المشهد اليمني الأول/
«الاستعمار القديم الجديد»، هذه الكلمات تختصر أسباب الصراع الحالي بين بعض دول الاتحاد الأوروبي، وخير مثال على ذلك الحالة الفرنسية – الإيطالية، شركاء الاتحاد الأوروبي، والخصمان المتنافسان على بعض ملفات السياسة وصراع النفوذ والثروة في ليبيا.
وعلى الرغم من محاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التغاضي عن الموجة الأخيرة من الحرب الكلامية الدائرة منذ أسابيع بين روما وباريس، إلا أن تغاضيه لا يعني أبداً أن يتوقف الصراع عند هذا الحد، إذ يتوقع المراقبون للوضع في البلدين أن تتدهور العلاقات بينهما إلى ما هو أسوأ، ولاسيما قبيل الانتخابات الأوروبية المقبلة في أواخر أيار.
وفي حديثه للصحفيين خلال زيارته الأخيرة لمصر، حاول ماكرون عدم الرد على هجوم التصريحات الأخيرة من جانب اثنين من نواب رئيس الوزراء الإيطالي وهما لويجي دي مايو وماتيو سالفيني، إلا أن ردود ماكرون لم تخلُ من إهانة للإيطاليين، وقال صراحة: «الإهانات ليست مهمة، ولكن إيطاليا تستحق قادة على قدر تاريخها»، تصريحات ماكرون تعد استمراراً للحرب الكلامية التي لم تهدأ بين البلدين، بعدما اتهم نائبا رئيس الوزراء الإيطالي سالفيني ولويجي، فرنسا بإفقار إفريقيا ودفع المزيد من المهاجرين إلى أوروبا، فيما حثا الفرنسيين على عدم دعم حزب ماكرون في الانتخابات.
وعلى مدار العقد الماضي، كانت العلاقات بين الجارتين الأوروبيتين متوترة في كثير من الأحيان، ولاسيما مع تدخل فرنسا العسكري في ليبيا عام 2011، في محاولة للسيطرة على النفط الليبي، وهي المنطقة التي تعتبرها إيطاليا (منطقة نفوذ لها)، علما أن ملف المهاجرين ومشكلاتهم المستمرة على الحدود المشتركة لفرنسا وإيطاليا هو السبب الأول للاحتكاك بين حكومتي روما وباريس، هذا بالإضافة إلى صراعات الاقتصاد بينهما، والتي تتصيد فيها الشركات الفرنسية خصومها الإيطاليين، وهو أمر كفيل بإثارة العداء الكامن تحت السطح.
وظهر العداء مجدداً في الآونة الأخيرة، ولاسيما بعد محاولة دي مايو نائب رئيس مجلس الوزراء الإيطالي إظهار دعمه للمتظاهرين الفرنسيين ضد الرئيس الفرنسي، عندما نظموا أول احتجاج لهم في كانون أول الماضي، وحثهم على عدم الاستسلام، إضافة إلى اتهاماته لفرنسا بأنها لم تتوقف عن احتلال الدول الإفريقية، وهي التصريحات التي انتهت باستدعاء الخارجية الفرنسية للسفيرة الإيطالية تيريزا كاستالدو، وبشكل أو آخر تشير تصريحات دي مايو إلى حقيقة الصراع الدائر بين روما وباريس، وهو الصراع الدائر على مناطق نفوذ في ليبيا ودول إفريقية غنية بالنفط.
الحرب الكلامية بين روما وباريس تكتسب زخماً أكثر من أي وقت مضى، ولاسيما مع انتخابات الاتحاد الأوروبي الوشيكة، وكان دي مايو، في هجومه الأسبوع الماضي، اتهم فرنسا صراحة بالتلاعب في اقتصادات الدول الإفريقية التي تستخدم الفرنك الإفريقي كعملة لها، وبالتالي خنق تطورها ودفع مواطنيها إلى الهجرة الجماعية نحو أوروبا.
ومع اقتراب موعد انتخابات الاتحاد الأوروبي، فمن المرجح أن يتم استعراض وإذاعة المزيد من الاختلافات بين البلدين.
*ضياء الصفدي