلفهما أسوأً كارثة على اليمن وما يزال ذلك أسوأَ ما يتعرضُ له الشعب اليمني، وهو ما يزوّدُ العدوان بأسباب الاستمرار، لقد أنهكت السعوديّة والإمارات لدرجة وصلتا عندها إلى مرحلة الانكشاف الاستراتيجي، وقد نال الحزبُ منهما من الإهانة والذل ما لا يتحمله رصيدُ حزب من أرزاء الخيانة المخزية والعمالة المكشوفة والإفلاس القيمي باتّجاه الانهيار والفشل المحتوم..
يتنامى ذلك الرصيدُ الأسودُ بما لم يعد مسموحاً للحزب تبني أية رؤية أَو أي خيار، ويبقى المتاح هو لعب دور السمسار لحساب الخارج والاستمرار في تجنيد عناصره وغيرهم كقتَلة مأجورين يخونون بلادَهم وثوابتَه وحقوقَه السيادية..
ثم بعد ذلك ممارسة كيل التهم لخصومه في السياسة وشركائه في الوطن دونَ الجرأة على التعبير عن الألم تجاه السطوة الإماراتية والسياط التي تلهبُه في الجنوب وتقودُ عناصرَه إلى محارق الموت في جيزان ونجران وعسير وغيرها من الجبهات التي يتمترسُ بها العديدُ من المنتسبين للحزب والمحسوبين عليه؛ لحماية الجيش السعوديّ والإماراتي وغيرهما من المرتزِقة الذين استقدمهما النظامان لتنفيذِ مخطّطات الصهاينة.
كتب : عبدُالحميد الغرباني