المشهد اليمني الأول | متابعات
يحتفل الجنوبيون كل عام بذكرى 13 يناير يوماً لـ«التصالح والتسامح»، وخلال 13 عاماً مضى يحيي الجنوبيون الذكرى بمليونيات تحتشد من كل مدن الجنوب إلى ساحة العروض بخور مكسر، تجسيداً لمبدأ «التصالح والتسامح» الجنوبي؛ غير أن السنوات الأربع الماضية، تعرضت قاعدة «التصالح» الجنوبي للتصدّع بسبب سياسات متعددة مارسها «التحالف».
4 أعوام استهداف لـ«التصالح»
منذ دخول «التحالف» في الحرب وسيطرته على الجنوب عسكرياً، بادر بتأسيس مكونات جنوبية وكيانات عسكرية وأمنية تحمل طابعاً مناطقياً، إضافة إلى دعمه لفكر سلفي معين كمظلة دينية وحيدة لتلك الشكيلات.
مراقبون اعتبروا أن هكذا ممارسات ساهمت في ضرب قاعدة «التصالح والتسامح»، والتي عمل الجنوبيون على تأسيسها في العام 2006 قبيل انطلاق «الحراك الجنوبي»، كقاعدة صلبة لانطلاق العمل السياسي المطالب باستقلال الجنوب، وظل هذا المبدأ متماسكاً برغم محاولات الأنظمة السابقة ضرب أي جهود تقريبية تتجاوز أثار حرب 13 يناير من العام 1986، وهي الحرب التي قسمت الجنوب إلى نصفين، وأحدثت شرخاً اجتماعياً كبيراً بين الجنوبيين.
الجنوبيون تراجعوا عن إحياء الذكرى!
وبرغم أن القيادات السياسية للمكونات الجنوبية والشخصيات التاريخية التي أيضاً كانت طرفاً وسبباً في اندلاع أحداث يناير، إلا أنها لا زالت تتمسك بخطابها الداعي إلى «التصالح والتسامح»، غير أن ما يدور على الأرض يتجاوز الحديث عن «التصالح والتسامح»، خصوصاً وأن تلك القوى مجتمعة فشلت في تنظيم فعالية موحدة منذ دخول «التحالف» اليمن، قبل أربع سنوات.
«المجلس الانتقالي» يسعى على جري عادته إلى إحياء الفعالية بطريقته، حيث نظم قبل يومين فعاليات متفرقة في عدد من مدن الجنوب، شملت الندوات وإقامة الأمسيات، على خلاف ما تعوّد عليه الجنوبيون خلال الأعوام الماضية من تنظيم مليونية حاشدة، يتمخض عنها بيان جامع وشامل يحدد الأهداف العامة لـ«الحراك الجنوبي»، ويحذر من مخاطر هدم مشروع «التصالح والتسامح».
قيادي في «الحراك الجنوبي»، فضّل عدم الكشف عن هويته، شرح لـ«العربي» أسباب تراجع القوى الجنوبية وعلى رأسها «الانتقالي» عن إحياء الفعالية، قائلاً: إن «التحالف يهدف إلى ضرب وحدة الجنوبيين، وممارساته على الأرض تكشف بكل وضوح هدم مشروع التصالح والتسامح الجنوبي».
ولفت إلى أن «تأسيس النخب والحزام بنكهة مناطقية بحتة أكبر دليل على إعادة الجنوب إلى مربع الصراع المناطقي»، مضيفاً أن «التحالف يهدف أيضاً إلى وأد أي تظاهرات شعبية في الشارع الجنوبي على غرار ما هو معمول به في دول الخليج، وذلك انسجاماً منه مع سياسة قادته (السعودية والامارات) الرافضة لحرية التعبير والتعددية وكل مبادئ الديمقراطية».
ذكرى ويقظة
بحسب متابعين، فإن ذكرى «التصالح والتسامح» لهذا العام أيقظت الجنوبيين، وقد عبَّر كثير من القيادات والنشطاء السياسيين عن خطورة ما يتعرض له الجنوب على أيدي إقليمية. عبَّر عن ذلك رئيس «المجلس الأعلى للحراك»، صلاح الشنفرة، حين دعا إلى «وحدة الصف الجنوبي وتلافي أخطاء الماضي، وهي أسباب ضرورية لاستعادة دولة الجنوب».
وصادفت الذكرى هذ العام رحيل القيادي البارز في «الحراك الجنوبي» اللواء محمد صالح طماح، الأمر الذي أضفى على بعداً عاطفياً تجسد في سيل من التغريدات والمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، وقد أجمعت بكليتها على ضرورة «التصالح والتسامح».
(العربي)