الرئيسية زوايا وآراء عطوان: مصيرُ “قمة وارسو” ضد ايران كمصير “صفقة القرن”

عطوان: مصيرُ “قمة وارسو” ضد ايران كمصير “صفقة القرن”

 المشهد اليمني الأول |

“صفقة القرن الكبرى” سيتم طبخها في مؤتمر وارسو الذي دعا إلى عقده الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، وحمل الدّعوات إليه مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، الذي يقوم بجولة حاليّا في منطقة الشرق الأوسط لتحشيد الدّول المرشّحة لعضويّة حلف النّاتو السّنّيّ لتكون رأس حربة فيها.

بومبيو في خطابه الذي ألقاه في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة قبل بضعة أيّام لم يتطرّق للقضيّة الفلسطينيّة إلا بأربع كلمات فقط، وبشكل عابر ومبهم، دون الحديث عن حل الدولتين، لأنّ هذه القضيّة لم تعد محور الأحداث في المنطقة والعالم، ولا تشكّل أيّ تهديد للأمن والاستقرار الأممي، لأن أصحابها لا يحاربون “إسرائيل” وإنّما بعضهم البعض، فذروة طموحات الرئيس محمود عبّاس هو تحطيم حركة “حماس” في قطاع غزّة، وقمّة أهداف الحركة الأخيرة هو سحب الشرعيّة منه، ومن سلطته.

منظومة وارسو التي ستبحث كيفيّة التّصدّي للنّفوذ الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط، تذكّرنا بالتحالف الذي تشكّل بزعامة أمريكا، وانطلق من باريس لمحاربة (داعش)، وتكوّن من أكثر من سبعين دولة، ووفّرت حكومات عربية عديدة الغطاء “الشرعيّ” العربيّ والإسلاميّ له، مثلما وفّرت أيضا الغطاء الجويّ بإرسال ما في ترساناتها من طائرات “إف 16” الأمريكيّة الصّنع.

“صفقة القرن” الجديدة التي ستعلن في قمّة وارسو يوم 14 شباط (فبراير) المقبل، سيكون هدفها إيران ومحور المقاومة والحركات العسكريّة التي تشكّل أذرعته الضاربة في سورية والعراق ولبنان وفلسطين المحتلّة.

“إسرائيل” وحكومات حلف الناتو العربيّ السنيّ ستشكّل مجتمعة رأس الحربة في “حلف وارسو” الجديد بنكهة أمريكيّة أوروبيّة، ولعلّ اختيار العاصمة البولنديّة التي تستضيف صواريخ الرّدع النوويّ الأمريكيّة الموجّهة لروسيا، لهذه المهمّة، لم يكن من قبيل الصّدفة، وإنّما جاء وفق حسابات دقيقة ومدروسة، وتحدّيا لروسيا نفسها.

“صفقة القرن” الأمريكيّة التي وضع تفاصيلها بنيامين نتنياهو، وتبنّاها جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، وحاول الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعوديّ تسويقها عربيّا، فشلت لأنّ “المحلّل” الفلسطينيّ رفضها لأبعادها الخطيرة في تصفية القضيّة الفلسطينيّة، بمباركة عربيّة، و”صفقة وارسو” المقبلة ستفشل أيضا وستواجه المصير نفسه، تماما مثل منظومتيّ “أصدقاء سورية” وقبلها “أصدقاء ليبيا”، وما يجري حاليّا في البلدين من فشل فاضح للمشروعين الغربيّين فيهما هو دليلنا الأكبر.

محور المقاومة ليس مثل “داعش” لأنّه يضم دولا اجتازت الاختبار العراقيّ والسوريّ والفلسطينيّ بنجاح كبير، وشكّل قدرات ردع صاروخيّة هائلة، كمّا وكيفا في الوقت نفسه، وتملك إرادة قتاليّة عالية وغير مسبوقة، ولهذا سنحتفل بفشل “منظومة وارسو” مثلما احتفلنا بانهيار منظومة “أصدقاء سورية”.. والأيّام بيننا.

عبد الباري عطوان / راي اليوم

Exit mobile version